عندما تُذكر كلمة بوهيمى أو بوهيمية، تُستدعى عادةً صورة شخص طويل الشعر، وقد يكون مُغَّبرًا، ويرتدى ملابس غريبة، ويتصرف بطريقة غير مألوفة. وقد يكون كثير من البوهيميين كذلك فعلاً. ولكن هذا ليس أهم ما صار يُميَّزهم منذ أن انتشرت موسيقاهم فى أوروبا فى منتصف القرن التاسع عشر. فربما نصادف أشخاصًا متمردين لا يتقيدون بأنماط الحياة المعتادة، ولكنهم ليسوا بوهيميين. البوهيمية فى مضمونها الآن فن موسيقى مُميَّز يمكن أن يحبه أو يُعنى به مثقفون غير بوهيميين أيضًا.
وهذا ما يُذكَّرنا به حلول المئوية الثانية لميلاد الموسيقى وعازف البيانو والكاتب الكبير فرانز ليست، والتى تصادف مرور 135 عامًا على رحيله. فمازال كتابه (البوهيميون وموسيقاهم فى المجر) الصادر عام 1859 من أجمل ما كُتب فى هذا المجال، برغم عدم دقة بعض ما ورد به، لأنه لم يتقيد بالواقع فى كتاباته الذى يتفق من أرخَّوا له على أن كلا منها يُعد قطعة من الأدب الجميل. فقد مزج الواقع بالخيال فى هذه الكتابات، ومنها كتابه عن البوهيميين، برغم أنه كتبه بعد رحلة قام بها إلى أوروبا الوسطي، وعزف خلالها على البيانو فى حفلات عدة. ا
كتشف ليست موسيقى البوهيميين خلال زيارته موطن الغجر فى المنطقة التى توجد فيها تشيكيا الآن. وربما كان قد اطلع على مجموعة قصصية نشرها الكاتب الفرنسى هنرى مورجيه عام 1845 تحت عنوان (مشاهد من الحياة البوهيمية). والمهم أن ليست أُعجب بموسيقى البوهيميين، واستلهم بعض أساليبها فى عدد من أعماله, وساهم من خلال شهرته فى التعريف بها.
وهو من المثقفين القلائل الذين تبدأ شهرتهم فى وقت مبكر0 كان ليست فى الثانية عشرة من عمره عندما نال إعجاب الفنان العظيم بيتهوفن. فقد أُتيح له أن يعزف فى حضور بيتهوفن، الذى اعتلى المسرح فور انتهاء المعزوفة وعانقه. لكن دور ليست لا يقلل أهمية مساهمة الموسيقى الإيطالى جاكومو بوتشينى فى نشر المعرفة بالبوهيميين فى أوروبا عندما أنجز عرضًا أوبراليًا مستوحى من مجموعة مورجيه (حياة البوهيميين) وعرضه فى أوبرا تورينو عام 1896.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: