رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أزمة الحديد والصلب.. إلى أين؟

تشعبت الأزمة الناتجة عن قرار تصفية مصنع الحديد والصلب بحلوان، وتعددت الآراء، بيد أن هناك على الأقل فريقين، الأول مؤيد للقرار من زاوية أن المصنع يحقق خسائر كبيرة للغاية، ولم يعد وجوده مجديا أو مجزياً، لذلك فمن الأفضل بحساب الأرباح والخسائر بيع المصنع، لإيقاف نزيف الخسائر. رغم أن تعويض العاملين بالمصنع، من المؤكد أنه يُضاف لقيمة الخسائر، ولكنه سيكون آخرها. أما الرأى الآخر، فيتحدث عن فداحة الفعل، وآثامه فكيف يمكن التفريط فى صناعة ثقيلة بحجم الحديد والصلب، ولماذا لا يتم تطويره، بدلا من تصفيته، وجاء الرد على تلك النقطة سريعا، فالتطوير مكلف جدا جدا، ومن ثم فذلك يُعدُّ عبئا ماليا كبيرا، غير مجد اقتصاديا، وهذا رأى المؤيدين للبيع.

وأمسينا ننظر للأمر من زاوية واحدة فقط، وهى للأسف زاوية ضيقة جدا، زاوية المكسب والخسارة، دون النظر لأبعاد أخرى قد تكون أكثر أهمية. فالدولة على مدى سبع سنوات هى عمر ولاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، أنجزت عددا ضخما جدا جدا من المشروعات تجاوزت قيمتها 5.6 تريليون جنيه، وهو الرقم الأكبر على مدى تاريخ مصر بالكامل؛منها عدد غير قليل ، مشروعات خدمية، أى أنها لا تهدف للربح، فى مجالات الطرق و الكبارى، والصرف الصحى، وكذلك توصيل المياه للقرى المحرومة، ويجب ألا يفوتنا ما يتم إنجازه فى ملف الصحة، فقد تم القضاء على فيروس سى كأحد أهم الإنجازات الصحية على الإطلاق، دون أن يتحمل المريض جنيها واحدا، أما ما تفعله فى منظومة التأمين الصحى، فهو حديث يبدأ و لاينتهى، وأختم حديث هذا الملف، بما أنجزناه فى مواجهة الكورونا، فهو باهر بكل المقاييس.

أما الأكثر تميزا، فهو ما فعلته الدولة فى ملف الدعم، فقد تعاملت معه بحرفية فائقة، وأعلنت للمواطن آلية التعامل، من خلال خطة مدروسة، وبات يعلم بيقين كامل، جدولة رفع الدعم، وإلى أين تذهب تلك القيمة المالية التى توافرت جراء رفعه. والأدلة موجودة فى المنتجات البترولية، وكذلك الكهرباء. والآن، نحن بصدد إنجاز مشروع جديد، مشروع القطارالكهربائى، الذى يربط البحر الأحمر بالأبيض، مرحلته الأولى، كما أعلنت الحكومة 460 كيلو مترا، بتكلفة تصل إلى 360 مليار جنيه، وهو مشروع عبقرى بكل المعايير، فهو بمنزلة شريان حياة جديد، من شأنه ضخ استثمارات جديدة، وأيضا إيجاد فرص عمل، ناهيك عن أنه ييسر التنقل من الساحل الشرقى للشمالى فى وقت قياسى، من السخنة إلى العلمين الجديدة مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة 6 أكتوبر. أليس هذا المشروع العملاق فى حاجة كبيرة و أساسية للحديد، نعم.

ومن المؤكد أن جزءا كبيرا من كلفته تذهب لشراء الحديد لأنواع مختلفة، فما الضير فى تطوير مصنع الحديد و الصلب بحلوان، وتحميل مشروع القطار الكهربائى بكلفة تطويره، لاسيما أن إنتاجه سيدخل ضمن نفقات المشروع. ويجب ألا ننسى المرحلة الثانية من مشروع القطار الكهربائى، التى ستوصل أطواله لألف كيلو متر.

مع صعوبة حساب تكلفة الحديد المطلوب لذلك المشروع العملاق، مقارنة بالكلفة النهائية، فإن المؤكد أنها قيمة كبيرة، قد تفوق قيمة التطوير بشكل ما، ولأنه متوقع أن يؤتى المشروع ثماره بعد تشغيله، فأيضا يمكن تغطية نفقات تطوير مصنع الحديد. هذا بديل جديد بخلاف ما تم طرحه لمعالجة أزمة مصنع الحديد والصلب بحلوان، قد يكون مفيدا التعامل معه من خلال تلك الزاوية الجديدة، أو يمكن تجاهل ذلك الحل باعتبار جدواه الاقتصادية غير مربحة، لوجود حلول أخرى أكثر ربحية. ولكن، علينا التريث ونحن نتعامل مع أزمة مصنع الحديد الذى ظل يحقق خسائر معلومة للمحيطين و القريبين، من المسئولين سنوات عديدة، دون أن نتحرك بشكل إيجابى صوب إيقاف ذلك النزيف، ليكون الحل الأيسر، وهو التخلص منه بشكل تام، فى تقديرى بمنزلة مكافأة قيمة لكل الفاسدين، الذين تسببوا فى خسائره ، رغم أنه يمثل رافدا مهما لكل مشروعات البناء فى مصر على الإطلاق.

وهنا من حق الرأى العام، الذى وجد اهتماما بشأنه من المسئولين، وباتت الحقائق واضحة و مكشوفة للناس، دون تزييف أو تجميل، والأمثلة كثيرة فى قضايا عديدة. أن يعلم و بالشفافية التى اعتادها، ما المصير الذى سيؤول إليه مصنع الحديد والصلب، ولماذا؟ بمعنى، إذا تم إقرار البيع، فهل سيكون مصير كل الشركات المشابهة والخاسرة، المصير نفسه، أم لا، بسبب وجود حسابات مختلفة فى التقييم. ويبقى أن نؤكد أن موقع المصنع ليس مثاليا، لبعده عن مصدر خام الحديد بمسافة طويلة جدا، ومن المؤكد أن ذلك يمثل عبئاً على التكلفة النهائية لقيمة منتجه النهائى، ولكن يمكن التعاطى مع هذا الأمر مستقبلا بما يعضد تقليل الكلفة بالتفكير بتقريب المصنع من مصدر الخام، ولكن من خلال وضع خطة مدروسة ومعلنة، يمكن للناس متابعة تنفيذها بيسر.

فى النهاية، أزمة مصنع الحديد كاشفة لآلية لجوانب عديدة، فعلى مدى العقدين الماضيين، ومع توالى حكومات مختلفة من حيث الفكر، وطريقة التعامل معه، ظل المصنع يعمل محققا خسائره المعروفه، مثله مثل قطاعات أخرى جرى تصفيتها فى حكومة سابقة، وبتنا نتندر على صفقات البيع، ونلقى باللوم على الظروف، كما بتنا نتحسر.

فإلى أى الحلول نلجأ؟.. ولماذا

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: