رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تشريح الترامبية

انتهى مولد الانتخابات الأمريكية الرئاسية لعام 2020، وفاز جو بايدن المرشح الرئاسى للحزب الديمقراطى فوزا عظيما على غريمه دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهورى بحصوله على 306 أصوات انتخابية وعدد أصوات من الناخبين قدره 79685131، وهى أعلى أصوات فى تاريخ الانتخابات الأمريكية. وحصول ترامب على 232صوتا انتخابيا، وعدد أصوات 73701667. كثافة الحضور من الحزب الديمقراطى ومن المعتدلين ومن الرافضين من الحزب الجمهورى لسياسات ترامب أدت الى التفوق على الحضور الكثيف لأنصار ترامب بقرابة فارق قدره 6 ملايين صوت. تجدر الملاحظة أن خسائر الحزب الجمهورى الأمريكى لا تقتصر على خسارة الرئاسة وخسارة مجلس النواب، ولكن هناك خسارة أفدح تلوح فى الأفق وهى احتمالية خسارة الأغلبية فى مجلس الشيوخ فى انتخابات الإعادة فى الخامس من يناير القادم. لو حدث هذا وهو أمر وارد، فستكون الطامة الكبرى على الحزب، لأن وظيفة مجلس الشيوخ طبقا للدستور الأمريكى هى المفرملة فى كثير من الأمورللعديد من القرارات المهمة والتى تعيق قدرة الرئيس الأمريكى وحركته فى حالة حصول الحزب المعارض على أغلبية فى مجلس الشيوخ. طبقا للدستور الأمريكى يتمتع مجلس الشيوخ بإجراء محاكمة الرئيس بعد موافقة مجلس النواب وتعيين القضاة الفيدراليين وقضاة المحكمة العليا الأمريكية. أيضا هو الذى يقبل أو يرفض ترشيحات الرئيس للقضاة الفيدراليين وقضاة المحكمة العليا والسفراء والوزراء. مجلس الشيوخ أيضا هو المنوط به قبول أو رفض المعاهدات التى يجريها الرئيس، وهو أيضا المكلف بالموافقة على إعلان الحروب.

لم يتعظ الحزب الجمهورى عقب هزيمته فى انتخابات 2012، وفوز أوباما بالرئاسة للمرة الثانية على التوالى، أصدرت اللجنة القومية للحزب حينها دراسة تشريحية وتوصيات فى أكثر من مائة صفحة يجب على الحزب اتباعها ليفوز فى الانتخابات المستقبلية، وضرورة احتوائه لقضايا الأمريكيين من أصول إفريقية والأمريكيين من أصول لاتينية والأقليات الأخرى. أوضحت الدراسة أنه مالم تحدث تغييرات فى فكر الحزب والقائمة فقط على أنه حزب الرجل الأبيض، فإنه سيكون من الصعب على الجمهوريين الفوز بالرئاسة فى المستقبل. وأضافت التوصيات أنه من الضرورى أن يقوم الحزب الجمهورى بالاهتمام بالأقليات وبناء قاعدة بيانات تشمل تلك الأقليات، وأن تكون هناك محاولات جادة حقيقية لاحتوائها ودمجها فى الحزب، وأنه يتعين على الحزب الإنفاق ببذخ على الإعلانات فى وسائل الإعلام الأمريكية لجذب تلك الأقليات، إضافة الى ذلك يتعين على الحزب الاهتمام بقضايا المرأة وأن يشجع الأكفاء منهن والإنفاق بسخاء على دعم المرشحات منهن لكل المناصب القيادية فى صفوف الحزب، وأن يبذل الحزب مجهودات قوية لمسح الصورة السلبية لدى المرأة عن الحزب الجمهورى.بعد أربع سنوات من تلك التوصيات ظهر ترامب رجل الأعمال البليونير وصاحب برنامج تليفزيونى شهير لمدة سنوات يشاهده الملايين. وهو الذى كان ديمقراطيا سابقا واستطاع أن يقهر جميع المرشحين التقليديين من الساسة فى الانتخابات الأولية للحزب الجمهورى وتم اختياره ليكون مرشح الحزب رغم الفضائح التى ظهرت، وكادت تودى به. عقبها كانت الحملة الرئاسية فى مواجهة المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون و كانت بمقارنة الخبرات تملك اليد العليا لأن ترامب لم يك لديه أى خبرة سياسية. فى المناظرات التى عقدت بينهما قبل الانتخابات كانت كل استطلاعات الرأى تظهر تفوقها الشديد عليه. ثم جاءت الانتخابات، وكانت المفاجأة وفاز ترامب عديم الخبرة السياسية مخالفا كل التوقعات والاستطلاعات.فاز لأنه أظهر نفسه على انه مختلف عن ساسة واشنطن وأنه واحد من الناس يريد أن يرجع أمريكا العظيمة لقاعدته التى أسكرها كلامه وشعاراته التى كانوا يؤمنون بها. أعجبتهم الترامبية التى يصفها ويعرفها الأربان ديكشنرى أو القاموس العمرانى أنها: حركة إجتماعية سياسية يمكن تشخيصها بأنها مبنية على بيانات كاذبة لا أساس لها، أهم عناصرها العنصرية والتعصب الدينى والتقليل من شأن الأقليات والمرأة وإرهاب الميديا ورعدم احترام العلم واستخدام تعبيرات كراهية ضد المهاجرين شبيهة بتلك التى كان يستخدمها الحزب النازى الألمانى قبل الحرب العالمية الثانية. عشقته قاعدة كبيرة من ناخبى الحزب الجمهورى وغالبيتها من غيرالمتعلمين تعليما عاليا واليمين الدينى المتطرف لأنه يردد أفكارها. لم ينتقد أبدا جماعات الاستعلاء الأبيض التى تحمل السلاح وتردد الشعارات وتروع الخصوم. ظهرت أيضا حركة كبيرة تساند الترامبية اسمها كيو.آنن، شعارها وجود مؤامرة ضد ترامب من غالبية المؤسسات الأمريكية المتآمرة عليه مثل السى.آى.إيه والإف.بى.آى وغيرهما، وأنهم متحالفون يخططون لإسقاطه وأنهم يعملون على تزوير الانتخابات.جاءت انتخابات 2020، وأمريكا فى حالة من الاستقطاب لا يوجد لها مثيل فى تاريخ الانتخابات الأمريكية، بين أتباعه وبين بقية أمريكا التى حشدت كل قوتها لتواجه ترامب والترامبية ولتشهد حضورا انتخابيا لا مثيل له فى التاريخ. شهدت الدعاية الانتخابية المضادة لترامب صب البليونير الديمقراطى مايك بلومبرج مئات الملايين من الدولارات فى الدعاية لبايدن وشهدت مساهمة الرئيس السابق أوباما بطريقة تكاد تكون يومية ضد ترامب. ترامب الخاسر لايريد التنازل عن السلطة بعد أسابيع من خسارته ويرفض السماح للرئيس المنتخب وفريقه الحصول على كل المميزات التى يمنحها الدستور له ويعلنها صراحة أن الانتخابات تم تزويرها، وأنه الفائز الحقيقى. يفعل ذلك رغم أنه رفع ثلاثين دعوى قضائية رفضت غالبيتها حتى كتابة هذه السطور.خسر ترامب وستبقى الترامبية لمدة طويلة من بعده. أصبح لها حواريون وورثة أبرزهم وزير الخارجية الحالى بومبيو الذى يرشحه الكثيرون لخوض انتخابات 2024. ليس أدل على ذلك من ثبوت أن 77% من أنصاره يظنون أن جو بايدن نجح بالتزوير.

أما عن ترامب فهو الآن شبيه شخصية زعيم طائفة لا تصدق فيه قولا وتفديه بالروح والدم ويخافه كل الساسة الجمهوريين، ويعتقدون أن تصريحا منه يسقط المعترض له فى أى انتخابات مستقبلية.


لمزيد من مقالات د. مصطفى جودة

رابط دائم: