رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

التاريخ إجبارى بالدستور؟

جاءت احتفالية الفخر المبهرة لنقل المومياوات الفرعونية لأعود وأبحث فى دفاتر التعليم المصرى عنها ولماذا نتجاهل تدريس التاريخ وتتدنى معلوماتنا عنه بل درجات امتحانه رغم النص الدستورى؟

فعلى صفحته الشخصية بالفيس بوك أعلن وزير التربية والتعليم د. طارق شوقى نتائج المواد الدراسية والامتحانات العامة التى تمت على مستوى الجمهورية للصف الاول والثانى الثانوى والتى تمت بالتابلت، وقبل ان يصدر تعليمات بإلغاء الامتحانات القادمة به!، والعودة الى نظام الامتحان الورقى مرة أخرى وداخل المدارس اى كما كان فى الماضى القريب!.

وبعيدا عن الاسباب التى أدت الى إلغاء الامتحان لعموم مصر بالتابلت وهى مازالت غامضة وغير معلنة حتى الآن ومازالت أسئلة فقط دون اجابات؟ فإن الظاهرة المقلقة أكثر هى تلك النسب والنتائج التفصيلية للمواد الدراسية لمرحلة الثانوى العام والتى اعلنها الوزير على صفحته، خاصة أنها كشفت عن ان أدنى الدرجات التى حصل عليها الطلاب بالصف الثانى الثانوى على سبيل المثال كانت تتعلق بمواد الهوية وعلى رأسها اللغة العربية والتاريخ اللذان جاءا فى ذيل قائمة نتائج الطلاب!. فأهمية مواد اللغة العربية والتاريخ انها تمثل المواد الوحيدة مع مادة الجغرافيا التى تميز بين مختلف البلاد والاوطان وهو ما أدى بالمشرع الدستورى المصرى إلى التركيز على دراستها، حيث تقول المادة الـ ٢٤ من الدستور: اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطنى بكل مراحله مواد أساسية فى التعليم قبل الجامعى الحكومى والخاص.. انتهت المادة الدستورية والتى تثير سؤالا مهما هل تطبق وزارة التعليم النص الدستورى كاملا وتدرس هذه المواد كمواد اساسية للجميع أم اكتفت بالتطبيق لنصفها فقط ؟وحتى مرحلة ما بعد الاعدادية بعام واحد فقط؟ وبمعنى آخر لماذا لايدرس التاريخ الوطنى كمادة مستقلة لجميع السنوات كما يقول الدستور؟ وتطبق الوزارة نصف المادة الدستورية فقط فى اللغة العربية والدين وهل عدم تدريسهما للجميع هو أحد الاسباب وراء انخفاض نسب النجاح فى التاريخ واللغة العربية وجاءت ٦٦٪ ،٦٧٪ على الترتيب كما فى الرسم البيانى بصفحة الوزير؟.

فتدريس التاريخ الوطنى للطلاب ليس رفاهية وحشو مناهج خاصة بعد مرحلة الصف الاول الثانوى لان عدم تدريسه يمثل خطرا كبيرا على الهوية المصرية فمرحلة الثانوى (سن المراهقة) هى مرحلة مهمة للتكوين العقلى والمعرفى للطلاب واذا كانت أعداد الملتحقين بالقسم العلمى اكبر من القسم الادبى الذى يدرس التاريخ سنعرف دلالة أزمة انخفاض المعرفة الوطنية والتاريخ لدى طلاب الكليات العلمية والمعاهد واقتصار المعلومات على القشور والحد الادنى للتاريخ الوطنى ومما يسهل بعد ذلك تصديق اى معلومات تقال عن الوطن, يزيد من خطورة الامر ان هذه المادة الدستورية لاتطبق ايضا على طلاب المدارس التى تعطى شهادة أجنبية ويكتفى بطلب درجة النجاح اى ٥٠٪ فى اللغة العربية والدين ودون دراسة التاريخ الوطنى وذلك لختم الشهادة الاجنبية من وزارة التعليم ، مع أن نفس هؤلاء الطلاب يدرسون تاريخنا الفرعونى مفصلا واكثر مما فى مناهجنا بل تاريخ الدول التى يحصلون على شهادتها الاجنبية حتى وهم داخل الوطن ولم يغادروا وهذا ليس مطالبة بعدم تدريس تاريخ هذه الدول لأنها ميزة بالفعل فى الزيادة من معارف الطلاب ومعلوماتهم عن العالم ولكن يجب فى المقابل ان نحصن طلابنا بالمعلومات التاريخية والوافية عن الوطن وندرس لهم مادة مستقلة اسمها التاريخ.

وهى ضرورة حتمية ايضا وكل دول العالم المتقدم تدرس تاريخها حتى الدول الحديثة التكوين ،ونحن تاريخنا وكما يقال مصر جاءت أولا ثم جاء التاريخ. فكيف نحرم طلابنا فى الثانوى العلمى وغيرهم وهم يقترب عددهم من نصف مليون طالب سنويا من تعلم التاريخ اى يتراكم لدينا ملايين الطلاب عاما بعد آخر وقد توقفت معلوماتهم عن الوطن وتاريخه عند عناوين كتب الدراسات الاجتماعية فى الاعدادية بعام .

فمادة التاريخ تدرس ضمن مادة اسمها الدراسات الاجتماعية -وجزدا منها- وعدد صفحتها لا يتجاوز ١٠٠ صفحة فى العام الدراسى كله وأغلبها رءوس عناوين لاسماء وأحداث تاريخية كما ان مادة التربية القومية ليست تاريخا ايضا ولا تضاف للمجموع. ان سر قلق ونفور الطلاب وأولياء امورهم من عدم حب مادة العربى أو الدراسات الاجتماعية نتيجة للموضوعات المختارة والطريقة التى يتم التدريس والامتحان بها، وغير متصور انه من إجل امتحانات التابلت تلغى الاسئلة المقالية والتفكير مثل الغاء موضوع التعبير وهى طريقة غير موجودة فى تدريس اى لغة بدول العالم مما قد يسهم فى خلق جيل لايجيد الكتابة واحيانا القراءة ايضا أو تكوين جملة مفيدة باللغة العربية كما جاء فى مدرسة المشاغبين!.

والمنهج الحالى فى الامتحانات حتى فى التاريخ يفقد الطلاب مهاراة الابداع والتفكير بل وفى مختلف انواع الكتابة بل حتى يؤثر على التخصصات العلمية والطبية فلا يكتب روشتة صحيحة حتى لو على التابلت والمبرر ان التصحيح سيكون الكترونيا؟! وكأن البرنامج الذى اخترعه انسان لايستطيع ترك سؤال للتعبير والتاريخ والابداع بجانب ان نظام اسئلة الامتحان بالاختيار من متعدد، رغم انها توفر الوقت فى التصحيح الالكترونى فإنها ايضا طريقة حديثة للحفظ والتلقين بل استسهال مبدأ الفهلوة والغش وليس الحد منه، فهل آن الاوان لتطبيق النص الدستورى الملزم وللمراجعة فى الهدف من التعلم والاهتمام بالمضمون التعليمى والمناهج التى تدرس، وتخلق الشخصية الوطنية وجوهرها تدريس التاريخ القومى الذى ينص عليه الدستور.


لمزيد من مقالات إيمان رسلان

رابط دائم: