أكد دومينيك جوه سفير سنغافورة بالقاهرة أن بلاده ترتبط بعلاقات قوية للغاية مع مصر، خاصة وأن مصر كانت من أوائل الدول التى اعترفت باستقلال سنغافورة فى عام 1965، كما أشار إلى أنهم فى سنغافورة ينظرون إلى مصر بوصفها دولة مهمة و«قائدة» ورائدة فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، فضلا عن تمتعها بموقع إستراتيجى مهم مطل على قارة إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وبها قناة السويس، أهم مجرى ملاحى فى العالم.
وأضاف فى حوار خاص مع «الأهرام» أن «شركاتنا فى سنغافورة تنظر إلى مصر باعتبارها وجهة مهمة للاستثمار، وأيضا للتصدير من خلالها إلى الأسواق الإفريقية الأخرى، وأسواق الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن سنغافورة، التى تحتفل بعيدها الوطنى فى 9 أغسطس، تعد بالفعل رابع أكبر دولة آسيوية لديها استثمارات فى مصر.
لذلك، كان هذا الحوار مع سفير سنغافورة، والذى بدأه بالحديث عن حجم الاستثمارات والتجارة المتبادلة بين البلدين، فقال:
قيمة الاستثمارات تقدر بمبلغ مليار دولار حاليا، والتجارة البينية 600 مليون دولار، وأبرزها فى مجال اللوجيستيات.
وماذا تستورد سنغافورة من مصر، أو ما الذى تحتاج إليه أكثر؟
نستورد حاليا المنتجات الغذائية والخضراوات الطازجة، وأيضا الفاكهة، مثل العنب، لأننا لا نملك أرضا كافية للزراعة، ولذلك نستورد معظم احتياجاتنا الزراعية من الخارج، ولا توجد لدينا مشكلات على الإطلاق مع هذه السلع، بل لدينا أقسام كاملة فى محلات السوبر ماركت للمنتجات الغذائية المصرية، أذكر من بينها على سبيل المثال «الطحينة». كما تحتاج مصر من سنغافورة منتجات تكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات، خاصة وأن لدينا خبرات كبيرة فى هذا المجال.
هل توجد ترتيبات لزيارات متبادلة بين قادة البلدين قريبا؟
حاليا، لا توجد ترتيبات محددة، ولكن كانت هناك زيارة مخطط لها لوزير الخارجية السنغافورى لمصر فى مارس من العام الماضي، ولكنها تأجلت بسبب ظروف إغلاق معظم الدول بسبب كورونا، ونحن مهتمون بإتمام هذه الزيارة فور تحسن الأمور على مستوى العالم، وربما تتم الزيارة العام المقبل.
كيف يمكن زيادة حجم التعاون بين البلدين فى مجال التجارة والاستثمار؟
من الضرورى أن نشرح لرجال الأعمال فى البلدين الفرص الجيدة المتوافرة، ولذلك، تنظم سنغافورة الشهر المقبل مؤتمرا اقتصاديا «افتراضيا» لرجال الأعمال يحضره عدد من رجال الأعمال المصريين.
وماذا عن التعاون فى مجال السياحة، خاصة أن مصر وسنغافورة من أشهر الوجهات السياحية فى العالم؟
بالنسبة لسنغافورة، تعد مصر وجهة سياحية مهمة جدا، وقد سجلت الفترة من 2019 و2020 زيادة فى عدد السائحين القادمين من سنغافورة إلى مصر، وعندما أشاهد التليفزيون أرى كثيرا من الدعاية السياحية الرائعة لمصر، وبخاصة أخبار الاكتشافات الأثرية فى سقارة والأهرامات، فهذه الدعاية تجتذب السنغافوريين جدا، كما أن سنغافورة جاذبة، وهى مكان مناسب لاستكشاف جمال آسيا، ولكن للأسف كورونا تسببت فى إغلاق سنغافورة بالكامل الفترة الماضية، وعلينا أن ننتهى من كورونا أولا.
كيف واجهتم كورونا فى سنغافورة؟
الوضع الآن تحت السيطرة، فقد كنا حريصين جدا فى موضوع العزل الإجبارى والتباعد الاجتماعي، وفور ظهور حالة ما، كنا نتصل بجميع الأفراد المخالطين لهذه الحالة، ويتم عزلهم جميعا لمدة 14 يوما، ثم اختبارهم، وأهم ما لدينا العقوبات الصارمة التى نفرضها على مخالفى هذه الإجراءات، يساعد على ذلك أن كل سنغافورى لديه تطبيق على هاتفه المحمول يجعله دائما متصلا بالآخرين من حوله، ولذلك، فهو يعرف جيدا من الذين التقى بهم فى آخر 14 يوما ، والبعض فى البداية كانت لديه مشكلة مع هذا التطبيق بسبب الخصوصية، ولكن مع مرور الوقت تفهموا أهميته، خاصة مع الانتشار الكبير للمرض، فعلى الرغم من أن عدد سكان سنغافورة خمسة ملايين نسمة فقط، فإن هناك كثافة سكانية بسبب صغر مساحة الدولة، والآن لدينا 50% من الشعب تم تطعيمهم بالكامل، والمستهدف تطعيم 70% من السكان قبل نهاية أغسطس، ووقتها فقط، ستشعر الحكومة بالارتياح، وربما تفتح أبوابها مجددا للسياحة.
ماذا عن التعاون مع الأزهر الشريف؟
السنغافوريون يعتبرون الأزهر واحدا من أفضل الجامعات فى العالم الإسلامى فى مجال الدراسات الإسلامية، خاصة وأنه مؤسسة تدعم التسامح الدينى وتروج للإسلام المعتدل، وهذا هو النموذج الذى نفضله تماما فى سنغافورة، ولدينا حاليا 250 طالبا سنغافوريا فى الأزهر.
سنغافورة من الدول الآسيوية القليلة التى لم تشهد إرهابا، كيف ذلك؟
نعم، نحن محظوظون، والسبب أن أجهزتنا الأمنية يقظة، وتمكنت من إيقاف خطورة هذه العناصر قبل ارتكاب أى عمليات، خاصة وأننا مجتمع متعدد الأعراق، ومن الضرورى أن يتعايش الجميع فى تناغم وانسجام، وبالمناسبة، فالإرهابيون عندنا ليسوا فقط من المسلمين، ولكن كانت لدينا حالة مثلا منذ ثلاثة أشهر لمتهم غير مسلم كان يخطط لمهاجمة مسلمين، وهذا يهدد التناغم بين الأعراق الذى نريده ونحافظ عليه، ولذلك، نتعاون مع الأزهر فى تنظيم برنامج لتدريس الإسلام المعتدل لمدة عام كامل فى سنغافورة بقيادة محاضرين من الأزهر، وبمناهج من الأزهر، ونظرا لأن لدينا طلابا يدرسون الدراسات الإسلامية فى مدن إسلامية أخرى مثل المدينة المنورة، فإن كل اهتمامنا ينصب فى أنه عندما يعود هؤلاء إلى سنغافورة، يجب أن نكون متأكدين من أنهم لم يتبنوا أى أفكار متطرفة، وسيعيشون فى مجتمع متعدد الأعراق دون مشكلات.
إذن فأنتم تحاربون الفكر المتطرف منذ بداياته؟
نعم، والأزهر يساعدنا جيدا فى هذا الإطار، ولدينا أيضا مركز RRG، وهو متخصص فى التأهيل الدينى لنزع الأفكار المتطرفة من المسجونين، حيث يتم تدريبهم على تبنى الفكر الإسلامى الصحيح، ويمكن بعد ذلك فى حالة استجابتهم لهذا التأهيل أن يتم إطلاق سراحهم.
ما هو سر التنمية فى سنغافورة؟ هل هو التعليم؟ أم أنه لى كوان يو رئيس الوزراء الأشهر فى تاريخكم؟
عند الاستقلال، كانت سنغافورة مليئة بالمشكلات والأزمات، فكانت لدينا أوضاع اقتصادية صعبة، ونزاعات عرقية كثيرة، وإرهاب شيوعي، وكان متوسط دخل الفرد لا يتعدى 400 دولار سنويا، وعندما جاء لى كوان يو إلى الحكم، كرس جهده هو ووزراء حكومته لبناء وتطوير سنغافورة ودفعها للأمام، وركزوا على ثلاثة أشياء محددة: تطوير التعليم، وإنشاء البنية الأساسية، وتوفير الاستقرار، وذلك من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية، فالاستقرار مطلوب أولا قبل أى شيء لجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل، والبنية الأساسية مطلوبة أيضا لجذب الاستثمارات، ولكى يكون لديك عمالة مدربة يجب أن يكون لديك تعليم جيد، والآن، أنا أرى أن مصر مستقرة جدا أمنيا، فلا توجد عمليات إرهابية منذ فترة، كما يوجد الآن تركيز على البنية الأساسية، وتطوير للتعليم، ونساعد فى هذا المجال عبر مشروعات تدريب العاملين فى مجال تكنولوجيا المعلومات.
رابط دائم: