رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
اختبار تاريخى

ليست شركات الأدوية الكبرى المنتجة للقاحات المضادة لكورونا وحدها التى سقطت فى اختبار كاشف للعلاقة بين المال والقيم الإنسانية. فقد ثبت أنها علاقة عكسية فى معظم الأحوال، إذ يقترن السعى إلى زيادة الأرباح فى الأغلب الأعم بإهدار قيم العدل والمحبة والتضامن. هناك استثناءات بالتأكيد فى إطار ما يُطلق عليه مبدأ المسئولية الاجتماعية. ولكن ليس كل إنفاق فى إطار هذا المبدأ يدل فعلا على شعور بالمسئولية أو نزعة إنسانية، إذ يبدو بعضه سواء قل أو كثر أقرب إلى تحسين الصورة، وأحيانًا الدعاية. ولأن الرسوب فى اختبار الإنسانية شائع فى أوساط المال والأعمال، لا يثير غياب الشعور بالمسئولية تجاه البشر فيها اهتمامًا واسعًا إلا فى حالات نادرة. غير أن هذا الاهتمام لم يصل فى أى حالة من قبل إلى المستوى الذى يبلغه الآن, لأن الجائحة تمثل اختبارًا تاريخيًا فى هذا المجال. فقد وُضعت شركات الأدوية الكبرى القليلة التى تنتج لقاحات مضادة لفيروس كورونا فى قفص اتهام، لأن مصانعها لا تستطيع إنتاج سوى أعداد محدودة من الجرعات قياسًا إلى ما هو مطلوب لمواجهة جائحة تفتك بالبشر كل يوم، فى الوقت الذى تتجاهل دعوات تحثها على التنازل لفترة معينة عن حقوق الملكية الفكرية لهذه اللقاحات، أو إعطاء حق إنتاجها لشركات أدوية أخرى فى العالم بأسعار مخفضة. تستطيع بعض هذه الشركات أن تجد مبررات تقنية إذا أرادت الرد على الاتهام الموجه ضدها، بدلا من تجاهله. ولبعض هذه المبررات أساس فى الواقع، مثل صعوبات نقل تقنية جديدة مُعقدة تُجرَّب للمرة الأولى. ولكن هذه الصعوبات يمكن تذليلها تدريجيًا, لولا سعى الشركات إلى تحقيق أكبر مقدار من الأرباح، وتطلع بعضها إلى الهيمنة على أسواق العقاقير الطبية فى العالم عبر استخدام تقنية الحمض النووى فى إنتاج لقاحات وأدوية أخرى متعددة. غير أن شركات الأدوية هذه، وحكومات الدول التى توجد بها، ليست وحدها الراسبة فى اختبار الإنسانية المرتبط بحماية أرواح البشر من الأمراض. كل أصحاب المال الكبار المحجمين عن تمويل أبحاث لتطوير لقاحات وعلاجات لأمراض مختلفة فى بلادهم راسبون أيضًا.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: