رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سجال الإليزيه .. ولا عزاء للمرتعشين!

طبعا، احم مصر والمصريين يا «ريس».

لا تشغلك اتهاماتهم ولا انتقاداتهم، فمهمة أي رئيس أو سلطة أو حكومة هي توفير الأمن والاستقرار والحياة للمواطنين، قبل أي شيء آخر، فهذه هي حقوق الإنسان التي نعرفها، والتي نريدها، أما حقوق الإرهابيين والعملاء وأرباب السوابق، فهذه تعريفات أخرى لا تعنينا.

مصر تدير شئونها بأسلوبها، وبطريقتها، وستظل كذلك، لا يؤثر في قراراتها بيان أو تصريح من هنا أو هناك، ولا «بوست» كتبه «منتفع»، أو مقال كتبه «مرتعش», وما أكثر المرتعشين هذه الأيام!

لن ينفعنا ماكرون، ولا بايدن، ولا حتى «العفريت الأزرق»، ولا النخب التي خرجت من «بالوعاتها» مؤخرا، لتتغزل في الحريات، وتطالب بالإفراج عن معتقلين، ووقف الإعدامات، وكأننا نتحدث عن متهمين في قضايا شيكات أو سرقة حبل غسيل مثلا!

كل هؤلاء سيرقصون على جثثنا، ويتصارعون على ثرواتنا، إذا ضاع الوطن، لا قدر الله، كما فعلوا ويفعلون في سوريا وليبيا والعراق واليمن ولبنان، فقد رأيناهم من قبل يصفقون ويطبلون للثورة والحرية والديمقراطية، وقت أن كانت دماء الشهداء تسيل، وأرزاق وبيوت المصريين تتعرض للدمار والخراب، وهم الآن، يدافعون عن الإرهاب، عمدا، أو جهلا، أو ربما لمغازلة جهات داخلية، والهروب من أزمات شخصية، ونظرة إلى قانون الأمن الفرنسي توضح ذلك تماما.

في المؤتمر الصحفي المشترك الذي جمع الرئيسين السيسي وماكرون في قصر الإليزيه، جرى سجال ليس الأول من نوعه بين الرئيسين، ولن يكون الأخير بينهما، وقد نستمع إليه كثيرا خلال لقاءات رئيسنا مع زعماء الدول الغربية، فلفترة طويلة قادمة، سيكون «التفعيص» في موضوع الحريات وحقوق الإنسان بنفس الطريقة تقليدا، وبأكثر من طريقة، وسيكون الرد دائما بليغا مفحما من الرئيس، وستقوم «الخارجية» أيضا بالواجب على أكمل وجه كلما اقتضت الضرورة، كما حدث في قضية المنظمات الأهلية، فليقولوا ما يقولون، وليغازلوا من يغازلون، ولنرد نحن عليهم بما يلزم، وفي النهاية، من يدير مصر، ومن يقرر شئونها، ويدبر أمورها، هم المصريون، ومؤسساتهم، من قصر الاتحادية، إلى مجلس الوزراء، إلى البرلمان بغرفتيه، إلى القضاء المستقل الذي حاكم رئيسين، ووراء هؤلاء جميعا شعب مصر العظيم الذي يعرف جيدا أن الحق في الحياة والحق في الأمن والحق في الاستقرار هي أكثر حقوق الإنسان التي تعنيه، مصداقا للحديث الشريف الذي يقول: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا».

وسنظل نتساءل: لماذا هم دائما يتحدثون عن حقوق النشطاء والمعتقلين والمتهمين في قضايا الإرهاب والفوضى، ولم نضبطهم مرة متلبسين بالحديث عن حقوق المواطنين العاديين مثلنا؟! ماذا عن الحق في السكن، والحق في التعليم، والحق في الصحة؟ أليست هذه أيضا من حقوق الإنسان؟ طيب، إذا كانت حقوق الإنسان بالفعل قيما إنسانية وعالمية، كما قال ماكرون، فهل كانت جرائم الاستعمار في إفريقيا مثلا خارج منظومة هذه القيم؟ ألم تقع هذه الجرائم كلها بعد سنوات طويلة من الثورة الفرنسية التي تحدث ماكرون عن مبادئها وكأنها «الدين»؟ ولماذا لا يعتبر احترام الأديان أيضا من القيم الإنسانية والعالمية؟ وإذا كان من حق أي رسام فرنسي أن يرسم ما شاء، كما قال ماكرون أيضا، مادام هذا تصرفا فرديا لا يمثل الدولة الفرنسية، طيب لماذا غضبت فرنسا «الرسمية» من دعوات وحملات مقاطعة السلع والمنتجات الفرنسية في دول العالم الإسلامي؟ أليس المستهلك حرا هو الآخر في أن يشتري ما يشاء ويرفض ما يشاء؟

على أي حال، وبغض النظر عن كل ما سبق، فالأمر المؤكد أن السجال الذي دار في الإليزيه بشكل هاديء وراق كان في النهاية يتعلق بموضوع خلافي لا يشكل أكثر من 5% من إجمالي حجم العلاقات بين مصر وفرنسا، وليس صحيحا أنه كان القضية الأولى، أو القضية الأكثر أهمية، فبالتأكيد، لم يلتق الرئيسان السيسي وماكرون للحديث عن أوضاع حقوق الإنسان، وإنما كانت هناك ملفات أخرى جوهرية تعمد الإعلام الغربي «المضلل» التقليل منها، خوفا من بلطجة المنظمات الحقوقية، مثل قضية التنسيق المشترك والإجراءات الوشيكة لمواجهة انتهاكات تركيا في شرق المتوسط، ومثل ملفات فلسطين وليبيا والإرهاب والتنمية والطاقة، فضلا عن التعاون العسكري والتجاري.

ولا شك في أن وجود استثمارات فرنسية في مصر بـ5 مليارات يورو، وتبادل تجاري بين البلدين يقدر بـ3 مليارات يورو، والروابط التاريخية بين الشعبين، أكبر دليل على أن العلاقات بين البلدين أعمق وأقوى بكثير من أي قضايا خلافية صغيرة، ولن تؤثر عليها خلافات مدفوعة دفعا!

.. ولا عزاء للمرتعشين!


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: