رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اختارى عريسك!

لا صالونات نافعة، ولا أنتريهات شافعة، ولا العريس «اللقطة» دائما «لقطة»!

لا «الواد الملزق» يصنع بيتا، ولا الشاب الروش يبنى أسرة، ولا الراجل الجاهز من مجاميعه يضمن السعادة.

مواصفات قد تسعد بها الفتاة فى البداية، ولكن النهايات كثيرا ما تكون مأساوية.

اختارى «قرينك» جيدا، اكتشفيه، توقعيه، نقبى عنه من بين آلاف الشبان.

التقطى الشاب الناجح، صاحب المستقبل الباهر، افعلى كما كان يفعل «عبده البقال»، أشهر كشافى الأهلى قديما، عندما كان ينقب عن المواهب الكروية فى الشوارع والحوارى والقرى، ومن بينهم جاء الضظوى وطه إسماعيل وشطة!

بالعقل كده، الشاب أبو شقة وعربية ووظيفة ودخل ثابت، ليس سوى «شبه راجل»، لأنك تعرفين جيدا أن «بابا وماما» ها يصرفوا عليه، وعليكى، وفى المقابل، العريس «المقتدر» لن يقل عمره بكل تأكيد عن 45 عاما، حسب ما أهدره من عمره لكى «يكون نفسه».

استخدمى عينك الثاقبة، وانسى حكاية أن الحب يأتى بعد الزواج، فهذا ليس حبا، بل «أمر واقع»، وخداع للنفس!

انسى حكاية أن «الفقر إذا دخل من الباب، هرب الحب من الشباك»، فأنا أعرف، وأنت أيضا تعرفين بيوتا يملك أصحابها ملايين الجنيهات، من أرصدة وعقارات وأطيان، وتحسدها الأعين «الغبية»، ولكنها فى واقع الأمر لا تعرف للسعادة عنوانا.

جيهان السادات قدمت الدرس، بالمجان، ولم يستوعبه أحد، فقد أحبت أنور السادات وهو لا يملك قوت يومه!

فتاة جميلة من أسرة ميسورة، والدها جامعى مصرى، ووالدتها إنجليزية، ترى فى «أنور» عريسا مثاليا، وفتى أحلامها، وهو عاطل فقير أشعث أغبر، لا وظيفة له، ولا محل إقامة، ولا يتمتع بأى وسامة، ومفصول من الخدمة، ولديه زوجة وأبناء!

لو أسرة من هذا النوع فى أيامنا هذه، ما هو نوع «العريس» الذى يمكن أن تقبله زوجا لابنتها؟

جيهان قالت إنها اختارته لأنه «وطنى»، فقد سمعت عن بطولاته من قبل أن تلقاه، فأحبته، وتمنت أن تكون رفيقة عمره، مهما تكن الفوارق.

تخيلوا؟ حب الوطن، يمكن أن يكون معيارا أساسيا، بل وحيدا، لاختيار شريك حياة؟ أى تفكير هذا؟ وأى شخصية تلك التى فقدناها؟

هل هى مصادفة أن تحب جيهان «أنور» وهو بلا عمل وبلا مستقبل، وتودعه وهو رئيس جمهورية غير تاريخ وجغرافيا مصر والمنطقة والعالم؟!

وكما كان «أنور» زعيما أسطوريا وقائدا عبقريا، كانت جيهان أيضا زوجة من نوع خاص، وأما غير تقليدية، فقد شاركته خططه وأفكاره قراراته، وفى حرب 73، كان لها دور بارز فى «الهلال الأحمر»، وفى فترة السلم، كان لها دور رائد فى الدفاع عن المرأة وفى إطلاق حملة تنظيم الأسرة، فكما سبق «أنور» عصره وأقرانه، سبقت جيهان عصرها وأقرانها، فكانت نموذجا فريدا لـ«السيدة الأولى»، مصريا وعربيا وعالميا، وبعد استشهاده، وقفت شامخة كالجبل فى جنازته تتلقى العزاء، بعد أن تحملت فى رئاسته إهانات وافتراءات لا تطاق، بعضها ممن كانوا يعتلون منابر، وكانت هى بكل تأكيد أفضل وأشرف من كل لاعنيها، فلم تكن تهمتها هى وزوجها سوى أنهما سبقا عصرهما، وشاهدا المستقبل، ويا لها من تهمة!

جيهان اختارت من أحبته، وأحبت من اختارته.

اختارته «وطنيا»، وها قد وصلنا إلى زمن لا تخجل فيه فتيات وأسر من قبول حبيب أو عريس أو زوج فاسد أو مرتش أو متطرف أو هربان من التجنيد.

قالوا إن المثالية سذاجة وتكلف، ولكن جيهان أثبتت عكس ذلك.

قالوا إن الرومانسية انقرضت من عالمنا كالديناصورات، ولكن «مدام سادات» كما أطلقوا عليها فى الغرب، أكدت أن الرومانسية حية لم تمت، ولكنها تبحث عمن يستحقها.

قالوا إن عصر الحب والغرام والهيام وأغانى عبد الوهاب وحليم أصبح «موضة قديمة»، ولكن السيدة التى رحلت عن عالمنا قبل أيام، أثبتت صحة هذا الكلام فى زمن تردد فيه البنات والأمهات أمثلة بلهاء من نوعية «ما يعيبش الراجل غير جيبه»، و«بفلوسك، بنت السلطان عروسك»!

قالته تلك التى نشأت فى كنف ثقافة غربية مادية بحتة أعمدتها البراجماتية، وجدرانها الرأسمالية، وديكوراتها الداخلية مقولة جورج برنارد شو «نقص المال هو سبب كل الشرور»!

قالته، وأثبتته بالتجربة والحقائق والتاريخ.

لا أحد يعلم الغيب يا فتاتى، ولكن خذى الـRisk، واختارى المستقبل كما فعلت «جيهان»!

ويبقى سؤال: ماذا تفعل أى أسرة مصرية فى زماننا هذا لو تقدم لها «عريس» كل مؤهلاته أنه «يحب مصر»؟!


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: