رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بايدن وبوتين.. أول لقاء قمة ساخن فى جنيف

رسالة جنيف د.آمال عويضة
> صورة أرشيفية للقاء سابق بين بوتين وبايدن

بعد سلسلة من الشائعات والأخبار المتضاربة حول إمكانية عقد لقاء قمة بين الرئيس الأمريكى جو بايدن والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، خرجت التأكيدات قبل أيام لتكشف عن فوز مدينة جنيف السويسرية باستضافة لقاء الكبار على أرضها فى السادس عشر من شهر يونيو الحالى.

جاء تأكيد موعد اللقاء بعد صمت متعال من الجانب الروسي، وتردد واهن على الجانب الأمريكى وذلك بعد إجبار طائرة «ريان إير» المتجهة إلى مينسك على الهبوط لاعتقال الصحفى المعارض رومان بروتاسيفيتش، وشجب العواصم الغربية للأمر، بما فى ذلك الولايات المتحدة، فى الوقت الذى أكد فيه فلاديمير بوتين دعمه «اللا مشروط» لرئيس بيلا روس ألكسندر لوكاشينكو الذى يتولى السلطة منذ عام 1994، والخاضع لحظر جوى وعقوبات غربية لقمعه المعارضة بعد تظاهر عشرات الآلاف منددين بتزوير الانتخابات فى الصيف الماضى .

يأتى اللقاء المرتقب مشحونا بقائمة من النقاط الخلافية بين البلدين فى مقدمتها السيطرة على الأسلحة النووية لإيران وكوريا الشمالية وفى القطب الشمالى ، والوجود العسكرى لروسيا فى أوروبا الشرقية، والوضع فى سوريا، وقمع بوتين لمعارضيه، وأزمة تغير المناخ وعمليات القرصنة، والأمن المعلوماتى، فضلا عن تداعيات وصف بايدن لبوتين فى أبريل المنصرم بـ«القاتل» الذى سيدفع الثمن جراء تدخله فى الانتخابات الأمريكية، وهو ما أعقبه استدعاء الكرملين لسفيره لدى الولايات المتحدة للتشاور، فى رد فعل لم يحدث منذ 20 عاما منذ وصول بوتين إلى السلطة. علاوة على ما ذكرته جريدة «لو تومب» عن تاريخية العداء منذ عام 2011، واجتماع بوتين رئيس الوزراء وقتئذ وبايدن عندما كان نائبا للرئيس الأسبق باراك أوباما، والذى بادر الأخير بوتين بقوله: «أنظر فى عينيك، ولا أعتقد أن لديك روحا».

جنيف المختارة

بدأ تسريب أنباء ترددت فى مايو المنصرم عن قمة مرتقبة بعد اجتماع وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف ونظيره الأمريكى أنتونى بلينكن فى ريكيافيك عاصمة أيسلندا فى أول لقاء بينهما منذ انتخاب بايدن رئيسا. توالت بعدها التكهنات حول المدن المحتملة لعقد القمة، منها: فيينا (النمسا) أو براتيسلافا (سلوفاكيا) التى شهدت عام 2005 لقاء جورج دبليو بوش وبوتين أو هلسنكى (فنلندا) التى استضافت عام 2018 اجتماع بوتين وترامب، وهو ما جعلها اختيارا مستبعدا لبايدن الحريص على تفادى السير على خطى سلفه المتهم باسترضاء موسكو. وكانت صحيفة «كوميرسانت» اليومية الروسية أول من طرحت سويسرا كاختيار الصدارة، مما أسعد رئيس الاتحاد السويسرى جى بارميلين الذى أعرب عن أمله فى مناقشات «مثمرة لكلا البلدين وللمجتمع الدولى». جاء اختيار سويسرا بناء على التحرك النشيط منذ أبريل المنصرم، حيث أعلن وزير الخارجية إيجناسيو كاسيس فى مناسبات عدة ترحيب بلاده بالقمة عقب مشاركة بايدن فى اجتماع مجموعة الدول السبع بالمملكة المتحدة المقرر عقده فى الثالث عشر من الشهر الحالى، ثم زيارته فى اليوم التالى لمقر حلف شمال الأطلنطى فى بروكسل.

تعد هذه المرة الثانية التى تستضيف فيها جنيف قمة أمريكية - روسية، حيث شهد عام 1985 اجتماع القمة الأولى بين الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان ورئيس الاتحاد السوفيتى السابق ميخائيل جورباتشوف. وفى مارس 2009، شهدت الاجتماع الشهير بين هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية آنذاك، ونظيرها الروسى سيرجى لافروف. وفى عام 2015، كانت جنيف من بين المدن التى استضافت محادثات الاتفاق النووى الإيراني. وتتباهى المدينة المعروفة باسم عاصمة السلام بكونها المقر الرئيس لمحادثات السلام حول قبرص واليمن وسوريا، وكونها أهم وجهة لاستقبال المؤتمرات الدولية، إذ لا يقل عدد من استقبلتهم عن خمسة آلاف من كبار الشخصيات، من بينهم نحو مائة رئيس دولة، وما يقرب من خمسين رئيس وزراء وأكثر من ألفى وزير ونحو ألف من أفراد العائلات المالكة. كما تتأكد خصوصية جنيف من احتضانها للمقر الأوروبى للأمم المتحدة ومقار منظمات الصحة والتجارة والعمل والهجرة، وفروع عشرات الهيئات الدولية، ومئات الجمعيات غير الحكومية. كما تضم المدينة منذ عام 1863، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الهيئة الحيادية الأشهر عالميًا للفصل بين القوات والأطراف المتصارعة، وكذلك مقر الاتحاد الدولى لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

شهدت المدينة عقب معاهدة فرساى والحرب العالمية الأولى عام 1919، ميلاد عصبة الأمم كأول منظمة دولية لحفظ السلام، والتى قامت على أسسها لاحقا هيئة الأمم المتحدة عام 1945 التى اتخذت من مدينة نيويورك الأمريكية مقرا، وإن ارتبط اسم جنيف بمجموعة من أربع اتفاقيات دولية: تم توقيع الأولى عام 1864 وآخرها عام 1949 لحماية حقوق الإنسان الأساسية فى حالة الحرب مع تحديد أسس رعاية الجرحى والمرضى والأسرى، وحماية المدنيين فى مناطق النزاعات.

الحياد السويسرى

ترتكز شهرة سويسرا الدولية فى اتباعها سياسة الحياد المفروض عليها لأسباب جغرافية وملابسات تاريخية، حيث ارتبط تأسيس نواة الاتحاد السويسرى عام 1291، بسمعة أبناء تلك البقعة التى تتوسط أوروبا كفرسان جبليين أقوياء لدرجة استئجارهم كجنود مرتزقة للعمل فى فرق الحماية وجيوش الممالك المجاورة. وذاعت شهرتهم حتى نجحوا فى إخضاع دوقية ميلانو لثلاث سنوات قبل هزيمتهم عام 1515 فى معركة مارينيون (إيطاليا) أمام الجيش الفرنسى وقوات جمهورية البندقية. بعد عام واحد من هزيمتها المدوية، وقـعت سويسرا معاهدة سلام مع التزام الحياد مع فرنسا جارتها الأقوى، لتنجح لاحقا فى إعلان الاستقلال الرسمى عن الإمبراطورية الرومانية المقدسة عام 1648، قبل أن تتعرض للغزو الفرنسى عام 1798 نتيجة لصراعات بين الكاثوليك الفرانكفونيين الموالين لفرنسا والبروتستانت الناطقين بالألمانية. شكل «قانون الوساطة/الوصاية»، الذى أصدره نابليون عام 1803 دولةَ سويسرا الجديدة المؤلفة من تسع عشرة مقاطعة متساوية الحقوق، لتتوالى الخطوات لإنهاء الحرب الأهلية وإرساء حكومة مركزية بمساعدة حركة إصلاحية والاتفاق على دستور جديد للبلاد عام 1848، تحظر إحدى مواده إرسال قوات للخدمة فى الخارج، باستثناء فرقة حراسة الكرسى البابوى فى روما، وذلك بعدما خرجت قرارات مؤتمرى باريس وفيينا (1814 - 1815) لتسوية تداعيات توسع الإمبراطورية الفرنسية وهزيمة نابليون فى واترلو، بإنشاء منطقة عازلة بين فرنسا والنمسا بضمان وحدة سويسرا وحيادها تجاه النزاعات فى المستقبل، بموافقة فرنسا والنمسا وبريطانيا والبرتغال وبروسيا (ألمانيا) وروسيا والسويد.

الجدير بالذكر أن سويسرا المحايدة لم تنضم إلى الأمم المتحدة إلا عام 2002، كما شاركت فى تأسيس الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة، إلا أنها ليست جزءا من الاتحاد الأوروبى (شنجن) والمنطقة الاقتصادية الأوروبية أو السوق الأوروبية الموحدة التى ترتبط معها بالعديد من المعاهدات.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق