رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أنا وبايدن وانتخابات «نيو ميت غمر»!

المرة الوحيدة التى التقيت فيها بايدن وجها لوجه، تحدث فيها بشكل جيد للغاية عن مصر!

كان ذلك فى المغرب، وتحديدا فى مراكش، فى نوفمبر 2014، أى بعد عام من ثورة 30 يونيو، عندما كان السيسى رئيسا لمصر، وكان بايدن وقتها نائبا لأوباما!

ولكيلا أذهب بعيدا، لم يكن اللقاء شخصيا، وإنما كان خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر عن «ريادة الأعمال»، والتى ألقى فيها بايدن خطابا حماسيا، وسط حضور كثيف أغلبه من رواد الأعمال الأمريكيين، وبعضهم من دول شرق أوسطية، ظلوا يصفقون ويهتفون لـ«البوب» طوال الوقت، كأى «زعيم» فى أى بلد!

أتذكر تماما أننا دخلنا هذه الجلسة بصعوبة بالغة، نظرا للإجراءات الأمنية المشددة التى تم فرضها على مكان المؤتمر بسبب مشاركة نائب الرئيس الأمريكي، فقد كان الإرهاب وقتها يضرب بعنف فى مصر، بسبب «مخلفات» الربيع التى تسببت فيها جوقة الحكم فى واشنطن وقتها: أوباما، بايدن، هيلاري، بيلوسي، باترسون، وغيرهم، ممن رضخوا جميعا لإرادة المصريين.

الأمريكان الحاضرون للمؤتمر كانوا يسألوننا عن حقيقة الأوضاع فى مصر، وكنا نجيبهم، فيتفهم من يتفهم، ويمتعض من يمتعض، ولكن لسان حالهم كان يقول «أنتم أدرى ببلدكم»، بينما كان الأشقاء المغاربة متعاطفين معنا للغاية، ويتمنون الخير لمصر وشعبها، دون الدخول فى تفاصيل ما حدث، فقد كانت دماء المصريين تسيل وقتها بأيدى «العصابة» التى حكمت لعام واحد، باسم «الديمقراطية».

فى كلمته، تحدث بايدن عن نماذج ناجحة لرواد الأعمال فى منطقة الشرق الأوسط، وفى مجرى حديثه، تحدث عن المرأة المصرية بإعجاب شديد، فقال إنه فى الربع الأخير من عام 2013، قدمت هيئة المعونة الأمريكية USAID نحو 13 ألف قرض شخصى لرواد الأعمال فى مصر من محدودى الدخل، وكان ثلثا هؤلاء من السيدات، ولكن الجزء الأكثر إثارة من الموضوع حسب تعبير بايدن نفسه أن أكثر من 85% من السيدات اللاتى حصلن على تلك القروض نجحن فى سدادها وتغطيتها بالكامل من أرباح أعمالهن ومشروعاتهن، وهنا اشتعلت القاعة بتصفيق وهتاف الحاضرين من مختلف الجنسيات، تقديرا لمصر، ونسائها، رغم أننى لم أعرف وقتها ما إذا كان بايدن وقتها يعرف أم لا الدور «الأسطوري» الذى لعبته «ستات» مصر تحديدا فى استعادة الدولة المصرية ممن اختلسها!

ما أريد أن أقوله إن بايدن يعرف مصر جيدا، وجيدا جدا، فقد زارها عشرات المرات، سواء كعضو فى الكونجرس، أو كنائب للرئيس، والتقى السادات ومبارك، كما أن لديه الآن، ومنذ بدء حملته الانتخابية، فريقا من عشرات الباحثين المتخصصين فى شئون الشرق الأوسط، الذين يكتبون له التقارير الدقيقة جدا عن الوضع فى مصر، وفقا لما أكده لى الدكتور بهجت قرنى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أى أن آراءه، وسياساته عن مصر تحديدا، ستشكلها هذه الأبحاث والتقارير، والتى ستنقل إلى مكتبه البيضاوى كل شيء حدث ويحدث فى مصر «الجديدة»، منذ خريطة الطريق وحرب الإرهاب وقناة السويس والعاصمة الإدارية ومنتدى الغاز، وحتى انتخابات «ولاية» نيو ميت غمر!

ولا ننسى هنا الدور الذى يمكن أن يلعبه السفير الأمريكى جوناثان كوهين فى نقل الصورة على أرض الواقع، خاصة أن كوهين «فى الشارع» كل يوم تقريبا، ويؤدى عملا جيدا.

طبيعى جدا أن «يتمسح» الإخوان والنشطاء والثوار والعملاء فى بايدن بهذه الصورة الحقيرة، وأن يتزامن قدوم الرجل للسلطة مع انفتاح «باكابورت» التصريحات والتغريدات والهاشتاجات التحريضية ضد مصر، من لجان «الجزيرة» و«الإخوان» وإبراهيم منير والبرادعى وحمدين وواكد وأيمن نور وجميلة وسلطان وآية، ومعهم «المرتعشون» والراقصون على جميع الحبال، والذين يشعرك الواحد منهم وكأن بايدن هذا «جوز خالته»! ولكن من غير الطبيعى أن يتوقع عاقل أن يضحى رئيس أمريكا الجديد بمصالحه فى الشرق الأوسط، وبعلاقات «استراتيجية» مع دولة ثابتة ومؤثرة بحجم مصر، يقودها رئيس قوي، ويحميها جيش محترم، وتتنوع مصادر تسليحها، ولديها اقتصاد واعد، وتتداخل فى كل قضايا الإقليم بحكمة ونزاهة، لكى يرضى حفنة «انتهازيين»، أو سياسات ثبت فشلها!

وأغلب الظن، أنه، وبعد أن يفرغ من أجنداته الداخلية «الكارثية»، مثل تسلم السلطة، لن يخطو خطوة على صعيد السياسة الخارجية، إلا وقد رسم صيغة عمل مشترك مع مصر والسعودية تحديدا، قوامها المحافظة على أوجه التوافق، مع التحاور الهاديء حول النقاط الخلافية، ربما داخل الغرف المغلقة، دون الإضرار بجوهر العلاقة، ودون ارتكاب خطيئة التدخل فى شئون الغير، لأنه إذا لم يفعل ذلك، فلا يلومن إلا نفسه!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: