رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عن قلاعنا الصناعية ... ونيرون أمريكا

على قدر ما أتاح لى عملى الصحفى من زيارات ميدانية فى جميع أنحاء مصر فلا أنسى أبدا زيارتى لمصنع الحديد والصلب بالتبين والمدينة السكنية الرائعة الملحقة به للعاملين من عمال ومهندسين، وكانت واحدة من صديقات العمر تزوجت مهندسا يعمل بالمصنع الذى كان صرحا من أهم الصروح الصناعية التى شيدتها ثورة 23 يوليو 1952 لخدمة ثورة التصنيع واستثمار لثروة مصر من مناجم الحديد وتستكمل النهضة الكبرى للرائد طلعت حرب ومجموعة شركات بنك مصر كشركة مصر لحلج الأقطان 1924 ومصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى 1927 ومصر لنسيج الحرير 1927 ومصر لتصدير الأقطان 1930 وبيع المصنوعات المصرية 1932 ومصر لصناعة وتجارة الزيوت وشركتى صباغى البيضا ومصر للغزل الرفيع 1938 ومصر لصناعة الأسمنت المسلح 1938، ومصر للمناجم 1938، ومصر للمستحضرات الطبية1940، اختصرت أسماء بعض الشركات التى أنشأها الرائد العظيم من خلال أول بنك وطنى مصرى تحدى به سيطرة الانجليز على الاقتصاد المصرى وأرادت أن تستكملها ثورة 23 يوليو وكنت من أجيال تتفتح على الزهو الوطنى بعودة مصر لحكم أبنائها بعد آلاف السنين من حكم غزاة وطامعين وغرباء وتدرك أهمية استكمال صروحها الصناعية والزراعية وتحويل الفلاحين إلى ملاك لأرضهم بعد أن كانوا مع الأرض من أملاك الحكام والاقطاع وإنهاء الاحتلال البريطانى، ووسط إنجازات للثورة كانت زيارتى لمدينة التبين وتقع بعد حلوان فى محافظة القاهرة ورأيت مجتمعا متكاملا اجتماعيا وصناعيا وإنسانيا وشبابيا ورياضيا يصخب بالكبرياء والزهو الوطنى بما بدأوا يحققونه فى إنتاج الحديد والصلب .. وظل مصنع الحديد والصلب يقاوم أن يلحق بما أهدته الخصخصة للقطاع الخاص الى أن أعلن الاثنين الماضى 11 يناير 2021 تشييعه إلى مثواه الأخير بعد مقاومة باسلة لأكثر من 6000 عامل لإعادته للحياة ولسابق ما كان يحققه من انتاج ويشارك به إلى جانب مصانع القطاع الخاص لإنتاج الحديد والصلب التى واصلت النجاح والسيطرة على الأسواق ولم يصبها ما أصاب الشركة الوطنية للحديد والصلب التى وافقت جمعيتها العامة على تصفيتها وتقسيمها الى شركتين شركة للحديد والصلب التى تم تصفيتها وشركة للمناجم والمحاجر سيدخل القطاع الخاص شريكا فيها ووفق المنشور بالأهرام 12 /1 فخسائر الشركة من يوليو 2019 حتى 30 يونيو 2020وصلت إلى 982.8 مليون جنيه بينما كانت الخسائر عن نفس الفترة من العام الأسبق 1.5 مليار جنيه.

> ماذا أوصل الخسائر إلى هذه الأرقام وكيف استمرت منذ إنشائها فى العمل والإنتاج وضمت هذه القوة العمالية الهائلة، ولماذا تزدهر أرباح الشركات الخاصة لإنتاج الحديد والصلب وبعضها أيضا كان ملكا للشعب وهل ستقوم الشركات الخاصة باستثمار إنتاج شركة المناجم والمحاجر التى اقتطعت من شركة الحديد والصلب وخاصة أن القطاع الخاص سيشارك أيضا فى ملكيتها؟!

لفت نظري إحساس عميق بالألم وعظم الخسائر التى يمثلها انهيار مثل هذا الصرح الصناعى، تملك فئات مختلفة من المصريين أتفق معهم فى ضرورة أن مراجعة هذه الخسائر وتحدد مسئولية من قاموا على إدارتها وعن مصير هذه القوة الهائلة من آلاف العمال وقبل أن يلحق بشركة الحديد والصلب الشركات الأخرى المرشحة للتصفية كشركة الإسكندرية لتداول الحاويات وشركة الدلتا والأسمدة وقد نشر أيضا الاثنين 11 /1/2021 فى نفس يوم إعلان تصفية شركة الحديد والصلب أن وزير قطاع الأعمال أعلن أن طرح شركة نادى غزل المحلة فى البورصة مرتبط بأداء الفريق الكروى من أجل تحفيز اللاعبين وتحسين نتائج الفريق فى دورى الدرجة الأولى بعد أن أصبح نادى غزل المحلة فى المركز الـ 12 بقائمة الدورى الممتاز!! لست ضد كرة القدم لا سمح الله وتهنئة بصعود غزل المحلة إلى الدورى الممتاز، الأمر الذى لا أفهم فيه شيئا وكنت أفضل ان أوجه التهنئة بإنقاذ وإحياء واحدة من كبرى شركاتنا الوطنية وحياة وأسر ما يتجاوز 6000 عامل.

> من حق الملاك الحقيقيين لهذه الصروح الصناعية من ملايين المصريين ان تقدم لهم تفسيرات واضحة بالمصير الذى تقرر لهذه المصانع وللمهمة التى تحولت إليها وزارة قطاع الأعمال، لقد كان من أهم الآمال المعقودة على ثورة 30 /6 إنقاذ مصر من آثار فساد وإفساد وتدمير امتد لعشرات السنين ومواجهة آثار كارثة الخصخصة وتدمير الزراعة والصناعة وقد بدأت إجراءات إنقاذ الزراعة بثورة منع البناء على الأراضى الزراعية وإنقاذ ما تبقى منها، وتتكامل الثورة الآن بتنفيذ مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعى واستصلاح 500 ألف فدان على امتداد طريق محور الضبعة .. ولكن مازال مصير الصروح الصناعية العظيمة يبدو مهددا بالتصفية رغم ما تمثله قوة الصناعة لأى دولة وما لدى مصر من قوة عمالية هائلة وماذا عما يقال عن تصفية شركات أخرى مثل الإسكندرية للحاويات والدلتا للأسمدة... لعل التغيير الوزارى الذى يرتبط بدورة برلمانية جديدة يلبى آمال المصريين التى انعقدت على ثورتهم وأن يتولى وزراء ومسئولون من الخبرات والكفاءات الوطنية الذين تمتلئ بهم مصر فى جميع المجالات ليخففوا آثار تقصير وعجز وفشل عانى منه المصريون عشرات السنين.

> ثلاثة أيام وتنتهى ولاية الرئيس الامريكي ترامب الذى ذكرنى بنيرون الذى قيل إنه أشعل النار فى روما واعتلى بناء عاليا ليستمتع برؤية بلاده تحترق وبيده آلة يعزف عليها ويردد أشعار هوميروس ... ثلاثة أيام يعلم الله وحده ما يمكن أن يحدث فيها أو يرتكبه من حماقات رئيس مازال يملك أن يفجر العالم الا إذا سبق مجلس الشيوخ ونزع صلاحياته...من يصدق أن هذا الرئيس بما تكشف يسعى لتقسيم بلاده وإشعال النار فيها وكشف عن افتقاده اللياقة النفسية والسياسية ظل لأربع سنوات يملك بضغطة زر أن يفجر العالم وارتكب خلالها حماقات واستقواء، كان نصيب الشرق الأوسط والعالم العربى الأكبر والأخطر منها ووجد استسلاما لإرادته وقراراته المهووسة لدعم وتفوق الكيان الصهيونى وإيقاع دول عربية فى شباك التطبيع والاعتراف بالقدس كاملة عاصمة للكيان الاستيطاني وضم الجولان السورية، ونافست قرارات نيرون الجديد ما فعله الوباء اللعين بسكان الأرض .. هل يعنى هذا أن نتوقع أو ننتظر ان يكون القادم بعده أفضل؟!

لن يتحقق الأفضل الا إذا استقوى واعتصم حكام عالمنا العربى بشعوبهم وأطلقوا طاقاتهم وقواهم الكامنة بالعدالة والكرامة واحترام حرياتهم المسئولة وتفعيل حقوق المواطنة بلا تمييز وحق الاختلاف والمعارضة البناءة .


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: