أى ثورة عبقرية هذه تلك التى نتذكرها اليوم؟!
ثورة يتم تحديد موعدها سلفا، بل وقبلها بأكثر من شهر!
ثورة يسجل المشاركون فيها أسماءهم وعناوينهم وأرقام بطاقاتهم!
ثورة تظل مصرية خالصة منذ اللحظة الأولى وحتى نجاحها، فلا يقودها عميل، ولا يختطفها حزب، ولا «تركبها» جماعة، ولا يتحدث باسمها «ائتلاف» أو «وغد» من الخارج!
ثورة يشارك فيها المجتمع بأكمله، وكل أفراد الأسرة، بنسائهم وأطفالهم، والـ"الكنبة"، بل وكل قطع الأثاث فى المنزل؟!
ثورة لم تسل فيها قطرة دم واحدة، ولم تسجل فيها واقعة سرقة أو تحرش أو اعتداء أو اقتحام، ولم يسمع فيها أحد، ولا حتى لفظ خارج، فقط كلمة «ارحل»!
ثورة يشارك فيها أكثر من 33 مليون نسمة، وفقا لتقديرات شبكة «سى.إن.إن» الأمريكية، التى لا تزال حتى يومنا هذا – ويا للعجب - أحد أكبر غير المقتنعين بها!
ثورة تحير العالم، وتدفعه لأن يظل لسنوات متتالية، بل وحتى يومنا هذا، يضرب أخماسا فى أسداس، لعدم فهمه أو استيعابه لما حدث بالضبط، بين من لا يصدق أن الثورة فى أى دولة يمكن أن تتبعها ثورة أخرى أكبر منها بعدها بعامين فقط، وبين من يستسهل ويراها «ثورة مضادة»، وخريفا بعد «الربيع»، كما روجوا لذلك، ليواروا خيبتهم و«فشلهم»!
هى ثورة مصرية خالصة، وحدث مصرى فريد، لا يمكن أن يتكرر فى أى دولة أخرى، تماما كما لم يتكرر النيل، ولا الحضارة، ولا الأهرامات، ولا قناة السويس، ولا أم كلثوم، إلا فى مصر وحدها!
لم يفهموها فى وقتها، ولم يفهموها حتى يومنا هذا، ومن الممكن أن يظلوا هكذا، لن يفهموها، ولن يستوعبوها، لسنوات قادمة، ولا يتعاملون معها إلا «مضطرين»، أو «ممتعضين»، ولكن، هذا لا يعنينا، فهذه ثورتنا، وصنيعتنا، وظروفنا، وملكية فكرية خاصة بنا، من أراد أن يستوعبها، أهلا وسهلا، ومن يريد أن يطبق أى كلمتين قرأهما فى كتاب، «برضه» أهلا وسهلا!
حتى الآن، هذه الثورة، لم يفهمها الغرب الذي استدعى الجيش لمواجهة الإرهاب، ولم يفهمها الأمريكان حتى بعد معركة الإطاحة بترامب، ولم تفهمها دول تدار بالريموت كونترول من الخارج.
إذا قلت لأحدهم إننا أطحنا بتنظيم إرهابى، لا يؤمن أصلا بالديمقراطية، تجد من يقول لك: «كان يجب أن يحصلوا على الفرصة»!
اقرأ ما كتبه ديفيد إجناشيوس فى الواشنطن بوست في فبراير الماضى، لتتأكد أنهم لا يفقهون، فقد كتب ما معناه بالعربى أن «السيسى مجننهم»!
اقرأ أيضا ما نشرته قناة «الحرة» الشهر الماضى عن الجيش المصرى، لتتيقن أنهم فى عالم آخر، فقد كان ملخص التقرير أيضا أيضا أن جيشنا «محيرهم»!
وفى النهاية، تبقى علاقات المصالح بين الدول أكبر وأرفع من هذا الهراء الذى ينتجونه داخل أبراجهم العاجية، فلا يعرف حقيقة ما حدث فى 30 يونيو 2013، ومن قبلها فى 25 يناير 2011، سوى نحن، المصريين.
اسألونا نحن لنقل لكم ماذا حدث بالضبط، بدلا من هذه «التابوهات» أو «الأساطير الخمسة» التى تؤمنون بها عن 30 يونيو.
قالوا إنها ليست ثورة، والحقيقة أن ملايين المصريين نزلوا إلى الشوارع «بمفردهم» فى 30 يونيو، ولم يتحرك الجيش إلا فى 3 يوليو، وباستدعاء من الشعب.
قالوا إنها ردة عن الديمقراطية، وأن حكم الإخوان كان ديمقراطيا، بدليل أنهم سمحوا بالتظاهر ضد الرئيس، ولكن الحقيقة أن هؤلاء عاقبوا الشعب بعدها بالإرهاب، وأنه كانت هناك بعد الثورة خريطة طريق واضحة جدا.
قالوا إنها إطاحة برئيس شرعى منتخب، ولكن الحقيقة أن هذا «المنتخب» لم يكن الفائز الفعلى فى انتخابات 2012، بل لم تكن هذه أصلا انتخابات، ولم تكن ديمقراطية، واسألوا الميادين التى كانت ستلطخ بالدماء لو لم يعلن فوز مرسى!
قالوا إنها كانت تحركا دمويا، بعكس 25 يناير التى كانت سلمية، ولكن الحقيقة أن ما حدث فى يناير 2011 كان «عدوانا» بكل ما تعنيه الكلمة من معان، ولم تكن 30 يونيو تكملة له، بل كانت تصحيحا لخطأ فادح!
قالوا إن أحلام 25 يناير تم وأدها فى 30 يونيو، والحقيقة أننا سعداء بذلك، بدليل أن مصر اليوم فى 30 يونيو 2021 بلا ميليشيات، ولا تنظيمات، ولا مؤامرات، ولا قوارب هجرة، ولا لاجئين، ولا تعقد مؤتمرات فى الخارج لتقرير مصيرها، وليست لدينا أزمات خبز، أو وقود أو كهرباء وقضايانا الأهم هذا الأسبوع هى «الفستان» و«البوركينى» وقضية العفاريت!
فالحمد لله وكفى!
لمزيد من مقالات هانى عسل رابط دائم: