رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

دائرة الحماية

جاءت حادثة فتاة المعادى رحمة الله عليها، لتكشف بعضا من جوانب السوء التى تعترى دائرة الحماية، التى تحيط بالمواطن، ولنبدأ أولاً بتعريفها، فهى تبدأ وتنتهى بالشارع، من لحظة أن تطأه قدمك، حتى لحظة تركه و العودة للمنزل. ولأن الشارع عبارة عن حركة مستمرة لا تهدأ، نرى به كل صنوفها فهنا لابد من تأمين تلك الحركة، لكل الأشخاص، وأولى درجات تأمين الشارع تكون بفرض سيطرة الدولة بشكل تام عليه، وللحقيقة هناك جهود رائعة يتم بذلها فى هذا الشأن، ولكنها تحتاج للإحكام.

بداية نشكو جميعنا تقريبا من سوء وضع سيارات السيرفيس، حتى أطلقنا عليها لقب مافيا سيارات السيرفيس، فغالبا تسير برعونة غير عابئة بآداب الطريق ولا بتعليمات المرور، ونتذكر أن المعتدين على مريم كانوا يستقلون سيارة ميكروباص. لذلك بات من الضرورى التعامل مع تلك المافيا بحسم مطلق، وأولى درجاته الكشف على السائق والتأكد من أهليته للقيادة، سواء بالتحقق من رخصة قيادته أو التأكد من عدم تعاطيه المخدرات، نعم نحن فى أمس الحاجة لعمل تحليل مخدرات لكل سائقى سيارات السيرفيس، كما قمنا من قبل بعمل تحليل مخدرات لسائقى عربات المدارس، تأمينا لأطفالنا وأبنائنا، وقد تم ذلك بالتوازى مع عمل تحليل المخدرات لسائقى النقل.

فعدد كبير من المواطنين يستقلون سيارات السيرفيس يوميا، والركاب هنا تحت رحمتهم، لذا لابد من تأمينهم بالشكل الكامل، قد يقول أحدنا إن الدولة سنت نظاما قويا لوضع ملصق إلكترونى لكل السيارات، وهنا أقول إن الملصق يراقب حركة السيارة، ولا يراقب السائق، وبكل تأكيد لا نعلم هويته، ولن ننتظر حتى تحدث حادثة أخرى، ثم نبكى الضحية، رغم أن الشرطة أدت دورها بشكل احترافى فى القبض على مرتكبى الحادث بسرعة. قد يكون طلبى مرهقا لجهاز الشرطة ولكن بعد دراسته بتأن سنجد أنه لازم لضبط إيقاع الشارع، وهنا أُلقى الضوء على أمرغاية فى الخطورة، وهو حال التوك توك فى بلدنا، يسير بدون ترخيص، دون ضابط أو رابط، يرتكب كل أنواع الموبقات دون حساب، والأكثر غرابة أن التعامل معه سلبيا بشكل غير مفهوم، وفعل التوك توك أفعالا مؤلمة وكوارث، وما زلنا نغض الطرف عنها. هل ننتظر حدوث كارثة مدمية للقلوب حتى نتحرك صوب تقويم وضعه؟

وإذا أصبح التوك توك فى مصر أمرا واقعا، لا مناص من التعامل معه، فلمَ لا يتم ترخيصه؟ حتى يتم تعديل وضعه كما هو مخطط له؟ استطاعت الشرطة الاقتراب من المعتدين على مريم ثم الوصول لهم بفضل كاميرات المراقبة التى كانت تحيط بمكان الجريمة، حتى استطاعوا تمييز الميكروباص، ومن ثم بجهد رائع القبض عليهم، فماذا كان سيكون الحال لو أن مرتكب الواقعة توك توك؟ يجب أن يسود الشارع المصرى الانضباط بكل أشكاله، ومع ما أنجزته الدولة فى هذا الإطار، ينبغى أن نبنى عليه، ليتحقق الأمان، وأعى أن أهم عناصره محاولة منع الجريمة قبل وقوعها، ولذلك يجب وضع الأمور فى نصابها السليم.

فمسئولية الدولة بسلطانها، فرض الأمن من خلال أجهزتها المعنية، فإذا نجحنا فى تأمين وتنظيم السير فى الشارع وفق الضوابط المتعارف عليها، فستحقق عناصر منع الجريمة بنسبة كبيرة، وجزء معتبر من تلك الضوابط، التيقن من أهلية قائدى السيارات، من خلال فحص رخص القيادة الخاصة بهم، وكذلك قدرتهم على القيادة بشكل آمن عليهم و على من معهم وعلى من حولهم، فمنهم من هم مسجل خطر مثل مرتكبى حادثة المعادى، ومنهم متعاط للمخدرات بما يخل بأدائه خلال القيادة.

أتذكر أنه كانت هناك حملة لعمل تحليل المخدرات على موظفى الدولة، وكان الغرض بث الطمأنينة فى نفوس الناس، فمن غير المقبول أن يتم التعامل مع متعاط للمخدرات وما يسببه ذلك من كوارث، فما بالنا بما يسببه تعاطى قائدى سيارات السيرفيس، وهل عمل تحليل مخدرات لهم أقل أهمية من عمل تحليل مخدرات لسائقى سيارات المدارس؟ أمر آخر من شأنه أن يغلف دائرة الحماية بإيقاع جيد، كنا فى الماضى نشاهد أفراد الشرطة يجوبون الشوارع، مطلقين صيحتهم الشهيرة «مين هناك» وكانت تلك الصيحة كفيلة بأن تبث الرعب فى قلوب المجرمين، اليوم وبعد ما تخطى عددنا الـ 100 مليون نسمة، يبدو من الصعب تطبيق ذلك الطلب بشكل عملى، لذلك أطرح بديلاً عله يكون مناسبا.

فمنطقة مثل المعادى على سبيل المثال تبدو فى أجزاء متعددة منها هادئة، فلمَ لا توجد سيارات شرطية تمر عليها فى أثناء الليل و تتخذ مكانا تتمركز فيه لتلبية أى نداء استغاثة إن وجد، على أن يتغير مكان التمركز ولا يكون ثابتاً، وذلك فى كل المناطق الشبيهة. ولنا أن نتخيل أثر ذلك على كل المواطنين، الملتزمين، وكذلك من تسول له نفسه ارتكاب أى جريمة، أعلم أن الأمر مرهق، ولكن أيهما أيسر، أن تقع الجريمة فنلهث خلف مرتكبيها؟ أم يشعر الناس بوجود الأمن، ومن ثم الأمان، فهكذا يعود للشارع هيبته وبريقه، حينما يسوده الأمان، ليتحرك الناس آمنين مطمئنين على أنفسهم، باكتمال دائرة الحماية.

[email protected]
لمزيد من مقالات ◀ عمـاد رحـيم

رابط دائم: