لا موجة ثانية، ولا ثالثة، ولا عاشرة!
لا للحظر، ولا للغلق، ولا لمزيد من القيود والمنغصات.
احظر نفسك بنفسك، ولكن لا تطلب الحظر والحجر على الآخرين.
«قد يكون الغلق حلوا، إنما الحاضر أحلى»!
كورونا يجب ألا تستعبدنا، فلن تكون سببا وحيدا للموت، فالموت مرضا، أو الموت فقرا، لا فارق بينهما!
نعم، فقدنا أحباءنا، فقدنا أصدقاء، وزملاء، ومسئولين، وفنانين، وإعلاميين، ولكن، فى كل الأحوال، «عزرائيل» لن يتوقف عن العمل.
عودوا إلى حياتكم، ولكن بشروط، وبانضباط، فالوضع الآن غير الوضع فى يناير أو فبراير الماضي، واللقاحات والعلاجات تظهر تباعا، وأدوار البرد العادية منتشرة أكثر من كورونا هذه الأيام.
حتى لو ساء الوضع مجددا، لدينا الآن ما يكفى من الخبرة للتعامل والتعايش.
تخشى من كورونا؟ ابق فى منزلك «يا سيدي»! تريد الخروج؟ اخرج، ولكن احرص على التباعد، والنظافة. تضطر لاستخدام المواصلات العامة، أو الوجود فى أماكن مزدحمة؟ ارتد الكمامة، ولا تخلعها أبدا، لو خلعتها لا تلومن إلا نفسك!
الإجراءات الاحترازية فى المدارس والجامعات وأماكن العمل جيدة جدا، ولا ينقصها فقط سوى تعاون الجميع والتزامهم.
اتعب قليلا، ووفر الكمامة لنفسك ولأهل بيتك، حتى يستطيع كل منهم الذهاب إلى مدرسته أو جامعته أو عمله، دون حجج أو أعذار.
وعلى الحكومة أيضا أن «تتعب شوية»، وتوفر الكمامات بالمجان فى بعض الأماكن، ويا حبذا لو جنبت كبار السن «بهدلة» مكاتب البريد والمعاشات والتأمين الصحي، وأرسلت إليهم أموالهم وأدويتهم إلى بيوتهم، ويكفى ما عاناه المواطن العادى طوال الأشهر الماضية فى المصالح الحكومية والمرور والشهر العقارى والبنوك بسبب الإجراءات المشددة وتخفيض العمالة.
نحن شعب عاشق للإجازات والأعذار والحجج، ولكن ألا تكفينا إجازات؟ ألا تكفى خسائرنا من إغلاق حركة السفر والسياحة من الخارج؟ ألم تلاحظوا أن هناك فى بلدنا من عمل بشكل متواصل طوال الفترة الماضية، ولم يحصل على إجازة يوما واحدا منذ فبراير الماضي؟ الرئيس، الحكومة، الجيش، الشرطة، الأطباء، التمريض، البناءون، الإعلاميون، يعنى «عيب بقى»!
أبناؤنا وبناتنا «لا شغلة ولا مشغلة» منذ فبراير، لا علم، ولا تعليم، ولا رياضة، ولا أى شيء، سوى الجلوس على النت والموبايل. هل تريدون جيلا متخلفا عقليا وتعليميا؟ من سيتعلم إذن؟ ومن سيكتشف علاج كورونا وغيره من الأمراض، إذا ظل أبناؤنا وجروبات «الماميز» و«الداديز» فى حالة تأهب وترصد دائم انتظارا لظهور حالة واحدة فقط فى أى فصل أو مدرسة حتى تبدأ موجات اللطم والعويل و«تشيير» رسائل الواتساب المضروبة، للمطالبة بوقف الدراسة خوفا من إصابة الأبناء من كورونا؟
أتخشون على أبنائكم من كورونا، ولا تخشون عليهم من الجهل والإدمان والتخلف العقلى والانحراف السلوكى الذى سيصيبهم جراء الجلوس على الموبايلات والوقوف على النواصي؟
بعض إجراءات كورونا يجب أن تستمر، حظر الشيشة وحفلات الزفاف وسرادقات التعزية، أما دور العبادة، فيجب التشديد عليها يوما بعد يوم لمواصلة التباعد بين المصلين، فبعض الأئمة لا يزالون يقولون حتى الآن: «تراصوا تقاربوا»!
صدقوني، لقد عبرت مصر الجزء الأسوأ من الأزمة. لا أتحدث عن المرض، ولكن أتحدث عن خسائره الاقتصادية، بشهادة المؤسسات الدولية.
فى الغرب، اعتبروا «مناعة القطيع» فكرة غير آدمية، ولكنهم الآن يرونها حلا وحيدا، فلن ينحسر المرض إلا بعد أن ينتشر ويبلغ ذروته، ويتحصن الناس ضده. أما نحن فى مصر، فقد وهبنا الله مناعة طبيعية، فلدينا بيئة وأجواء وظروف وأغذية ومشروبات وعادات قادرة على مواجهة كورونا، بدليل آية «بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها».
لذلك، لم أندهش عندما تساءل متحدث أمريكى على قناة «فوكس نيوز» عن سر تراجع إصابات كورونا فى مصر تحديدا، وكأنه يصفع بذلك الجماعة بتوع «أرقام وزارة الصحة مش حقيقية»، و«أصلهم برة بيعملوا مسحات»، وأيضا لم أندهش للدراسة التى نشرتها مجلة «نيتشر» العلمية بتاريخ 30 سبتمبر الماضى وفسرت سبب عدم معاناة إفريقيا تحديدا من كورونا، بأن الإنسان الإفريقي، وفقا لإحدى نظريات النشوء، ينحدر من جذور بشرية ذات بصمات وراثية تختلف عن بصمات إنسان الـ«نى آندرثالز» Neanderthals الذى ينحدر منه سكان آسيا وأوروبا والأمريكتين، وقد ثبت مؤخرا للعلماء أن الـ «نى أندرثالز» هم الأكثر عرضة للإصابة بكوفيد ـ 19، والإحصائيات العالمية تؤكد ذلك!
.. فلتذهب الموجة الثانية إلى الجحيم، فقط «ارتد كمامتك»، وضع ثقتك فيمن خلقك!
لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل رابط دائم: