رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«تبا لكم»!

«أنا مكسوف من نفسى، وأعتذر بشدة عما فعلته»!

بهذه الكلمات، تحدث الشاب الأمريكى بول هودجكينز أمام القاضى الذى كان يحاكمه فى قضية اقتحام مبنى «الكابيتول هيل»، حيث كان هودجكينز – 38 عاما – هو فعليا أول من ضبطته الكاميرات وهو يدخل المبنى احتجاجا على فوز بايدن بانتخابات الرئاسة على حساب ترامب.

هودجكينز ظهر فى المحكمة بمظهر مغاير تماما لما ظهر عليه خلال عملية الاقتحام، فلم يكن فوضويا، ولا بذيئا، ولا عدوانيا، بل كان شديد الأدب والتواضع، مرتديا جاكيت بدلة، وكان «منكسرا» وهو يتوسل إلى القاضى لكى يعفو عنه لكى يستطيع أن يعود إلى عمله، ولكى لا «ينطرد» من سكنه!

المتهم «انطس» 8 شهور حبس، وغرامة 2000 دولار فقط قيمة التلفيات التى أحدثها بقاعة مجلس الشيوخ، ولكنها عقوبة مخففة، حيث كان من الممكن أن يصدر ضده حكم أشد من ذلك، لو كان قد أظهر ما يفيد بأنه يصر على أنه كان على صواب فيما فعله، ولكن اعتذاراته وأقواله أمام المحكمة، كانت وراء تخفيف الحكم إلى ثمانية أشهر، بعد إدانته بتهمة «الشغب» أو «خرق القوانين»، بدلا من «الإرهاب»، وهو ما يعنى أن الأحكام التى ستصدر على مئات المقتحمين الآخرين غيره، لن تتخطى هذه المدة من الحبس، بعد أن كان متوقعا أن تصدر أحكام بالسجن تصل إلى عام ونصف العام لكثير منهم، وهى المدة التى طلبها الادعاء بحق 550 مقبوضا عليهم، رغم أن القانون «على الورق» يعاقبهم بالحبس عشرين عاما!

هودجكينز كان قد اقتحم مبنى الكونجرس يوم 6 يناير الماضى، وأمضى نحو ربع الساعة داخل قاعة مجلس الشيوخ مرتديا «تى شيرت» عليه صورة ترامب، وحاملا معه علما يشير إلى حملة ترامب، وذلك بهدف تعطيل إجراءات «الشيوخ» بشأن نتيجة الانتخابات.

الادعاء العام، رأى أن عقوبة السجن من شأنها وقف أى عنف سياسى مستقبلا، وتوجيه رسالة قوية تحذر أولئك الذين يفكرون فى القيام بأعمال مماثلة فى أى وقت، ولكن القاضى راندولف موس لم يقتنع بهذا الدفع، معتبرا أن المتهم شارك فى اعتداء خطير حقا ضد الديمقراطية، ولكنه يستحق معاملة أكثر لينا، نظرا لأنه اعترف سريعا بأنه «مذنب»، ولم يشارك فى أى عمل عنيف، بل وأصدر «اعتذارا حقيقيا». الادعاء، الذى كانت تمثله امرأة اسمها منى صدقى، كان يطالب المحكمة بتصنيف المتهم على أنه ارتكب «نوعا من أنواع الإرهاب المحلى»، حتى وإن لم يكن «إرهابيا» فعليا، ولكن القاضى أوضح أنه يريد إحداث توازن بين معاقبة المتسببين فى هذا العمل المروع ضد الكونجرس وبين أن تقتصر عقوبة هودجكينز على ما بدر منه فقط، رغم اعترافه بأن ما حدث ستكون له تأثيرات تتخطى أحداث ذلك اليوم، بل وتمتد لعقود قادمة، حيث قال إنه لا يرى فيه خطرا أو «شيطانا»، فضلا عن أنه شخصيا يقر بأن ما حدث كان أسوأ شيء فعله فى حياته.

هودجكينز، وهو سائق ونش من فلوريدا، تحدث للقاضى لعشر دقائق قال فيها: «أعتذر عما فعلت، وأتوسل إليك لإخراجى من السجن»، مشيرا إلى أنه جاء إلى واشنطن العاصمة فى ذلك اليوم بهدف دعم «الرئيس الذى أحبه»، ولكى يشارك فى مسيرة أمام الكونجرس، ولم يكن يتوقع أو يخطط لاقتحام المبنى.

والأهم من ذلك أنه أقر أمام المحكمة بأن بايدن هو الرئيس الشرعى، بل ووعد القاضى بمواظبة الذهاب إلى الكنيسة، وبالتوقف عن شرب الكحول، بل وبالحصول أيضا على تطعيم كورونا!

.. «انتهت الحكاية».

أمريكا بجلالة قدرها اهتزت وارتعدت وظنت أنها فى طريقها للانهيار بسبب «سائق ونش» كل جريمته أنه دخل مجلس الشيوخ و«تمشي» فيه قليلا وهو يحمل علما، ويقول الآن «آسف مش هاعمل كدة تاني»!

«الديمقراطية» الأمريكية كلها، كما ذكر القاضى، كانت مهددة، وممن؟ من شاب لا يحمل سلاحا، ولا حتى «عصاية مقشة»، ومعه 550 بنى آدم آخرون فقط لا غير! بهذه المناسبة، أعرف بلدا كان مهددا بإرهابيين جاءوا إليه من مختلف أقطار الأرض، تساندهم عدة دول، وممولين بمليارات الدولارات، ومسلحين بالرشاشات والجرينوف والقذائف المضادة للطائرات، وكانت مهمتهم قتل 100 مليون شخص، وقتلوا وسفكوا وحرقوا، وكانوا يشيرون حتى داخل محبسهم بعلامة الذبح ومع ذلك، تطالب صحف أمريكية حتى يومنا هذا بالإفراج عنهم، وتصفهم بـ«المعارضة»، وتتهم من اعتقلهم بـ«القمع» والديكتاتورية، وتحرض قادة أمريكا على قطع علاقتها بهذا البلد أو «تقطيع» هذا البد!

.. والله العظيم «تبا لكم»!


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: