رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«إلا رسول الله» يا أردوغان!

طبعا «إلا رسول الله»، ولا لازدراء الأديان باسم حرية التعبير، ولا لإلقاء الدروس والمحاضرات على الدول والتدخل فى شئونها، تحت مسمى الديمقراطية وحقوق الإنسان، فلا أحد يرضى بذلك، ولكن أيضا، لا للنفاق، والرياء، وللغباء.

قاطع ما تشاء من السلع ومن الدول، فهذه قناعتك الشخصية.

ولكن، قولا واحدا، هاشتاجات «قاطعوا المنتجات الفرنسية»، و«قاطعوا الشركة الفلانية» أو «المنتج العلاني»، و«اشتر التركي»، بحجة الدفاع عن الرسول وخدمة الإسلام كلها هاشتاجات أردوغانية داعشية إخوانجية بامتياز، لا علاقة لها بالإسلام ولا بالرسول، ولم يؤذ الإسلام أحد مثلهم، وهى مجرد حملة يائسة من جانب مجاذيب الإسلام السياسي، ومهاويس السلطان العثمانلي، لبث قبلة الحياة فى الاقتصاد التركى المنهار الذى خسر 70 مليار دولار فى أيام جراء المقاطعة العربية، وتراجعت الليرة إلى أدنى مستوياتها، لتصل إلى 8 ليرات للدولار.

قرأت تصريحات ماكرون الأصلية عن الإسلام بالحرف، ولم أجد فيها إلا رفضه التطرف والإرهاب باسم الإسلام، وهو ما نتفق عليه جميعا، إلا أردوغان وصبيانه الذين يقتلون ويكذبون ويسرقون باسم الدين، ومن يتصدى لهم يتهمونه بأنه ضد الإسلام ولا يحب الرسول، شيء مقزز!

لم يعد أردوغان قادرا على توفير موارد مالية لبلاده التى أنهكها فى سوريا والعراق وليبيا، فضلا عن حروبه الداخلية ضد معارضيه والأكراد.

لم يعد الرئيس التركى قادرا على «حلب» مزيد من المليارات القطرية، إلا إذا كان لديه مبرر قوي.

لم يعد سلطان السلاطين قادرا على نهب موارد الغاز فى شرق المتوسط، بعد أن وقفت مصر واليونان وقبرص فى وجهه، وفرنسا أيضا.

لم يعد «الخليفة» قادرا على مواصلة ابتزاز أوروبا، لا بالدواعش، ولا باللاجئين، ولا بإقناعها بأنه زعيم المسلمين والمتحدث باسمهم، فالدواعش تركوا ليبيا لتأخر الرواتب وتوجهوا لآسيا الوسطي، واللاجئون أمامهم حدود أوروبية موصدة، فكان لابد من «نصباية» جديدة يستغل فيها العواطف الدينية لدى عموم المسلمين، حتى يستعيد الرجل مكانته المهدرة، ولينتقم أيضا من فرنسا تحديدا، ومن ماكرون الذى حارب تنظيماته فى المدن الفرنسية!

أوروبا فى حد ذاتها منفتحة على جميع الأديان والمعتقدات والآراء، ولكن مصيبتنا الحقيقية أن أوروبا لا ترى الإسلام إلا فى صورة داعش وإخوان وأردوغان وطارق رمضان وناصر الخليفى وأئمة تطرف فى هامبورج وبرمنجهام يعيشون فى «جيتوهات» خطيرة، انتظارا ليوم تشهر فيه أوروبا إسلامها، ومع ذلك، فرنسا تحديدا كدولة بها أكثر من ألفى مسجد، وأكثر من خمسة ملايين مسلم، وإذا كان هناك «مخبول» أساء للإسلام، فالإسلام نفسه لا يعاقب مثل هؤلاء بالذبح، وإلا لكان الرسول نفسه قد ذبح الإعرابى الذى تبول فى المسجد، أو لامتنع عن الوقوف لجنازة يهودي، أو لما تحمل خيانة عبد الله بن أبى بن سلول رأس المنافقين فى المدينة لسنوات طويلة دون أن يقتله بتهمة الخيانة، ولكنه لم يفعل، لكى لا يشاع بين القبائل أن محمدا يقتل أصحابه.

هذا هو رسول الله، وهذا هو ديننا، لا دين مشايخ الأرصفة وبير السلم والعضلات وموظفى أردوغان.

قديما، دخل ملايين الآسيويين الإسلام لما رأوه من حسن سلوك تجار المسلمين، وفى أيامنا هذه، لا يجد الأوروبيون أى مبرر للاقتناع بأن الإسلام والإرهاب نقيضان، للأسف، بل فعلنا كل شيء متاح حتى ننفرهم من ديننا.

هل ذبْح صاحب الرسوم المسيئة إسلام؟ هل هذا سلوك يشجع على اعتناق الإسلام؟

أعرف مسلمين «لا يركعونها»، ويرتكبون كل الموبقات، من سرقة وغش وتدليس وكذب ونفاق وأكل مال يتيم وميراث، ومع ذلك، وجدتهم جميعا أمامى «هتيفة» و«دلاديل» لهاشتاجات مقاطعة فرنسا، و«إلا رسول الله» لإنقاذ أردوغان وضرب الاقتصاد المصري، ولا يملكون أدنى فكرة عن حجم استثمارات تركيا وقطر فى فرنسا!

.. يرتدى قميصا صنع فى بلاد الكفار، ويملك سيارة مصنوعة فى بلاد الكفار، ويجلس أمام شاشة كمبيوتر صنعها الكفار، ويقيم فى منزل كل الأجهزة الكهربائية بداخله من صناعة الكفار، وأكله وشرابه ودواؤه من إنتاج الكفار، ثم يدخل مزهوا على برنامج تواصل اجتماعى ابتكره الكفار، محميا ببرنامج فيروسات ابتكره الكفار، ليشير بزهو هاشتاجات «إلا رسول الله»، و«قاطعوا منتجات الكفار»، وطبعا «هوووب» «اشتر التركي»، لأن تركيا هى معقل الإسلام الحقيقي، وربما نجد بعدها هاشتاجات «إنزلوا دفاعا عن الرسول»، ثم «قاطعوا المنتجات المصرية»، وربما «إلا أردوغان»!

بالله عليكم، ما هو تعريف «النفاق» غير ذلك؟!

والله، لو عبد الله بن أبى بن سلول رأس المنافقين فى المدينة يعيش معنا هذه الأيام، لكان مجرد تلميذ صغير عند أردوغان وصبيانه وهاشتاجاتهم.

إلا النصب والابتزاز وإشعال الفتن وتحقيق المكاسب باسم «رسول الله» يا أردوغان.

وصل اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، تسليما كثيرا.


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: