لاشك أن البعض فى مصر ودول الخليج قد تفاءلوا بالجهود الناجحة التى قامت ومازالت تقوم بها دولة الكويت بغطاء امريكى فى الفترة الاخيرة لتحقيق المصالحة بين الرباعى العربى -مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ومملكة البحرين- مع دولة قطر وتفكيك ونزع الالغام امام احداث الاختراق المطلوب فى هذا الملف الشائك منذ اكثر من ثلاث سنوات ونصف سنة, وقيل انها احرزت بعض التقدم الملموس وتحدث البعض فى عواصم خليجية ان الامر بات بالفعل فى متناول اليد ولكن الامل والتمنى والحلم شىء وواقع الحال على ارض الواقع من قبل الدوحة شىء آخر.
وبدورى اردت متابعة الامر عن كثب واهتمام بالغين لعل وعسى امنى النفس كصحفى معنى بمثل هذا الملف مثل غيره من تطورات الاوضاع العربية والاقليمية والدولية كما هو الحال لواقع الشأن المصرى باحداث تلك الانفراجة حيث قررت متابعة القرار والاعلام القطرى سواء المكتوب والمرئى بكثير من التركيز والاهتمام على مدى اسبوع كامل لاول مرة منذ سنوات لتفاصيل التعاطى القطرى مع سيناريوهات تلك المصالحة ولكن كانت المفاجأة صادمة حيث مازال القرار والاعلام القطرى تجاه دول الرباعى العربى على حاله بل أرادوا ابقاء القديم على قدمه بل ربما أيضا زادوا فى الآونة الاخيرة من حدة حملات التراشق والصدام وجرعات التحريض الرخيص حيث نالت مصر ومن بعدها دولة الامارات ثم البحرين النصيب الاوفر وهذا مالا يمكن القبول به او الرهان على تلك الجهود حتى الآن.
اضف الى كل ذلك حجم ما هالنى من لغة العدائية وربما العدوانية من قبل الاعلام القطرى تجاه الدولة والشعب المصرى بكثير من الكيدية ولغة الانتقام والتشفى حيث بات الامر جليا لكل مراقب ان تلك الحملات ممنهجة بامتياز هناك حيث حجم التركيز وخلق الفتن للداخل المصرى كان واضحا طاغيا وان كل تلك الارتكابات لم تكن من فراغ او تنم عن رغبة صادقة وارادة حية فى قطر لافساح وتعبيد الطريق امام مرور تلك المصالحة او نيات صادقة للتعاطى معها بشىء من الكياسة والذكاء السياسي, بل على العكس تماما بات الظاهر وهذا مالاتخطئه العين ان الهدف القطرى من وراء استمرار مثل هذه الممارسات وبهذا الحجم فى هذا التوقيت بالذات ارسال رسالة لدول وشعوب الرباعى العربى باننا فى الدوحة سنبقى على حالنا ولن نتغير وعليكم ان تقبلوا هذا الامر على علته وان كل مانفعله ونمارسه هو جزء اصيل من العقيدة السياسية والاعلامية للدوحة وهو الحال الذى لايمكن ان يقبل به اى عاقل فى العواصم الاربع.
مما لاشك فيه ان حقائق الواقع وطبائع الامور تقول إنه اذا كانت هناك رغبة ونية خالصة وإرادة صادقة من قبل الدوحة للتعاطى ايجابيا مع جهود المصالحة تلك ان تسارع دون ابطاء الى تغيير لغة الخطاب السياسى والاعلامى من الفور وتتخلى عن لغة المناكفات وتصدير الازمات والفتن على مدار الساعة للدول الاربع وفى المقدمة مصر لانه لايمكن باى حال ان يظل يقبل المصرى ألسنة وهجمات تلك المنصة الاعلامية القطرية الجزيرة واخواتها وصحفها التابعة للقصر الاميرى وهى تقطر سما يوميا وتسعى للتحريض ضد الدولة والقيادة والشعب المصرى بسبب ثارات الماضى عندما افشلا المشروع القطرى - التركى بتمكين وتثبيت حكم جماعة الاخوان الارهابية وهو مايفهم ويتأكد من زيادة تكثيف نهج الاحتقان وتدبيج الحملات للاستهداف المصرى واللجوء الى تعظيم التحريض الاوروبى والدولى كما فعلوا طيلة الايام الماضية بشان التعاطى مع ملف الباحث الايطالى ريجينى الذى أغلقته السلطات المصرية قضائيا بسبب انعدام الادلة والقرائن لكن فى المقابل وجدت السلطات القطرية واعلامها حديث ايطاليا والبرلمان الاوروبى عن استمرار التعاطى مع تلك القضية فرصة لزيادة جرعات الدس ضد المصريين وراحت تخصص برامج وصفحات ومواقع اخبارية فى الدوحة ومحسوبة عليها فى الخارج لتزيد من موجات التحريض الغربى خاصة لدى الاوروبيين وتستضيف وزراء الحكومة الايطالية واعضاء البرلمان الاوروبى لتحريضهم ضد الدولة المصرية والمطالبة بانزال الخسائر والعقوبات عبر حملات انفلات غير موصوفة فى التاريخ العربى دون مراعاة لقيم ومشتركات العروبة والاخوة والدين واللغة والثقافة الواحدة. ناهيك عن عشرات الحملات المماثلة لقضايا تتعلق بالامارات والبحرين 0يلجأ فيها الجانب القطرى الى حملات مشابهة واساليب موازية لما تفعله بالتمام مع القاهرة 0 وبالتالى عندما يتابع المواطن المصرى او العربى فى الامارات والبحرين مجمل هذا المشهد المعيب حتى هذه اللحظة من قبل قطر.. يتساءل بداخله وما الداعى لذهاب بلدنا الى هذه المصالحة ! وربما يرفع صوته عن اى مصالحة تتحدثون؟.
واقع الحال يؤكد يقينا حتى الآن ان تلك المصالحة ستظل بعيدة المنال مالم تحدث معجزة الساعات الاخيرة بمعنى الكلمة, وقبل الذهاب الى الخامس من يناير موعد القمة الخليجية التى ستستضيفها الرياض حيث لا اعتراض بل ترحيب من الدول الثلاث مصر - الامارات - البحرين على امكانية نجاح الجهود السعودية فى تفكيك تلك الالغام والطلاسم القطرية بالتعاون مع الكويت, قبل هذا الموعد شرط توافر الضمانات الخطية لها قبل توقيع وثائق تلك المصالحة وتسليمها للمفاوض المصرى الذى يجب عليه الا يقبل وبشكل نهائى الا الالتزام الحرفى والتنفيذ القطرى الامين والكامل لحزمة الشروط الـ 13 التى حددها الرباعى فى يونيو 2017 قبل الذهاب الى مصالحة مع هذا المارق القطري, ناهيك عن وضع الرباعى العربى آلية ضوابط محكمة بينهما لتحجيم الانفلاتات المعهودة عنها, فضلا عن حزمة من الاجراءات والاستهدافات لترويض سياساتها وافعالها المؤذية بحيث تقطع الطريق عليها وتجنب العودة لها فى اى وقت. وإلاسنظل اسرى لممارسات وانشطة هذا البلد العدوانية ضدنا وابتزازنا بحملات رخيصة. ومن عمرى هذا مالن تقبله مصر أو تصمت طويلا حياله كما فى الماضي, حيث بات الامر يتطلب تغيير قواعد اللعبة السياسية والاعلامية مع الدوحة فى حالة انهيار تلك المصالحة فى اى وقت.
لمزيد من مقالات أشرف العشرى رابط دائم: