رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إسرائيل ــ إيران..هل حان وقت تغيير قواعد اللعبة؟

تتحرك حاليا طهران نحو مفترق طرق جديد وتاريخي، بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية وقرب إحياء الاتفاق النووى مع الغرب واستمرار شكوك الاقتراب الإيرانى من امتلاك قدرة نووية عسكرية، وهو ما قد يتم بالفعل ويصبح تحت تصرف قائد أعلى جديد للثورة, نظرا لتدهور صحة خامنئي. فما موقف تل أبيب من تلك التغييرات الرابضة على الأبواب؟ وهل لديها مساحة تحرك خارج إطار العم سام؟.

القديم فى المعادلة أو اللعبة بين تل أبيب وطهران هو أن إيران راغبة بشدة، ونجحت فى التمدد وبسط النفوذ والهيمنة وتحقيق اختراق واسع فى اليمن وسوريا وقبلهما لبنان والعراق. تل أبيب من جهتها حرصت ولسنوات على اتباع سياسة الغموض، وليس الردع فى مواجهة هاجس أو كابوس سعى إيران لامتلاك سلاح نووي.

نيتانياهو سابقا وبينيت حاليا راقبا إصرار الغرب مدعوما من إدارة بايدن على إحياء الاتفاق النووى مع إيران، ولذا قررت إسرائيل التصعيد بضربات متكررة فى سوريا، وضد ناقلات إيرانية وأخيرا سفينة مهام استخباراتية تابعة للبحرية الإيرانية، فضلا عن تسريبات بشأن مسئولية تل أبيب المباشرة عن الهجوم الذى أعطب مفاعل نطنز، وهو ما دفع وزير الدفاع بينى جانتس لبدء تحقيقات حول التسريبات التى تنتهك سياسة الغموض، وهو ما شدد عليه أيضا نائب رئيس الأركان السابق وعضو الكنيست يائير جولان فى تصريحات أدلى بها لراديو إسرائيل قال فيها: نشهد حاليا ظاهرة بالغة الخطورة حيث نجد استغلالا سياسيا لعمليات سرية ضد إيران.

ويجدر بنا ونحن نبحث عن المتغير فى قواعد اللعبة أو المواجهة المكتومة المقارنة بحرب الناقلات فى الثمانينيات بين العراق الذى فقد ميناء تصديره الوحيد للنفط فسعى لمنع إيران من تصدير بترولها، وبين إيران التى اتهمت دول الخليج بشكل عام والكويت بشكل خاص بدعم العراق، وهى الحرب التى امتدت لسنوات واستهدفت مئات السفن وخلفت مئات القتلى من الأطقم البحرية. وبالطبع أكسبت إيران خبرة تمنح ولو نظريا تفوقا نوعيا لإيران فى المواجهة الحالية التى تحرص تل أبيب وطهران على أن تكون تحت السيطرة فالمشترك بين الهجمات سواء التى تمت فى الخليج العربى أو بحر العرب أو البحر الأحمر أنها لم تسفر عن غرق سفينة واحدة، وبالتالى تكاد تكون بلا خسائر بشرية، فضلا عن عدم إعلان أى من الطرفين مسئوليته ولو عن هجوم واحد.

ومن القواعد الجديدة غير المكتوبة، لكنها مرعية من الجانبين حتى اللحظة عدم الضرب المباشر داخل إسرائيل وندرة الهجمات المباشرة داخل إيران، رغم استهداف مواقع مدنية واقتصادية كبرى داخل السعودية، وملاحقة أذرع إيران فى سوريا والعراق.

المتغير الأبرز فى هذا السياق هو زيادة ايقاع ووتيرة الهجمات المتبادلة مما قد يتسبب فى كوارث أخرى ـــ فى حجم إسقاط طهران للطائرة المدنية الأوكرانية ـــ قد تكون غير مقصودة، واعتراف إيران بتخريب متعمد لقاعة من قاعات مفاعل نطنز. مما يستوجب ردا إيرانيا بنفس الحجم فى مواجهة إسرائيل، وهو ما استوعبته إيران أو التفت حوله بالإعلان عن زيادة نسبة التخصيب لتصل إلى 60% مقتربة أكثر وأكثر من نسبة تخصيب تتيح لها امتلاك أسلحة نووية وهى 90% مما يمثل نوعا من المزايدة وضغطا على أطقم المفاوضات المتعثرة فى فيينا مع الولايات المتحدة والغرب.

أما على صعيد التحالف الأمريكى - الإسرائيلى فيمكن القول إنه استمرارا لموقف حكومة نيتانياهو فإن حكومة بينيت تحاول التمايز عن مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو ما يمكن تفسيره بأحد احتمالين أولا رغبة ومصلحة إسرائيلية فى إفساد المفاوضات، وثانيا أن الثرثرة والتصعيد الإسرائيلى ضد إيران على أكثر من جبهة بشكل متزامن يتم بالتنسيق الكامل مع واشنطن كورقة ضغط يستفيد منها طاقم التفاوض ويخلق حلحلة تنهى الجمود السائد على المسار السياسي. وتجدر الإشارة فى النهاية إلى تأثير سحب تدريجى وشامل لقوات أمريكية متمركزة فى الخليج والعراق من ناحية وأفغانستان من ناحية أخرى مما يعطى أريحية ما لطهران، وينتج عنه بالضرورة فراغ تستعد له مبكرا أطراف عدة بشكل جيد وليس فقط إسرائيل التى اتاحت لها اتفاقات السلام التحرك السياسى والأمنى العلنى فى قلب الخليج، فالإمارات جادة فى إخراج صفقة مقاتلات الـ «إف 35» من جمودها.

وعززت مصر من علاقاتها وتعاونها مع العراق والأردن بالإضافة إلى التنسيق الكبير فى المواقف مع الأشقاء فى مجلس التعاون الخليجي، ومراقبة تقدم الالتزام القطرى بمخرجات قمة العلا، ومتابعة تغير تدريجى ومستمر فى سياسات أنقرة. ويمكن فى هذا السياق أن تفيد الخبرة الأمنية المصرية بما تتمتع به حاليا من أريحية نتيجة لتنامى قوة وجاهزية القوات المسلحة، وتجاوز الأزمات الاقتصادية والخدمية الطاحنة لعقود، وكذلك نشاط غير مسبوق للدبلوماسية المصرية فى قصر التحرير حسبما تصف وكالات الأنباء مقر وزارة الخارجية. حتى لا نجد فى النهاية أنفسنا أمام سيناريو (تكرر تاريخيا) تتولى فيه قوة عظمى، الولايات المتحدة، بمعاونة ذراعها الإقليمية، إسرائيل, التعامل مع الملف النووى الإيرانى ثم فجأة تغض الطرف عن وصول طهران لقدرات عسكرية نووية تلحق ضررا مباشرا بالأمن القومى العربى بشكل عام وبدول الخليج بشكل خاص.


لمزيد من مقالات د. أحمد فؤاد أنور

رابط دائم: