رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

جوناثان كوهين السفير الأمريكى بالقاهرة فى حوار للأهرام : شراكتنا الإستراتيجية حيوية للدولتين .. والتعاون مستمر عبر إدارات ثمانية رؤساء أمريكيين

أجرى الحوار : هـانى عسل
جوناثان كوهين السفير الأمريكى بالقاهرة

لعلها مفارقة مثيرة أن تتزامن احتفالات مصر بمرور ثمانى سنوات على ثورة 30 يونيو، مع احتفالات عيد الاستقلال الأمريكى الذى يوافق 4 يوليو، والتى تأتى فى عام شديد الخصوصية على الشعب الأمريكى بعد عام الانتخابات الرئاسية وما شهده وتبعه من أحداث.

ويأتى هذا التزامن أيضا فى وقت تشهد فيه العلاقات المصرية – الأمريكية تناغما رائعا، وبخاصة بعد الدور المهم الذى قامت به مصر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والذى أعقبه تواصل رفيع المستوى بين الإدارتين، سواء بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره جو بايدن، أو من خلال زيارة وزير الخارجية أنتونى بلينكن للقاهرة، إيذانا بانطلاقة جديدة بين البلدين اللذين يرتبطان بعلاقة مشاركة استراتيجية، أثبتت أنها أقوى من تقلبات العلاقات، إذ لا تزال أوجه الاتفاق والتوافق والتنسيق والمصالح المشتركة تتغلب فيها على نقاط الخلاف.

لذا، كان هذا الحوار الذى أجرته «الأهرام» مع جوناثان كوهين سفير الولايات المتحدة بالقاهرة، للحديث عن الجوانب المختلفة للعلاقات بين القاهرة وواشنطن، خاصة فى ضوء أنه عمل فى ظل إدارتين أمريكيتين متعاقبتين، إذ تم تعيينه فى عام 2019.

وإلى تفاصيل الحوار..ترتبط مصر والولايات المتحدة بعلاقة شراكة استراتيجية، هل تعتقد أن هذه العلاقة تأثرت بتغيير الإدارة الأمريكية من دونالد ترامب إلى جو بايدن؟

بداية، شكراً لإتاحة الفرصة لى لمشاركة أفكارى معكم ومع قرائكم، وبالتأكيد، تُعد الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر أمرًا حيويًا لكل من الدولتين، وتمتد على مدى عقود، وقد تعاونا مع بعضنا البعض يوميا عبر إدارات ثمانية رؤساء أمريكيين على أجندة واسعة، بداية من دور مصر الرائد فى تعزيز السلام فى الشرق الأوسط، وخلال الفترة التى قضيتها فى مصر، عملنا معًا بشكل وثيق على قضايا إقليمية، والأمن البحرى، وترويج التجارة والاستثمار، والقضايا البيئية، ومكافحة الإرهاب، والتعليم، والتبادلات الثقافية ومجموعة متنوعة من القضايا الأخرى، ويشمل هذا العمل إدارتى ترامب وبايدن.

كيف ترى الدور السياسى الذى لعبته مصر فى تهدئة الوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهل هناك اتفاق بين القاهرة وواشنطن لاستئناف مفاوضات السلام قريبا ؟

عندما تحدث الرئيس بايدن والرئيس السيسى الشهر الماضى، شكر الرئيس بايدن مصر على دبلوماسيتها الناجحة والتنسيق مع الولايات المتحدة لإنهاء الأعمال العدائية الأخيرة فى إسرائيل وغزة وضمان عدم تكرار العنف، وتشاور الزعيمان حول الحاجة الملحة لإيصال المساعدات الإنسانية لمن يحتاجونها فى غزة، ودعم جهود إعادة البناء بطريقة تفيد الناس هناك، وليس حماس، وطلب الرئيس بايدن من وزير الخارجية أنتونى بلينكن زيارة المنطقة لمتابعة هذه الاحتياجات العاجلة، وبالطبع جاء الوزير بلينكن إلى مصر، حيث نقل مرة أخرى تقدير الرئيس بايدن للرئيس السيسى لجهود الوساطة المصرية الحاسمة لدعم وقف إطلاق النار فى غزة، كما ناقشا سبل إعادة بناء غزة دون إفادة المنظمات المعارضة للسلام، ونتطلع إلى استمرار الجهود للمضى قدمًا نحو المفاوضات من أجل حل الدولتين.

هل لك أن تخبرنا عن حجم المشاركة الأمريكية فى المشروعات الكبرى مثل محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، خاصة أن هناك مشاركة كبيرة لدول مثل الصين وروسيا وكوريا الجنوبية؟

تشيد الولايات المتحدة بجهود الحكومة المصرية لتطوير وتوسعة البنية التحتية لمصر لتمكين النمو الاقتصادى المستدام، وتقوم الشركات الأمريكية الرائدة فى مجال المعلومات والاتصالات والطاقة والبنية التحتية بتنفيذ مشروعات فى منطقة قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، وغيرها من المناطق الأخرى فى مصر، ولدينا فريق تجارى واقتصادى نشيط للغاية فى السفارة يدعم الشركات الأمريكية لنقل التكنولوجيا وخبراتها الفنية ذات الكفاءة المعترف بها لمساعدة مصر على تحقيق أهدافها التنموية بما يفيد الشعبين الأمريكى والمصرى، وتُعد غرفة التجارة الأمريكية فى مصر(AmCham)، أحد أقدم التجمعات التجارية وأكثرها فاعلية فى المنطقة، وشريكا مهما فى تعزيز الشراكات التجارية بين بلدينا.

هل أنت راض عن حجم التبادل التجارى الحالى بين مصر والولايات المتحدة؟ ألا ترى أن هناك مجالات جديدة نتعاون فيها؟

هدفى هو تنمية علاقاتنا التجارية والاستثمارية بشكل مستمر، فمصر تعد أكبر سوق تصدير لنا فى إفريقيا، ورابع أكبر سوق فى الشرق الأوسط، بينما تعد الولايات المتحدة ثانى أكبر شريك تجارى لمصر، وقد نمت التجارة الأمريكية المصرية بنحو 76٪ من 2016 إلى 2019، من أقل من 5 مليارات دولار إلى ما يقرب من 8,8 مليار دولار، كما بلغت الصادرات الأمريكية إلى مصر 5,5 مليار دولار فى 2019، بزيادة 57٪ عن عام 2016، وبلغت الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة 3,3 مليار دولار فى 2019، أى أكثر من ضعف قيمتها فى 2016، ويعكس هذا النمو فى علاقتنا التجارية تركيزنا المكثف على تسهيل الشراكات بين الولايات المتحدة والشركات المصرية وتنشيط التجارة الثنائية، ولكن هناك مجالا لتوسيع التجارة الثنائية بشكل أكبر، ونحن منخرطون مع الحكومة المصرية لتحسين مناخ الأعمال، ونعمل بنشاط مع الشركات الأمريكية لتحديد فرص زيادة التجارة والاستفادة منها، وأعتقد أن هناك مجالًا لمزيد من النمو مع خروج بلدينا من وباء كورونا، وقد استثمرت الشركات الأمريكية 1,5 مليار دولار فى مصر فى عام 2020، مما جعل الولايات المتحدة خامس أكبر مصدر للاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر العام الماضى، وكنا ثالث أكبر مصدر للاستثمار الأجنبى المباشر فى عام 2019، والكثير من استثماراتنا فى قطاع النفط والغاز.

وماذا عن التعاون بين البلدين فى مواجهة جائحة كورونا، سواء فيما يتعلق بمبادرة «كوفاكس» COVAX أو إمكانية الحصول على لقاحات «جونسون آند جونسون» فى الفترة المقبلة؟

الرئيس بايدن أعلن فى 10 يونيو الماضى أن الولايات المتحدة ستتبرع بـ 500 مليون جرعة لقاح عبر كوفاكس، وهو أكبر تبرع من أى دولة فى العالم، وساهمت الولايات المتحدة بالفعل بمليارى دولار فى كوفاكس، وخصصت مليارى دولار أخرى للتمويل حتى عام 2022، وفى الوقت ذاته، التزمت الولايات المتحدة أيضًا بتقديم اللقاحات مباشرة إلى الدول الشريكة، بما فى ذلك مصر، فى الأشهر المقبلة.

وماذا عن مشاركة الولايات المتحدة فى منتدى غاز البحر المتوسط بقيادة مصر؟

منتدى غاز شرق المتوسط لديه القدرة على زيادة التكامل الاقتصادى وتسهيل الحوار البناء، إننا نحيى مصر على ريادتها فى عقد منتدى شرق المتوسط، وتتطلع الولايات المتحدة إلى المشاركة فى الاجتماع الوزارى المقبل بصفة مراقب.

على الصعيد الاجتماعى، تقوم السفارة بجهد كبير فى دعم العديد من المشروعات المتعلقة بالتعليم والصحة والمرأة، هل لك أن تخبرنا بأبرز نتائج هذه الجهود؟

المساعدة الأمريكية أدت إلى تحسين التعليم والمياه النظيفة وتحسين الصحة والنمو الاقتصادى والعديد من الفوائد الأخرى للشعب المصرى، فمن خلال ما يزيد على 3,5 مليار دولار تمت إتاحة المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحى لأكثر من 25 مليون مصرى، مثلا، هل تشرب ماء من الصنبور فى منطقة وسط القاهرة؟ هذه المياه تتم معالجتها فى محطة روض الفرج التى بنتها الولايات المتحدة ومصر معًا منذ سنوات، وكنت للتو فى شمال سيناء لزيارة محطة مياه جديدة هناك، وهى جزء من 50 مليون دولار من الولايات المتحدة لدعم مشروعات البنية التحتية للمياه هناك، وتوفير المياه النظيفة لنحو 450 ألف مصرى فى سيناء، وفيما يتعلق بالصحة، استثمرت الولايات المتحدة مليار دولار للمساعدة فى القضاء على شلل الأطفال، وتعليم 14000 إخصائى صحى، وخفض وفيات الأطفال بنسبة 80٪، وفى الآونة الأخيرة، قامت مصر، بما يتوافق مع شراكتنا الاستراتيجية، بتزويدنا بالإمدادات الطبية التى كنا فى أمًس الحاجة لها عندما تفشى فيروس كورونا فى الولايات المتحدة، وفى الصيف الماضى رددنا الجميل من خلال توفير 250 جهاز تنفس لمصر، أما فى مجال مكافحة العنف ضد المرأة، فقد ساعدنا فى تدريب 3000 مسئول عن إنفاذ القانون ومقدمى الرعاية الصحية والأخصائيين الاجتماعيين لدعم النساء والفتيات اللاتى تعرضن للعنف، وفى مجال التعليم، استثمرت الولايات المتحدة 1,7 مليار دولار على مدى الأربعين عامًا الماضية لبناء 2000 مدرسة وتدريب 115 ألف معلم فى المدارس الابتدائية لخدمة ما يصل إلى خمسة ملايين طفل فى جميع أنحاء البلاد، وتوفر المنح الدراسية وفرص التبادل 350 مليون دولار أمريكى لأكثر من 23 ألف طالب ومتخصص فى منتصف حياتهم المهنية خبرات تعليمية فريدة، كما ساعدنا فى إنشاء مدارس STEM الثانية - لنحو 5 آلاف من الطلاب المصريين المتفوقين، أخيرًا، استثمرت الولايات المتحدة 30 مليار دولار فى تنمية مصر على مدى الأربعين عامًا الماضية.

تمارس وسائل الإعلام الأمريكية ضغوطاً كبيرة على الإدارة الأمريكية لإثارة قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان فى مصر من حين لآخر، فهل يمكن أن تؤثر هذه الضغوط سلبا على توجه الإدارة الأمريكية نحو مصر؟

أوضح الرئيس بايدن أن حقوق الإنسان ستكون فى قلب سياستنا الخارجية مع جميع شركائنا، بما فى ذلك مع مصر، ونحن منخرطون فى نقاشات جادة رفيعة المستوى فى هذا الصدد، وشراكتنا الاستراتيجية مع مصر طويلة المدى، ونواصل العمل معا لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، وتعزيز استقرار مصر وازدهارها بما يخدم تطلعات شعبها فى مجال حقوق الإنسان، ونحن نقدّر الخطوات الأخيرة التى اتخذتها مصر لتحسين الحرية الدينية، بما فى ذلك الموافقة على طلبات ترخيص الكنائس غير المسجلة وبناء كنائس جديدة، وتحسين احترام حقوق المرأة، ومكافحة ختان الإناث.

حرية الصحافة مهمة، لكن هل تلعبون دورًا محددًا فى توضيح بعض الأمور لوسائل الإعلام الأمريكية، خاصة أن جزءًا كبيرًا مما تنشره عن الوضع فى مصر مبنى على معلومات غير دقيقة، أو من طرف واحد؟

دورى كسفير هو تحقيق التواصل بين الأمريكيين والمصريين، ومساعدتنا على فهم بعضنا البعض بشكل أفضل، وأفعل ذلك من خلال الاجتماع والتعلم من العديد من الشخصيات التى أتواصل معها، والأصدقاء والزملاء المصريين، حول كل ما يحدث فى مصر، وجزء من دورى وواجب السفارة هو أيضًا إبلاغ الزملاء فى واشنطن حول الوضع هنا فى مصر، وأعتقد بأننا مستمرون فى إجراء حوار مثمر حول مجموعة من القضايا الاستراتيجية، ومن الأمثلة على ذلك الأدوار التكميلية التى لعبتها مصر والولايات المتحدة فى تعزيز وقف إطلاق النار فى غزة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق