رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«طعمنى» .. شكرا!

«الحق في اللقاح» أو ما يسمونه الآن بـVaccination Right مصطلح جديد يتشكل في الأفق، وربما يكون هو مصطلح 2021 بلا منازع.

في أمريكا وبريطانيا وروسيا والصين، بدأ استخدام لقاحات كورونا بالفعل، وتفاوتت الآراء حول فاعلية كل منها، وتأثيراتها الجانبية، وانقسمت آراء المصريين: «نتلقح» أم لا؟ وكأنه صراع أهلي وزمالك، ولكن ظهور اللقاحات، استدعى طوفانا آخر من الأسئلة «الحقوقية»:

من يستحق المصل، ومن لا يستحق؟ هل يجب أن يكون تلقيح «البشر» إجباريا أم اختياريا؟ وإجباريا لمن؟ واختياريا لمن؟ وإذا كان التطعيم إجباريا، هل يجب أن تكون هناك عقوبات ضد من يرفض التطعيم؟ وهل يجب وضع قوانين وتشريعات لذلك؟ وهل يجب أن يكون اللقاح بالمجان، أم بمقابل؟ وإذا كان بمقابل، كيف سيتم تسعيره؟ ومن الذي سيحدد سعره؟ وهل تسعيره بثمن باهظ معناه أنه سيكون حصريا للأغنياء؟ ولو كان بالمجان، من سيتحمل تكاليف إنتاجه؟ ومن سيعوض الدول التي أنتجته عما أنفقته في البحث العلمي، وعملية الإنتاج والحفظ والنقل؟

أنا شخصيا أفتخر بأن مصر «الكبيرة» و«القوية» أثارت هذه النقطة في أكبر المحافل الدولية.

وزير الخارجية سامح شكري تحدث في اجتماع حول «كورونا» أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عما سماه بـ«الحق في النفاذ إلى اللقاح»، أي حق شعوب الدول الفقيرة والنامية في الحصول على اللقاح، حتى لا يصبح اللقاح لـ«ناس وناس».

شيخ الأزهر أيضا، تحدث عن المعنى نفسه، فدعا على فيسبوك المجتمع الدولي إلى اعتماد سياسة عادلة في توزيع اللقاح تشمل الفقراء والمحتاجين، واللاجئين أيضا.

قليلون منا من يعرف أن مصر وبريطانيا تتعاونان بالفعل في إطار مبادرة اسمها «كوفاكس» Covax ، للإشراف على التوزيع الشامل والعادل للقاح كورونا، وهي مبادرة عالمية أطلقت منذ أبريل الماضي بين منظمة الصحة العالمية والمفوضية الأوروبية وفرنسا للتعاون في جميع مراحل وأدوات مواجهة كورونا، وبخاصة مرحلة المصل، والسفير البريطاني بالقاهرة اعتبر أن تعاون الدول في توزيع اللقاح لا يقل أهمية عن التعاون في إنتاج المصل نفسه. ومع ذلك، فالمشكلة الآن لم تعد في ظهور اللقاح أو فاعليته، بقدر ما أصبحت في كيفية «تشريع» مرحلة «التلقيح».

في الولايات المتحدة وأوروبا، اعتبر كثيرون أن مجرد فرض غرامة على من لا يرتدي كمامة كورونا انتهاك لحقوق الإنسان!

حتى منع دخول أماكن، وإغلاق أماكن أخرى، والتباعد الاجتماعي، والقيود على السهرات، والحفلات، والتجمعات، كل هذه مصطلحات، تعامل معها كثيرون، وبخاصة في دول الحريات المطلقة، بكثير من الرفض والتأفف، لدرجة أننا شاهدنا أكثر من مظاهرة في مدن أمريكية وأوروبية احتجاجا على قرارات الغلق المرتبطة بكورونا، وربما كان هذا سبب زيادة وفيات ومصابي كورونا في أمريكا وأوروبا بالذات، في حين نجد سيطرة نسبية على انتشار الجائحة في دول أخرى شعوبها أكثر تعاونا والتزاما بالقوانين، مثل روسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية.

ولكن إذا كان هذا هو الحال مع الكمامة والغلق والتباعد في «عز» انتشار كورونا، فماذا سيكون عليه الحال لو خرجت حكومة ما لتعلن أن لقاح كورونا سيكون إجباريا؟!

في مصر وغيرها من دول العالم، الأغلبية تريد المصل، لتعود الحياة طبيعية، بدون كورونا، ولكن في الوقت نفسه، هناك كثيرون يرفضون فكرة التلقيح من أساسها، إما «خوفا» من المضاعفات، أو «غلاسة»، أو «عنطزة»، أو ربما لأسباب أخرى غريبة مثل عدم اعتراف البعض بشيء اسمه كورونا أصلا، أو اقتناعهم التام بأن الأمصال هدفها الاستحواذ على عقول البشر، على غرار الشريحة التي يتم تركيبها في ذراع الإنسان لتسهل مراقبته لاحقا وللأبد، كأفلام هوليوود!

هؤلاء جميعا في حاجة إلى قانون يجبرهم على التلقيح حفاظا على حياتهم، وعلى باقي أفراد المجتمع، وهو ما يجب أن تقرره الدولة، ولا أحد غيرها، حتى لا يصبح «المزاج الشخصي» عاملا مساعدا على انتشار المرض، وعند هذه النقطة، ستثار إشكاليات قانونية وحقوقية وأخلاقية، وربما دينية أيضا، لا حصر لها، بشأن موضوع التلقيح، مصريا، وعالميا، فلن يكون الجدل فقط حول الحق في النفاذ للقاح، أو الحق في التلقيح، وإنما سيكون هناك جدل حول «الحق في عدم التلقيح»، وحق الدولة في إجبار المواطنين على التلقيح، وحقي أنا شخصيا في إجبار الآخرين على التلقيح، وحقك أنت أيضا في عدم إجبار الآخرين على التلقيح، حتى جنسية اللقاح ستكون موضع خلاف، أي أنها ستكون «ليلة ليلاء» على «بتوع» حقوق الإنسان!

أخيرا، ماذا عنك أنت؟ هل تقبل التلقيح؟!


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: