تزامن مع ما يحدث لمجموعة من أهم صروحنا الصناعية الوطنية مع تجدد ذكرى جريمة من جرائم العدو الصهيونى ففى 12 فبراير 1970 أراد الصهاينة الرد على الضربات الموجعة لحرب الاستنزاف والمجموعة 39 قتال بقيادة البطل الشهيد الرفاعى فقصفوا مصنع أبو زعبل للحديد والصلب واستشهد 70 عاملا وأصيب 68 ورغم الاستعدادات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية التى كانت تتم لمعركة النصر 1973 فقد أمر الرئيس عبدالناصر بإعادة بناء المصنع وعلى الفور حمل المسئولية أول واصغر وزير تولى وزارة الصناعة .د.عزيز صدقى وأعيد بناء المصنع فى شهور إلى أن جاء طلاب الخصخصة الذين حولوا المصانع إلى أنقاض وقاموا بتسريح العمال ولا اعرف كيف يسعى الآن البعض لتصفية الحديد والصلب والدولة تسعى لتوطين الصناعات الثقيلة؟!
> هذا هو الفارق بين من يدركون ما تمثله الصروح الصناعية الوطنية لاقتصاد دول من قوة وحماية للامن القومى وبين من يرونها بقايا ورموز رومانسية وماض انتهى زمانه وآن أوان استبدالها بمصانع الاستثمار الأجنبى والخاص وتزامن مع ما يحدث لمجموعة من أهم واكبر صروحنا الصناعية والوطنية مع ذكرى رحيل واحد من أعظم البنائين فى تاريخ تشييد هذه الصروح والذين آمنوا بأهميتها فى حماية وقوة الدولة وأن امكانات مصر فى التصنيع لا تقل عن قدراتها وإمكاناتها فى الزراعة ... فإذا كان الوطنى طلعت حرب رائد تمصير الاقتصاد المصرى منشئ أول بنك وطنى مصرى صنع به نهضة صناعية عظيمة فقد أطلق على .د. عزيز صدقى أبو الصناعة فى مصر ..
بعد ثورة يوليو سمع الرئيس عبدالناصر عن مهندس مصرى شاب اعد دراسة للدكتوراه عن حتمية التصنيع فى مصر وأن إمكانات التوسع الزراعى فى مصر لها حدود واثبت ان مصر تستطيع ان تصنع نهضة صناعية عظيمة تكون أساسا لقوتها فى الحاضر والمستقبل .. لم يكن هذا يعنى عدم الاهتمام بالريف فقد وضع تخطيطا لإنشاء كيانات جديدة تسمى الوحدات المجمعة تضم خدمات صحية وبيطرية وتعليمية وثقافية فى مجمع واحد .. وأرجو أن تكون هذه الوحدات من مكونات المشروع القومى الكبير الذى دعا اليه الرئيس السيسى لتطوير قرى الريف المصرى وجميع توابعها من النجوع والتجمعات السكانية.
وفى رأيى أن بداية التألق للدكتور عزيز صدقى بدأ بطلب الرئيس عبدالناصر رسالته للدكتوراه عن حتمية التصنيع الوطنى فى مصر فاستدعى المهندس الشاب مقدما نموذجا لما يحققه الاستثمار الأمثل للكفاءات والقوى البشرية ـ وفى واحد من الأحاديث الصحفية القليلة التى أدلى بها د.عزيز صدقى حكى كيف طلب الرئيس عبدالناصر منه برنامجا طموحا للتصنيع فى مجالات النسيج والصناعات الغذائية ومواد البناء والاسمنت والسكر والحديد والصلب والدواء والسيارات .. وذكر .د.عزيز صدقى فى الحديث ان تعدادنا يومها كان 19 مليونا ونزيد سنويا نحو مليون و300 ألف نسمة وانه يجب ان يكون من زرع أيديهم وإنتاج مصانعهم ما يوفر احتياجاتهم ومطالبهم الرئيسية.
ومن أجمل الذكريات التى ذكرها الزميل سعيد الشحات فى حديث أجراه 25 يناير2008 مع .د.عزيز صدقى ما قاله يوما له الرئيس عبدالناصر إن هناك من يتهمونك بالفشر عندما نتحدث عن انشاء ألف مصنع فرد ساخرا: عمِّن يكتبون وهم لا يعرفون! وفى مؤتمر فى ميدان عابدين وفى خطاب للرئيس عبدالناصر «قال عزيز صدقى بيقول إنه أتبنى ألف مصنع وأطلب منه نشر بيان بما انشىء من مصانع».. ويضيف .د. صدقى أننا بالفعل نفذنا ما طلب عبدالناصر ونشرنا بيانا باسم كل مصنع وتاريخه ومكانه وتكاليفه وأهدافه واتضح أنها اكثر من ألف مصنع.
بعد أن رأى أبناؤه كما كان يطلق على ما انشأوه من مصانع يذبحون فى الخصخصة عاد إلى الحياة السياسية لتكوين جبهة وطنية للمعارضة شرفت بعضويتها واذكر ان بين القامات الوطنية الكبيرة التى شاركت فيها العالم الجليل وأستاذ الأورام .د.محمود محفوظ الذى تولى مهمة تجهيز مستشفيات مصر وبنوك الدم وكوادر الاطباء والتمريض كوزير للصحة لحرب اكتوبر وناهضت الجمعية سياسات الهيمنة الاجنبية ودعت الى تغيير الدستور وحماية ما تبقى من مصانع ومناهضة المخططات الاستعمارية الجديدة لهدم وتفتيت الأمة العربية وفرض سيطرة الكيان الصهيونى عليها، مؤمنا ان مصر تمثل القلب الحامى لأمتها مما يقتضى توفير جميع المقومات التى تدعم أداء هذا الدور حاضرا ومستقبلا .. لقد امتلك .د. عزيز صدقى بصرا وبصيرة وطنية للمستقبل وكل ما حدث ويحدث فيه الآن .
> لن أذهب بعيدا فى الحديث عن مافيا الخصخصة وما فعلته بمصانعنا وواحدة من أخطرها فى مجال الدواء ذكرنى بها حالة التنافسية العالمية لإنتاج لقاح كورونا وما ظهر من تعصب الأغنياء لشعوبهم والمتاجرة بأسعار وتوزيع الأمصال واللقاحات ..أين مكاننا فى هذه المواجهة وقد سبقت معامل أبحاثنا للأمصال أشهر المعاهد العالمية والذى واجهنا بإنتاجه ما عصف بالعالم من أمراض وأوبئة.
لا أصدق أن علماءنا لا يملكون الكفاية والقدرة للتنافس والتفوق وفى بداية ظهور الوباء فى الصين كتبت فى مقال عن اتصال تليفونى مع أ.د محمد هاشم زكى رئيس المجلس القومى للبحوث وسمعت أخبارا مطمئنة عن استعدادات المعهد وان لجان بحث بدأت بالفعل بعد أن حصلوا على بروتين الفيروس بشكل خاص من جامعة هونج كونج. ما يعنينى الآن ثقة فيما لدينا من علماء وباحثين فى مراكز أبحاثنا وجامعاتنا وما يستطيعون أن يحققوه ويوفروه من أعلى درجات الأمان فى أمصال ولقاحات تحمينا من تغول أغنياء وقادرين بارتفاع أسعاره أو تحديد كميات أنتاجه وماذا عما أعلنته وزيرة الصحة عن الإعداد لإقامة مركز جديد للأمصال وهل هذا دور وزارة الصحة وماذا عما أعلنته من قبل عن إعادة احياء مركز أمصالنا القومى بما حققه من نجاحات قبل ان يدمره طلاب الخصخصة ليلحق بما حدث من جرائم لصروحنا الصناعية وما توالى عليها من وزراء ومجالس إدارات لم يمتلكوا وطنية وكفاءة ورؤية .د.عزيز صدقى.
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: