-
د. دايخ الحسناوى: نسجل لمصر موضوعيتها وعقلانية تصرفها مع قضية العراق
-
محمود جودة : مصر أثبتت مبدأها الدائم الحفاظ على الروح الفلسطينية
-
نذير جعفر : السيسى احترم وحدة سوريا وسيادتها وفق محدّدات قومية ورؤية إستراتيجية
-
عبد الغنى الريدى: ننتظر دور مصر الريادى لإعادة الوحدة للصف العربى وحل الأزمات
وفى النهاية وكما يقول العبقرى جمال حمدان، فإن مصر حلقة وصل بين المشرق والمغرب وتتداخل فى الإطار العربى الكبير الذى نرجع إليه، ورغم أن مصر فى إفريقيا موقعًا، فإنها فى آسيا العربية واقعا لغة وثقافة ودينا.
تعدد الأبعاد فى موقع مصر حقيقة واضحة، فمصر حلقة وصل بين العالم المتوسطى وبين حوض النيل، كما أنها وسط بين المشرق والمغرب وتتداخل فى الإطار العربى الكبير ككتلة الجسم الأساسية، وكيان وجوهر فى حد ذاته . هكذا تكلم د. جمال حمدان عن شخصية مصر عبقرية المكان ، فرغم أن مصر فى إفريقيا موقعًا، فإنها فى آسيا «واقعًا»، وفى علاقتها الخارجية كانت مصر القديمة آسيوية أكثر منها إفريقية .
ومن الناحية الدينية البحتة، كانت مصر دائمًا طرفًا فى قصة التوحيد منذ إخناتون إلى الأديان الثلاثة فى فلسطين وسيناء والحجاز، فكانت لموسى قاعدة ومنطلقًا ولعيسى ملجأ ولمحمد (صلى الله عليه وسلم)
هدية ومودة. أما عسكريًا، فإن معظم حروب مصر و معاركها التاريخية تتم على أرض آسيا من الهلال الخصيب حتى الأناضول ومشارف الفرات والجزيرة العربية واليمن.
ومن أقصى الشرق من العراق الجريح إلى أقصى الغرب من موريتانيا الشقيقة ، ومن قمة الشمال فى سوريا جيش مصر الأول ، حتى الجنوب فى بلاد اليمن السعيد ، وفى قلب كل هؤلاء وأولئك من فلسطين الحبيبة، يكتب مواطنون عرب رسائل حب وتقدير لأشقائهم المصريين وللرئيس عبد الفتاح السيسى فى ذكرى 30/6 .
--------------------------------------------
من العراق
واجباتك سيدى ليست مصرية فقط
الأستاذ الدكتور دايخ الحسناوى ..أكاديمى عراقى
بادئ ذى بدء أتقدم لسيادتكم بأسمى آيات التهانى والتبريكات مقرونة بدعاء صادق بالتوفيق لشخصكم الكريم ولشعبنا العظيم، شعب الكنانة فى مصر التاريخ والحضارة، مصر العروبة والبطولة. وقد يتساءل البعض: لماذا يكتب عراقى فى ذكرى تنصيب الرئيس المصرى وماذا يريد؟ وقد يقرر آخرون أن هذه الرسالة مصممة لتحقيق غرض شخصي.
فى معرض الإجابة على هذه التساؤلات أقول: إننى لست صحفيا ولا إعلاميا ولا كاتبا، بل أنا معلم وطالب علم يحمل ثقافة ويعتنق فكرا وعقيدة هى قومية عروبية تشكل بها وعيه الشخصى ونمت معه وشاخت معه ، وسيظل معتنقا لها إلى جانب عقيدته الفطرية التى هى الإسلام الحنيف. وعلى ذلك فإن كاتب السطور يؤمن قطعا أن أى إنجاز يتحقق فى أى بلد عربى وأى ازدهار يحققه العرب فى أى من أقطارهم هو لكل العرب وأن مصر تحت قيادتكم تكاد تكون (طبقا لمعرفتى وإدراكى وبعيدا عن الانحيازات السياسية) هى بقعة الوطن العربى الأكثر ثباتا ومضيا فى التنمية والتطور والازدهار وبقيادة سلطة مدنية بعد الهزات المؤلمة التى تعرضت لها الأمة بغزو العراق واحتلاله وبعد ما شهدته ساحة العرب من تداعيات مفجعة.
إذا أنا بكلماتى هذه إنما أعبر عن حق أى عربى فى مشرق الأمة ومغربها بالاحتفاء والفخر بأى مسار عربى واعد للارتقاء، فكيف والبلد المعنى هو أخت العرب الكبرى وأم الدنيا مصر الحبيبة؟
ومن جهة أخرى، ولكى أستكمل الرد على التساؤلات أقول: أنا عمرى يقترب من سبعين عاما، أربعون منها أكاديمى وباحث ولست من الذين يمتلكون أدوات الكتابة التى تستجدى مكاسب شخصية، بل إنى أكتب لجنابكم باحثا عن نقطة ضوء فى ظلمة يعيشها شعبكم فى العراق أرى مؤمنا أن على مصر أن تكون المبادر فى صناعة وحمل نقطة الضوء هذه وهذا لعمرى أمر يستكمل زهونا بإنجازات مصر تحت قيادتكم الجريئة.
كأكاديمى «تابعت خلال الأعوام التى تلت تصديكم الشجاع للسلطة فى مصر، إنجازاتكم وانجازات شعب مصر العظيم تحت قيادتكم فى شتى ميادين الحياة وخاصة فى ميدانى التعليم والخدمات. وأعرف ما تم تحقيقه من تعزيز لقوة الدولة فى هذين المجالين المهمين فى حياة شعبنا. أعرف ما أُنجز فى تعزيز ما كان قائما من قدرات شعبنا المصرى فى مسارات التربية والتعليم وخاصة التعليم العالى . وأعرف علماء الأمة المعاصرين الذين أنجبتهم مصر الحبيبة وكانوا فخرا للأمة كلها يتقدمهم طه حسين ونجيب محفوظ وأحمد زويل وغيرهم من الأسماء اللامعة فى عالم الفكر الإنسانى والعلمى والطبى واشتغلت مع علماء مصريين ولا أزال فى بلدنا العزيز العراق وبلدنا العزيز اليمن، بل إنى لا يمكن أن أنسى اساتذتى العلماء المصريين الذين درسونى علم الكيمياء بجامعة بغداد مطلع سبعينيات القرن المنصرم كلا من البروفيسور شوقى ناشد والبروفيسور وليم عوض والبروفيسور نضير العريان ولا أزال أحتفظ بمحاضراتهم إلى يومنا هذا وأعود إليها بين حين وآخر.
نعرف عدد الجامعات الجديدة الحكومية والخاصة التى افتتحت فى عهدكم، ونعرف عدد الكليات والمعاهد التى أضيفت الى بيئة مصر الحبيبة فى حقل التعليم العالي. وتابعنا الارتفاع الكبير فى عدد البحوث التى ينشرها علماء مصر فى مجلاتهم المتخصصة وفى مجلات العالم.ونراقب عن كثب العلاقات العلمية التى تقيمها جامعات مصر مع جامعات العالم.
ونتطلع الى مزيد من الازدهار فى البيئة الجامعية عموما التى شهدت فعلا تحولا نوعيا بتوجيهاتكم ورعايتكم الكريمة ومن بين دلالات هذا الازدهار عودة الكثير من الاكاديميين المصريين واستقرارهم فى بلدهم.
نتابع إنجازات شعب مصر العظيم بقيادتكم الفذة فى ميادين العمران جسورا وأنفاقا وطرقاً معبدة. ونشهد نهضة مصرية صناعية مهمة تظللها أجواء الاستقرار الأمنى وسيادة القانون وإنجازاتكم فى إبعاد الإرهاب عن مدن مصر وقراها. غير هذا نحن نلاحظ بدقة توازن سياسة مصر الخارجية واستقرار علاقاتها القائمة على حماية مصالح الشعب المصرى وهيبة الدولة.
شعبكم فى العراق سيادة الرئيس يعيش ظروفا كارثية منذ سنة ٢٠٠٣م. ونحن جيل عراقى تعايش مع لقاء مصرى عراقى فريد من نوعه فى ثمانينيات القرن الماضي، ألا وهو تعايش ما يصل إلى سبعة ملايين مصرى مع أهلهم فى بغداد وكل محافظات العراق عاشوا معنا تحت حقيقة وحدة الدم ووحدة التطلع القومى الإنسانى وتقاسمنا السراء والضراء وكانوا معنا أسياداً فى وطنهم يلبسون العزة ويعتمرون الكرامة وينامون بأمن وأمان ويخدمون الأمة عبر خدمة وطنهم العراق فى كل ميادين العمل والإنتاج. والعلاقة بين العراق ومصر علاقة حياتية عضوية لا مناص من كينونتها فى أبهى صورها لكى تحقق الأمة ذاتها وتواجه ما يضرها وتنمى ما يبهج حياة الانسان العربي. شعب العراق ينزف شهداء وجرحى ومعاقين وينزف معتقلين ومغيّبين وينزف ملايين المهجرين والنازحين ولم تتحقق له الديمقراطية التى وعده بها الغزاة والمحتلون ولم تتمكن القوة العملاقة لدول الغزو ان تضيء له ظلام الليل بالكهرباء ولا خففت له وطأة هجير الصيف بالكهرباء وملايين العراقيين الآن يتغنون بإنجازاتكم التى حققتها اتفاقيتكم مع شركة سيمنس وبها صارت مصر تبيع الكهرباء غير ان حكومات العراق فى حقبة الاحتلال قد استدارت برءوسها راغبة عاشقة أو مرغمة إلى جهة ايران التى تعرفون جيدا ما بينها وبين العراق من بغضاء لسنا فى وارد الحديث هنا عن مكوناتها ولا عن أسبابها .
شعب العراق سيدي، بكل ثقل تاريخ صلته بمصر وشعب مصر الكريم ينتظر منكم أن تكونوا صوتا يزيل القطن من آذان الدول التى غزته واحتلته، ويهمس فيها ناصحا : كفى دماء وفوضى وانفلاتا. كفى لحالة الفساد والفشل التى أجد من بين أعمق وأقوى عبارات وصفها هو ما جادت به عبقرية الراحل محمد حسنين هيكل حين قال ناصحاً دول الغزو ، (العراق قاصة امسكَ مفاتيحها سراق ولصوص)، إن المليشيات قد مزقت أجساد العراقيين ودفنتهم أحياء وأن الولاءات المتعددة لمنظومة إدارة العملية السياسية منذ ٢٠٠٣ وإلى يومنا هذا قد أنهت العراق كدولة حقيقية وأن الأحزاب والسلاح المنفلت والطائفية السياسية والمحاصصة قد ذبحت العراق وغيّبت هويته الوطنية والقومية.
ما أكتبه لسيادتكم سيدى ليس إبداعا انشائيا يجود به فكري، بل هو حقائق يعترف بها كل أحزاب ومكونات العملية السياسية علنا جهارا ليل نهار ويعرفها العالم كله دون أن يكترث وكأنه يقول لنا كعراقيين إن هذا هو استحقاقكم كشعب وهذا هو ما جاءت الولايات المتحدة ومن تحالف معها لتحققه ولسنا قادرين قط على تسطير غيره ولا عقولنا قادرة على توصيف سواه.
شعب العراق ينتظر منكم سيدى أن تؤدوا واجبكم الأخوى تجاهه ليس بتدخل يؤذى مسيرة النماء التى تقودونها فى مصر ولا بسلوك سياسى يشاكل مصر مع أى طرف بل نثق أن حكمتكم التى تصرفتم بها ولا زلتم تتصرفون فى قضايا إقليمية ودولية يمكنها أن تجد طريقها لإقناع العالم الذى غزانا ودمّر دولتنا واجتث مؤسساتها أن يعيد تشكيل منتجاته بطريق مساعدة شعب العراق على الخروج من خطوط التدمير التى مارستها ولا زالت تمارسها العملية السياسية وروادها عن طريق تغيير الدستور وإلغاء المحاصصة ومغادرة السياسة الطائفية واجتثاث بؤر الفساد عن طريق تشكيل حكومة وطنية من أبناء العراق المؤهلين علميا وإداريا ويمتازون بالنزاهة والعفة ويتسمون بالتمكن والاقتدار الاقتصادى والسياسى والإخلاص الوطنى والقومي.
ونسجل لمصر كشعب عراقى استضافتها لمئات آلاف العراقيين الذين أرغمتهم ظروف ما بعد غزو بلدهم للهجرة بحثا عن الحماية لحياتهم وأعراضهم ودينهم. ونجد أن هؤلاء العراقيين يشكلون مصادر معرفة دقيقة بأحوال العراق بعيدا عن التهويل الإعلامى واقترابا من الموضوعية. ونسجل لمصر عموما موضوعيتها وعقلانية تصرفها مع قضية العراق على عكس أشقاء آخرين أوغلوا وما زالوا فى دمائنا وفى تدمير وطننا بمخابراتهم وسلاحهم وأموالهم وتدخلاتهم غير الحميدة فى العراق ظنا منهم أنهم يجدون موطئ قدم للنفوذ تزاحما مع أمريكا وبريطانيا وإيران وغيرها من دول الغرب والشرق. نكرر الرجاء لله بأن يوفقكم ويأخذ بأيديكم ويجعل شعبنا فى مصر يرفل بالرخاء الدائم والعزة والكرامة كاستحقاق ثابت إن شاء الله.
-----------------------------------------------------------
رسالة حب من فلسطينى لمصر
محمود جودة ..كاتب وأديب فلسطينى
عندما تريد كتابة مقال عن مصر، فإنك تصاب بالهيام، بالولع الذى يصير بين العشاق فى ليالى الصيف الطويلة، وها أنا أكتب والمعشوقة بعيدة جدًا وأنا الذى لم أدخل فى أرضها، لكنى دائم النظر لها من حدود الذاكرة والأمل.
فى يومٍ صيفى بغزة، كنا نسير فى الطريق البحرى قريبًا من الميناء، وأخذتنا الأقدام حتى جلسنا فى مقهىً قريب من الشاطئ، بعد أن أتعبنا طول المسير الذى كان بلا هدف واضح، سوى استعادة الذكريات، فالذكريات وجبة دسمة لمن أعياه الشوق، وأضنى البعاد قلبه.
ذهبت أول أمس - يقول صديقى عماد - كى أشترى الجبنة الرومي، ولكن للأسف كانت الكمية قد نفدت، وراح البائع يقترح عليّ أنواعاً أخرى من الأجبان قائلا: توجد جبنة هولندية نظيفة، وتركية . وأنا أقول له بضعف المحتاج: لا بل أريد جبنة رومى مثل التى أخذتها فى المرّة السابقة.
كان عماد يقص عليّ بلهجته المصرية البحتة، وأنا أستمع له بلهفة الرضيع لثدى الرحمة والحنان، كنتُ أقرِّب له أذني، أحملها على الريح مُحاولًا استرضاء موج البحر أن يهدأ قليلًا لأتمكن من سماع لهجته المصرية التى كنت أسافر من خلالها إلى كل المطارح التى كان يذكرها، وتقرص ذكرياتها قلبه.
هو أنت بتفتكر إنّى عايز جبنة رومى بجد؟! الجبنة الرومى اللّى هنا ما تقربش للى فى مصر، بس فيها ريحة مصر .. ريحة مصر يا محمود .. ريحة الذكريات والحوارى والحسين والغورية والسويس، ريحة الناس الغلابة الطيبين اللى بتشوفهم وبعد دقائق بتكون أنت وياهم على طاولة السفرة وكأنكم بتعرفوا بعض من عشر سنين، أنا لما كنت بحشى الجبنة الرومى بالخبزة وآكلها أول ما أدوقها أحس إنى مش هنا، إنى مسافر، كنت بسافر بالجبنة الرومي، كنت بروح مصر كلها وأنا بأدوق الجبنة يا صاحبي.كان يتحدث، وكنت أرى دموع الحب فى عينه، وكان يرى دموع الشوق فى عيني.
من المفترض أن يكون هذا المقال سياسيّا، لكنها المرة الأولى التى تتاح لى فيها مخاطبة أهلى فى مصر من خلال صحيفة «الأهرام»، والتى قال رئيس تحريرها الأسبق محمد حسنين هيكل فى أحد لقاءاته الصحفية إن دور مصر الآن هو المحافظة على الوجود الفلسطينى كلحم حي.
لقد أسعدنا ما حدث من تدخل مصرى فى العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة، والذى خلف ما يزيدعلى ثلاثمائة شهيد ومئات الجرحى والمعطوبين، وتدمير آلاف المنازل والمنشآت الاقتصادية، حيث كان لهذا التدخل المحمود من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى دوره المهم فى وقف نزيف الدم الفلسطيني، الذى ترجم على الأرض من خلال إدخال جرحى العدوان إلى مشافى مصر من أجل تلقى العلاج اللازم، حيث تثبت مصر فى كل مرّة أن هدفها الأول هو الحفاظ على الروح الفلسطينية فى الجسد، ليومٍ تُرد فيه المظالم.
لقد شاهد كل فلسطينى فى قطاع غزة وخارجه الآلات المصرية لإعادة الإعمار وهى تدخل عبر معبر رفح والأعلام المصرية ترفرف فوقها، لقد انتاب النفوس هنا شعور لم يعهدوه من قبل، وللمفارقة القدرية رفرفت هذه الأعلام فى الذكرى الرابعة والخمسين للنكسة، وهو اليوم الذى نُكسَ فيه العلمان المصرى والفلسطينى من سماء غزة. ولكنه اليوم يعود مسنودًا بسارية الصمود الشعبى الفلسطينى ومقاومته. مصر هى جزيرة الأمل المتبقية، وسط بحر اليأس الكبير فهى بالنسبة لنا كفلسطينيين الدنيا كلها، هى قراءات القرآن، والتراتيل، والأغاني، والأفلام، والتاريخ، والتجارة، والدراسة، والسينما، والنّسب وكل شيء .. حتى القبور تزاحمنا فيها حين جد الجد، غزة هى القاهرة، والناس هنا مصريو الهوى والتفكير والمزاج، مصر بالنسبة لفلسطين وخاصة غزة ليست دولة من شعب وجغرافيا وحدود وعلم، هذه مواصفات للدّول، ومصر بالنسبة لنا شيء آخر يشبه قداسة الأم!
----------------------------------------------------------------------
من سوريا
عزّزت موقعها ودورها فى مواجهة التحديات الراهنة
نــــذيـــر جعفــــر ..كاتب سورى
لمصر الكنانة على مدى التاريخ ـــ قديما وحديثاـــ ثقلها النوعى الحضارى والسياسى المؤثِّر والفاعل على المستوى العربى والإقليمى والدولي، وهذا ما جعلها محطّ الأنظار، ومهوى الأفئدة، ومعقد الآمال فى التعاون وتحقيق المصالح المشتركة، ليس لدى حكومات دول العالم فحسب بل لدى شعوبها فى المقام الأول، وفى مقدمتها الشعب العربى على امتداد ساحات وجوده الوطني، الذى يتطلع إليها بوصفها الموئل والدرع والملاذ، ويعدُّها العمق الروحى والثقافى لهويته وكينونته، و«بيضة القبان» فى الحفاظ على استقراره وأمنه فى مواجهة الأخطار المحدقة به، مما حمّل الحكومات المصرية المتعاقبة مسئوليات جسيمة تجاهه، بدءاً من الدعم المادى والعسكرى لتحرير أراضيه المحتلة وتحقيق استقلاله الوطنى من جهة، ووصولاً إلى توفير الكوادر العلمية والطبية والتربوية للنهوض به على المستويات كافة من جهة ثانية. ولعل هذا ما جعل مصر الأم الرؤوم التى تحتضن العرب جميعا وترعاهم حتى على حساب عيش أبنائها الذين يتحمّلون الأعباء الكثيرة فى سبيل ذلك. وأصبح القول الدارج على ألسنة أبناء العروبة: «صلاح الأمة بصلاح مصر»، مسلّمة يقينية غير قابلة للنقاش. وإن كان لمصر وشعبها هذه الحظوة الجوهرية، وهذا التقدير لدى أبناء العروبة، فذلك لا يعنى الرضا المطلق على أداء حكوماتها، فبين حكومة وسواها تتباين الأدوار والمواقف من الدول العربية وحكوماتها وطموحات شعوبها وما تواجهه من مشكلات وقضايا مصيرية. وحتى لا نذهب بعيداً فإن عهد الرئيس السيسى رغم التحديات التى تواجهه فى الحرب على الإرهاب، وحرب المياه، ومتطلبات التنمية، وتعزيز قدرات الجيش الوطني، فقد شهد ويشهد استقراراً متناميا وتوجّهات وطنية وإقليمية ودولية تتسم بالمرونة والحكمة والعقلانية، وتعزّز مكانة مصر وقرارها السيادى اقتصاديا وعسكريا وسياسيا، فهو ليس كالعهد السابق الذى شهد فوضى عارمة وتخبّطاً فى القرارات وتسرّعاً فى المواقف والولاءات، ما أدى إلى حرف مصر عن مسارها القومى بهدف الهيمنة على القرار السيادى المصرى المستقل لصالح مشروع ظلامى تكفيري، كان من نتائجه الانفراد بليبيا وتقاسمها والسيطرة على مواردها وعائداتها النفطية، وعزل سوريا عن محيطها العربى وفصلها من عضوية الجامعة العربية تلبية لمطالب وتوجهات تلك الأنظمة فى دعم التنظيمات الإرهابية لإسقاط الدولة السورية أيضا ومؤسساتها، وهو ما لم تنجح فيه.
لقد بدأ الرئيس السيسى عهده بمحدّدات وثوابت مبدئية وطنية قومية ورؤية استراتيجية تضع مصلحة مصر واستقرارها وأمنها وتنميتها الشاملة فى سلّم الأولويات بما يتناغم ويتوافق مع محيطها العربى الإسلامى وبعدها الإفريقى وعلاقاتها الدولية، آخذا بالحسبان عدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة، واحترام سيادتها وقرارها الوطنى المستقل، والحفاظ على سلامة أراضيها وشعبها، والتعامل مع حكوماتها لا مع ميليشيات مسلحة تعبث بأمنها واستقرارها تحت غطاء دينى بات مكشوفا للقاصى والداني. ثم بدأ بترميم علاقات مصر الدولية محافظا على التوازن بين الدول الكبرى فلم يكتفِ بأمريكا ولا بروسيا أو بالصين بل قام بزيارات إلى الدول الثلاث، وعقدت الحكومة المصرية مع حكومات تلك الدول جملة من الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية التى تصب فى صالح مصر. ثم أكّد الرئيس السيسى فى مناسبات عدة على احترام وحدة وسيادة كلٍّ من سورية وليبيا وسلامة أراضيهما والحفاظ على استقلالهما السياسي.
وفى المنحى ذاته واصلت مصر دعمها المتواصل للشعب الفلسطينى خلال المواجهات المتتالية مع «إسرائيل» لا سيّما فى عامى (٢٠١٤ م) و (٢٠٢١م) سواء فى قطاع غزة أم فى الضفة الغربية مؤكدة على أن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية هو الحل الوحيد الذى يضمن السلام والاستقرار فى المنطقة.
ونظرة موضوعية إلى تفاصيل الحراك المصرى فى المحيط العربى تُبرز الجهود المصرية فى بذل كل ما يمكن لوحدة الصف العربى وإحلال الأمن والاستقرار فى كلٍّ من العراق واليمن وتونس عبر الحوار ونبذ العنف بما يحقق مصالح الأطراف المتعددة فيها.
---------------------------------------------------------------------
من اليمن
السيسى طوق النجاة لمصر وللدول العربية
عبد الغنى الريدى ..كاتب ومحلل عسكرى
لم يكن متوقعًا بأقصى درجات التفاؤل؛ أن تشهد مصر كل هذه الإنجازات الضخمة فى السنوات السبع الأخيرة؛ وهى فترة تولى الزعيم عبدالفتاح السيسى مسؤولية البلاد؛ لا سيما أنه تولى المسؤولية فى ظروف عصيبة للغاية، وتحديات خارجية و داخلية لم تشهدها مصر من قبل، ما فعله وأنجزه الرئيس السيسى يحتاج الحديث عنه للكثير والكثير من المقالات لتوثيقها فى مجلدات لتعلم الأجيال المقبلة كم الجهد الذى بٌذل حتى تحافظ عليه سواء على الجانب المحلى أو على المستوى الدولى الذى شهد استعادة مصر لدورها الإقليمى والدولى بما يتناسب مع مكانتها الحضارية والجغرافية. وخلال ٧ سنوات فقد حول مصر من خراب ودمار إلى ازدهار وعمار .وقد تميزت فترة حكم الرئيس السيسى بإطلاق المشاريع القومية العملاقة .
ومعكم انتصر المصريون على الإرهاب الأسود، ونجحت مصر فى وقف التطرف وسيطرة الجماعة الإرهابية على مفاصل الدولة وعاد الأمن والأمان ولأول مرة يشعر المصريون أنهم آمنون فى دولة القانون والاستقرار.كما انتصروا على مشكلات الزحام والتكدس وخرجوا من الشوارع الضيقة إلى أكبر شبكة من الطرق الحديثة فى زمن قياسى،
وكان دور مصر حاسما فى إقرار الهدنة فى الأراضى الفلسطينية وقادت مصر عملية البناء وإعادة الإعمار فى غزنة وسط ترحيب وإشادة عالمية.أما فى إفريقيا فقد عادت مصر إلى عمقها التاريخى عبر سياسة ناجحة لتتحول القاهرة مرة أخرى إلى قبلة الأشقاء الأفارقة .
إن سبع سنوات من عمر عهد الرئيس السيسى قد لا تكفى للحكم على ما تحقّق من إنجازات على الصعد كافة، خاصة أن مصر خرجت منهكة من قبضة الإخوان المرتبكة وما سبقها من اضطرابات، ومع مرور كل يوم يثبت لنا الرئيس السيسى ان ما كانوا يدَّعون بأنه مستحيل أن تعود مصر قوية وشامخه وتصبح مظلة لكل العرب ، لم يكن مستحيلا بل أصبح واقعا ملموسا.
هذا الرجل قام بإنجازات ضخمة لا نستطيع إحصاءها بسهولة رغم كل التحديات التى واجهته وواجهت الدولة المصرية . وإذا ختمنا الحديث المختصر عن إنجازات مصر السيسى بملف الأمن والأمان ، نجده مليئا بالإنجازات، واتجاهات الحديث فيه عديدة و أهمها بناء جيش قوى عصرى ليصبح ضمن أفضل جيوش العالم ويمتلك أحدث الأسلحة ناهيك عن قوته البشرية التى تؤمن أنها جيش الشعب وفى خدمته، ليحمى هذا الجيش القوى إنجازات ومقدرات الوطن ، وشرطة قوية عصرية تحافظ على أمن وأمان المواطنين وتسعى مع قواتنا المسلحة فى مواجهة التهديدات الجديدة من ضربات غدر تسعى وراء المصريين فى كل مكان بوطنهم لتروعهم وتهدد أمنهم ويجهض الجيش والشرطة معا مخططات هؤلاء الأشرار
هكذا.. نتأكد أن ما تم بمصر فى سبع سنوات ما كان له ليتحقق فى سبعة عقود لولا وجود رئيس وطنى وزعيم قوى الإرادة . كم هى عظيمة بزعيمها المحنك بجيشها القوى بتاريخها بحضارتها بشعبها الواعي،
تحيا مصر
تحيا مصر
تحيا مصر
----------------------------------------------
وفى النهاية وكما يقول العبقرى جمال حمدان، فإن مصر حلقة وصل بين المشرق والمغرب وتتداخل فى الإطار العربى الكبير الذى نرجع إليه، ورغم أن مصر فى إفريقيا موقعًا، فإنها فى آسيا العربية واقعا لغة وثقافة ودينا
رابط دائم: