رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الكابوس الأمريكى

باق من الزمن اثنا عشر يوما حتى تضع الانتخابات الأمريكية أوزارها. إنها انتخابات يتابعها بانتظام وينتظرها العالم كله فى فزع ظاهر وباطن وعدم تصديق. انها بحق ليست انتخابات القرن وإنما يمكن وصفها بأنها انتخابات القرون الماضية والقادمة كلها, وإنها ليست ما تعارفت عليه خلق الانتخابات وعرفها فى أمريكا وفى غيرها من البلدان. إنها تكاد تكون مأساة شكسبيرية فى روعاتها وأحداثها. ورغم أن الجميع يتوقع فوز المرشح الديمقراطى جو بايدن فى كل استطلاعات الرأى وفى كل التحليلات الصحفية والتليفزيونية, فإن الأمر لا يخلو من مفاجآت شهر أكتوبر التى قد تقلب الموازين لمصلحة ترامب مثلما حدث فى انتخابات 2016, والتى كان فيها فوز هيلارى كلينتون أمرا ومتوقعا وكاسحا حتى آخر لحظة.

فى المناظرة الأولى والتى عقدت فى التاسع والعشرين من سبتمبر بين المرشحين ترامب وبايدن, شهدت أمريكا والعالم كله شيئا كارثيا مرعبا لم يحدث من قبل فى تاريخ المناظرات الأمريكية. كان هناك خروج عن المألوف والمتعارف عليه من جانب الرئيس ترامب الذى دخلها وهو ناو على شر, كما نقول فى مصر-قاطع خصمه ولم يسمح له بالإجابة بمناسبة وبدون مناسبة وبدرجة مهينة أحيانا. لم تكن إجاباته وتعليقاته صحيحة أبدا. لم يجب عن الأسئلة الحرجة التى وجهت إليه, ورفض إدانة ما يقوم به العنصريون وجماعات الاستعلاء الأبيض من أعمال مشينة. نوه أيضا الى أنه قد لا يتنازل عن الحكم فى حالة فوز خصمه, وطلب من أنصاره أن يقفوا على أهبة الاستعداد وأن يراقبوا اللجان الانتخابية ويمنعوا أى مخالفات قد تحدث. وعندما طلب منه منسق المناظرة أن يدين جماعات اليمين المتطرف لم يفعل, الأمر الذى اعتبره كثيرون دعوة للفوضى قد تؤدى الى حرب أهلية.وصفتها صحيفة وول ستريت جورنال بأنها مناظرة من جهنم.

كانت كل إجاباته بخصوص الجائحة والانتخاب والبيانات الاقتصادية غير صحيحة رغم يقينه أن كل المشاهدين عدا قاعدته الانتخابية يعرفون ذلك. بعدها بيوم وفى خطاب فى ولاية مينسوتا له أمام مؤيديه ندد بالمهاجرين وخطورتهم على مستقبل أمريكا, وأن جو بايدن سيحيل ولاية مينسوتا الى معسكر للاجئين الصوماليين. منذ إعلانه مرشحا للحزب الجمهورى فى مؤتمر الحزب أصبح يتبنى شعارات مختلفة أهمها القانون والنظام, وصف منافسه بأنه اشتراكى وأن نائبته كاميلا هاريس شيوعية، ويتبنى وصف منافسه بأقذع الشتائم: هو أسوأ مرشح فى تاريخ الانتخابات الأمريكية.بايدن لا يعرف أنه حى. إذا ماتم انتخابه سيكون معزولا فى حجرة لا يملك من الأمر شيئا وسيحكمكم اليسار المتشدد. إنه 1% بايدن ( إشارة الى طاقته الحالية التى يصفها بأنها فقط 1% ). هو غبى وفاشل وضعيف العقل وسفيه. أنه يبدو لى مختلفا عما كان يبدو عليه, وكذلك أفعاله تبدو لى مختلفة. لقد أصبح أقل حركة وأكثر بطئا. الديمقراطيون أيضا يبادلونه الشتيمة. ترد عليه نانسى بيلوسى زعيمة الأغلبية فى مجلس النواب فى خطاب لها: يجب على الذين يعملون معه أن يحجروا عليه من أجل مصلحة البلد. طبعا ترامب لم يدر لها الخد الأيسر, ورد عليها فى الحال: نانسى المجنونة فقدت السيطرة على نفسها.

زادت تعقيدات الأمور نتيجة إصابة ترامب بفيروس الكورونا, ثم خروجه من المستشفى بعد أربعة أيام وصعوده الى بلكونة فى البيت الأبيض بطريقة درامية وخلعه الكمامة وكأنه يعلنها أنه سوبرمان الذى انتصر على الكورونا, ثم تصريحاته العديدة بعدها أنه أصبح معافى بالكامل وأنه مستعد للتبرع بمضادات جسدية منه ليستخدمها الغير فى العلاج وإعلانه أنه سيبدأ حملاته الانتخابية غير مبال. ترتب على مرضه إلغاء المناظرة الثانية وربما الثالثة, ولم تجر إلا مناظرة نواب الرئيس والتى فازت بها كاميلا هاريس المرشحة الديمقراطية باكتساح على نائب ترامب طبقا لكل استطلاعات الرأى.

الجميع متوجس خيفة مما قد يحدث فى حالة خسارة ترامب, ودعواته لأنصاره أن يقوموا بمراقبة لجان الانتخابات وأن يبقوا متيقظين. هناك بوادر وأدلة غير مبشرة منها القبض على خلية مكونة من ثلاثة عشر شخصا فى ولاية ميتشجان بتاريخ الثامن من أكتوبر الحالى واتهامهم بمؤامرة للقبض على حاكمة الولاية التى تنتمى للحزب الديمقراطى, والتى يستهدفها الرئيس ترامب ويعتبرها حجر عثرة أمام فوزه بأصوات ناخبين بولاية ميتشجان المهمة كونها واحدة من أهم الولايات المتأرجحة التى تحدد الفائز بانتخابات2020. أذاعت الإف.بى.آى أن المتهمين كانوا يخططون لاختطاف الحاكمة ثم تنفيذ حكم الإعدام فيها,وأن المتهمين ينتمون لجماعة من جماعات الاستعلاء الأبيض, وأنهم يمثلون جماعات إرهابية داخلية, كانوا يعقدون العزم على بداية حرب أهلية وأنهم أصبحوا يمثلون خطرا داهما على مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية. لم تنس وسائل الإعلام الأمريكية دور الرئيس ترامب وحثه لتلك الجماعات علي أن تقوم بتحرير ميتشجان فى تغريدة له بتاريخ 17 أبريل الماضى, وهو الأمر الذى جعل بعضهم وهو مدجج بالسلاح يحاصر مقر حكومة الولاية حينها ويهتف بسقوط الحاكمة. ترامب يعلنها صريحة أنه فى حالة عدم فوزه بالانتخابات فإنه لن يعترف بنتائجها ويوصمها بأنها انتخابات مزورة إذا ما خسرها, وهو ما يخالف ما تعارف عليه الناس بالولايات المتحدة منذ نشأتها, وأن الخاسر يقر بهزيمته ويسلم السلطة سلميا. تصريحات ترامب بدأت تنشر الفزع الشديد بين الديمقراطيين, إضافة الى ما تقوم به وسائل الإعلام من الهجوم المستمر على تصريحاته وتصرفاته وأنه سيشعلها نارا فى حالة هزيمته, وأن انصاره وقاعدته الانتخابية على أهبة الاستعداد لتلقى إشارته فى حالة خسارته.

الأمر يبدو غريبا وشاذا. هناك ميليشيات مدججة بالسلاح تروع الناس ولا يستطيع أحد منعها من حمله طبقا للإضافة الثانية من الدستور الأمريكى والتى تمنح المواطن الأمريكى حق حمل السلاح, ولا تجيز القبض عليه إلا فى حالة ارتكابه جريمة. إنها بوادر الفوضى التى لن تعكس ولن تنطفىء شعلتها وإن حاول المحاولون.


لمزيد من مقالات د. مصطفى جودة

رابط دائم: