-
السويد سوق العلوم الطبية الأكثر ديناميكية فى شمال أوروبا .. والدليل «أسترازينيكا»
أكد السفير السويدى فى القاهرة هوكان إيمسجورد أن مصر تعد شريكا عالميا وإقليميا وثيقا للسويد، وقال إن حجر الزاوية فى العلاقة بين البلدين هو الالتزام المتبادل بخطة 2030 وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشاد السفير فى حوار مع «الأهرام» بدور مصر فى ترسيخ السلام الإقليمى والعالمى، وبمبادرة مصر الطموحة لإعادة إعمار قطاع غزة، ونوه أيضا إلى جهود السويد والاتحاد الأوروبى لدعم الوساطة التى يقودها الاتحاد الإفريقى لإيجاد حل مستدام لمشكلة سد النهضة مع إثيوبيا.
كما أعلن عن خطة استنفار لمواجهة الموجة الرابعة من فيروس كورونا المتوقعة فى الخريف القادم، باعتبار السويد مصنعا رئيسيا للقاح «أسترازينيكا» بجانب بريطانيا.
فى ضوء التزام السويد بأهداف التنمية المستدامة فى مصر، ما هى أهم المشروعات التى تعمل السويد على تنفيذها حالياً مع مصر؟
تعد مصر شريكا عالميا وإقليميا وثيقا للسويد، ونحن نسعى دائما للحفاظ على العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين التى تعود إلى قرون ماضية، فقد شهدنا زيادة فى حجم التبادل الثنائى خلال السنوات الماضية من خلال زيارات رفيعة المستوى لكل من القاهرة وستوكهولم، ويعد الالتزام المتبادل بين السويد ومصر بخطة 2030 وأهداف التنمية المستدامة حجر الزاوية فى علاقتنا، وتتعاون سفارة السويد فى القاهرة مع الحكومة المصرية والمجتمع المدنى والقطاع الخاص، بما فى ذلك الشركات السويدية النشطة فى مصر، لتقريب بلداننا، ولبناء منصات للتعاون.
بعد ثورة 30 يونيو، كيف ترى السويد مسار مصر الحالى؟
مصر هى واحدة من أهم الدول التى نجرى معها محادثات فى المحافل الدولية، مثل مجلس الأمن، لأن مصر تلعب دورا قويا محوريا متعدد الأطراف على الساحة الدولية. وقد كانت السويد شريكًا استراتيجيًا لمنتدى أسوان خلال نسختين، الأولى فى عام 2019، ثم فى مارس الماضى، وعلاوة على ذلك، يتعاون منتدى أسوان أيضًا بشكل وثيق مع منتدى ستوكهولم للسلام والتنمية، الذى ينظمه سنويًا منتدى ستوكهولم الدولى منذ عام 2014 مع معهد أبحاث السلام «سيبرى» ووزارة الخارجية السويدية، وفى وقت سابق من هذا العام، استضافت السفارة السويدية حلقة نقاشية مع مركز القاهرة الدولى لحل النزاعات وحفظ السلام وبناء السلام تحت عنوان «تعزيز جهود بناء السلام للاتحاد الإفريقى: الطريق إلى الأمام معًا».
كيف ترون اتجاهات مصر فى التعامل مع ملفات السياسة الخارجية؟
فى الواقع، يقوم دور مصر فى ترسيخ السلام الإقليمى والعالمى على عدة حقائق، على رأسها موقع مصر ومكانتها المرموقة، وثقلها السياسى والاقتصادى، ومخزونها المعرفى والحضارى على مدى سبعة آلاف عام.
وفيما يتعلق بغزة، تظل السويد من أشد المؤيدين لحل الدولتين، مثلما أصدرت مصر مبادرة طموحة لإعادة بناء غزة، فتعتبر السويد الممول الأكبر لـ«الأونروا».
وفيما يتعلق بقضية سد النهضة، تواصل السويد والاتحاد الأوروبى دعم جهود الوساطة التى يقودها الاتحاد الإفريقى لإيجاد حل سلمى ومستدام لصالح جميع الأطراف فى حوض النيل.
هل يمكن أن تعطينا نبذة عن الاستثمار والعلاقات التجارية بين البلدين فى الوقت الحالى؟
العلاقات التجارية بين السويد ومصر طويلة الأمد، فمصر هى أكبر شريك تجارى سويدى، سواء فى الشرق الأوسط أو فى إفريقيا، وهناك أكثر من 30 شركة سويدية نشطة حاليًا فى مصر، وتشير تقديراتنا إلى أن هناك أكثر من 15 ألف وظيفة يتم توفيرها مباشرة من قبل هذه الشركات السويدية التى تعمل على تعزيز القيم السويدية الرئيسية مثل الابتكار والمساواة والاستدامة.
بالنظر إلى جائحة كوفيد 19 ومسألة توفير اللقاحات، كيف تتعاون السويد مع مصر فى قطاع الرعاية الصحية؟ وماذا عن الموجة الرابعة لكورونا؟
العديد من التحديات التى تواجه العالم اليوم تتعلق بالصحة، ويعد كوفيد 19 تذكيرا واضحا باحتياجات الرعاية الصحية اليوم والمستقبل، وتؤمن السويد أيضًا بالمساواة فى توزيع اللقاحات، لهذا السبب تظل السويد أكبر مساهم عن طريق مبادرة «كوفاكس» التى تعمل على توفير اللقاحات على الصعيد العالمى بشكل منصف.
وقد كان أمرا مدهشا أن نرى أن القطاع الخاص والحكومات اجتمعوا وتمكنوا من تطوير لقاحات لكوفيد 19 فى وقت قياسى، وإحدى هذه الشركات هى شركة أسترازينيكا السويدية - البريطانية، وتعد السويد سوق العلوم الطبية الأكثر ديناميكية فى شمال أوروبا، بما لديها من قوة الابتكار والإبداع المشترك، وهى المكان الذى يجتمع فيه رجال الأعمال والشركات متعددة الجنسيات والباحثون فى جبهة موحدة لمعالجة مشاكل الرعاية الصحية الحالية. وخلال عام 2020، أطلق مجلس التجارة والاستثمار السويدى والسفارة السويدية دراسة حول اتجاهات الرعاية الصحية وفرص الاستثمار فى مصر، بالإضافة إلى المشروعات الضخمة القادمة والإصلاحات الحكومية المتعلقة بقطاع الرعاية الصحية، وأعربت حوالى خمسين شركة سويدية عن اهتمامها بمصر، والسويد من أوائل الدول التى تصدت للفيروس فى تصنيع اللقاح وتطعيم المواطنين فوق سن ١٨ سنة، والتى وصلت نسبتها عندنا إلى ٥٠%.
ما هى أوجه التعاون بين السويد ومصر فى المجالات العلمية خاصة بعد كوفيد 19؟
الآن أكثر من أى وقت مضى، أصبحت هناك حاجة إلى الابتكار الطبى والتكنولوجى فى مجال الرعاية الصحية.
وأقدم لك مثالاً واحدًا نفخر به فى هذا المجال، فقد أطلقت معاهد الأبحاث السويدية برنامج زمالة الابتكار الإكلينيكى لأول مرة فى مصر، بالاشتراك مع مؤسسة «إنباكت»، ومن بين ثمانين متقدمًا من جميع أنحاء مصر، تم اختيار ثمانية مشاركين من ذوى الخلفيات المختلفة فى الطب والهندسة والتصميم للعمل فى فريقين متعددى التخصصات طوال النسخة الأولى من البرنامج، وتضمن البرنامج فرصة فريدة لدفع ابتكار الرعاية الصحية من خلال قضاء ستة أسابيع بمستشفى لسرطان الأطفال فى مصر، حيث تفاعل المشاركون مع أخصائيى الرعاية الصحية والمرضى خلال الممارسة الطبية اليومية، والآن لدينا النسخة الثانية من برنامج زمالة الابتكار الإكلينيكى.
كيف تعمل مصر والسويد معاً لتطوير قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة والنقل والتكنولوجيا؟
تحرص السويد بشدة على تطوير وتعميق تعاونها مع مصر، بما فى ذلك فى مجالات النقل والطاقة ومصادر الطاقة المتجددة، وتتخذ مصر خطوات كبيرة لتصبح مركزًا للطاقة فى المنطقة، والطاقة المتجددة - كما هو الحال فى مصر - هى سمة بارزة فى مزيج الطاقة فى السويد، لأن 60% من طاقتنا تأتى من مصادر متجددة، ونسعى جاهدين لتصبح السويد خالية تمامًا من مصادر الطاقة غير المتجددة بحلول عام 2045.
إن تقدم مصر فى مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مثير للإعجاب، وستكون تدابير الحفاظ على الطاقة مجالاً مهمًا للتعاون فى المستقبل، ونحن نشارك خبرتنا ومعرفتنا التقنية مع شركاء مصريين، ونقدم منحًا للدراسات الفنية وما إلى ذلك، كما تشترك كل من السويد ومصر فى أجندة مشتركة لخلق أنظمة نقل أكثر فعالية وأماناً، فسلامة الطرق والمرور تهم الجميع، وأن تكون قادرًا على الذهاب بسهولة وبشكل أوفر مادياً إلى المدرسة أو العمل وغيرهما هو جزء من اهتماماتنا اليومية، وحاليا، يجرى صندوق التمويل السويدى Swedfund، وهو ذراع تمويل التنمية للحكومة السويدية، مناقشات مع وزارة التعاون الدولى والشركة المصرية لنقل الكهرباء التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، لإجراء دراسات حول كيفية تطوير شبكة النقل فى مصر، وهذا المجال تملك السويد فيه خبرة كبيرة، وتعد من بين الأفضل فى العالم .
ما هى مشروعاتك فى مصر لتشجيع المواهب والكفاءات؟
تقدم مؤسسات التعليم السويدية آلاف البرامج للطلاب فى جميع أنحاء العالم، والعديد من هذه المنح الدراسية والزمالات والمنح متاحة للطلاب المصريين. يمكن الوصول إلى هذه البرامج من خلال موقع Study in Sweden.
وماذا عن مساهمتكم فى مجال تنمية القرى فى مصر سواء بالخبرة أو الدعم اللوجيستى؟
السويد لديها برنامج إنمائى قوى طويل الأجل فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما فى ذلك مصر بالطبع، ومن بين الأمثلة، فى محافظة الإسماعيلية، تمول الوكالة السويدية للتنمية الدولية مشروعًا تتم فيه معالجة مياه الصرف الصحى لاستخدامها فى الرى، وفى محافظة المنيا، تخرجت 37 مزارعة مصرية من مدارس المزارعين الحقلية، وقدم هذا النشاط الممول من الوكالة السويدية للتنمية الدولية ممارسات زراعية جيدة بهدف تعزيز إنتاجية المياه وكفاءة المحاصيل.
وماذا عن التعاون السياحى؟
السياحة صناعة رئيسية فى مصر، ويمكننا أن نلاحظ الجهود الكبيرة التى يبذلها وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العنانى، خاصة خلال هذه الظروف الصعبة، بما فى ذلك على سبيل المثال الجولات الافتراضية الشيقة لبعض الوجهات السياحية الخلابة فى مصر، وسعدنا كثيرا بافتتاح المتحف القومى للحضارة المصرية، والمسيرة الذهبية لموكب المومياوات، كما ننتظر بفارغ الصبر افتتاح المتحف المصرى الكبير، ومن المقرر أن تظل مصر وجهة مهمة للمسافرين السويديين، وخلال السنوات الماضية كانت مصر ثانى أكبر وجهة سياحية لهم خارج الاتحاد الأوروبى، فكان يزورها حوالى 120 ألف سويدى سنويا قبل انتشار الوباء.
رابط دائم: