«يا مُرك يا نعمة» «يا فضيحتك يا نعمة»!
قالتها فاتن حمامة فى فيلم «أفواه وأرانب» مرتين، مرة عندما خطف منها «سيدها» قبلة، ومرة عندما عادت إلى قريتها لتكتشف أن أهلها «كتبوا كتابها» بغير علمها!
«نعمة» كانت تشعر بالذنب، وتقدر الكارثة التى وقعت فيها!
أما هيلارى كلينتون، فبسم الله ما شاء الله، احتفلت فى «صباحية» فضيحة إيميلاتها السرية، بعيد زواجها الخامس والأربعين مع زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون، واحتفل معهما الإعلام الأمريكى الناطق باسم الديمقراطيين والإخوان، بنشر صور «العروسين» تاركا وراء ظهره أخبار الفضيحة التى تهز أمريكا والعالم!
بيل كلينتون شخصيا، لم تكن فضيحته فى أفعاله اللاأخلاقية مع مونيكا لوينسكى فى المكتب البيضاوى ليلا، ولكن فضيحته كانت «الكذب تحت القسم» وهو نفس المنطق الذى تعامل معه الأمريكيون فى واقعة رشق رئيسهم الأسبق جورج بوش بحذاء صحفى عراقى فى بغداد عام 2008، فلم يغضبوا لرشق رئيسهم بالحذاء، ولا على شتمه بــ«ابن الـ.....» لأن الحذاء فى أمريكا يرفعونه فى وجوه بعضهم البعض، وفوق المكاتب «عادي»، و«الكلب» ليس شتيمة، لأنه عضو رئيسى و«محترم» لدى الأسر الأمريكية!
أما فضيحة هيلارى الحقيقية، بالنسبة للرأى العام الأمريكي، فليست فى دورها فى خراب دول الشرق الأوسط، ولا فى العلاقة المشبوهة بإيران، وإنما جريمتها الحقيقية هى تورطها فى استخدام بريدها الإلكترونى الخاص فى مراسلات رسمية خارج السيرفر الرسمي، معظمها «سرى للغاية» طوال فترة عملها وزيرة للخارجية من 2009 إلى 2013، إبان ولاية أوباما.
هذه الجريمة معناها باختصار أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كانت تتصرف بالمخالفة للقانون لسنوات، وبمعزل عن مراقبة ومحاسبة باقى مؤسسات الدولة الأمريكية، هذا هو ما يأتى فى المرتبة الأولى من حيث الأهمية.
مضمون هذه الرسائل، التى تقدر بالآلاف، تؤدى بنا إلى نتيجة رئيسية، وهى أن الإدارة الأمريكية الديمقراطية السابقة متورطة بالفعل فى ارتكاب أخطاء فادحة فى مجال السياسة الخارجية، تعانيها أمريكا حتى يومنا هذا، وأخطر بكثير من مشكلة ارتداء ترامب الكمامة أم عدم ارتدائه لها، وأهم هذه الأخطاء على الإطلاق دورها في ظهور داعش، وهى نفس الاتهامات التى وجهها إليها دونالد ترامب فى المناظرة الرئاسية بينهما قبل انتخابات 2016، عندما قال لها بوضوح: «هاحبسك»!
هيلارى التى أشاد العالم بصلابتها و«جدعنتها» مع زوجها وقت فضيحة مونيكا، تتورط هى نفسها فى فضيحة سياسية حقيقية، أسوأ من فضيحة زوجها، وفقا للمعايير الأمريكية، ومتي؟ قبل أسابيع قليلة من الانتخابات التى يخوضها المرشح الديمقراطى جوزيف بايدن وهو فى حالة يرثى لها، رغم محاولات الإعلام الأمريكى المضنية لــ«النفخ» فى صورته، تكرارا لنفس خطأ استطلاعات الرأى المضللة قبل الانتخابات الماضية.
لم يسعفنى الوقت لقراءة الرسائل كلها بطبيعة الحال، فهى طويلة جدا، ومليئة بالتفاصيل، والمعلومات، والأسرار، ولكن أول نتيجة تخرج منها فور قراءتك الرسائل المتعلقة بمصر تحديدا، أو بأحداث «الربيع العربي» بشكل عام، أن ما حدث ويحدث فى منطقتنا، عمل عدائى مدبر، تم دفع مليارات الدولارات لتنفيذه، وفشل، ومن أفشلته هى مصر تحديدا، بمعاونة أشقاء محترمين، وأصدقاء أوفياء!
وثانية النتائج، أن كل قطرة دماء سالت، وما زالت تسيل، على أرض مصر، لأحد أفراد الجيش أو الشرطة أو المدنيين، وكل جنيه خسرته مصر، منذ أحداث 6 أبريل فى المحلة عام 2008 وحتى يومنا هذا، فى رقبة هذه «السيدة» وهذه «العصابة» التى سيسقط أفرادها الواحد تلو الآخر إن شاء الله.
أما ثالثة النتائج، وأهمها بالنسبة لي، أن ما تضمنته الرسائل السرية من تفاهمات وترتيبات وتربيطات وتكليفات - سموها كما تريدون - مع الصحافة العالمية الحرة المستقلة الجميلة، تؤكد أن كل ما ينشر فى هذه الوسائل الإعلامية عن مصر تحديدا، كله «أونطة» و«مطلوب» و«متفق عليه» ويخدم سياسات «الديمقراطيين» ومن تبعهم من الدواعش والإخوان والثورجية والمنتفعين من النشطاء والحقوقيين والمنظرين، لخدمة المؤامرة الكبرى، كما كنا نؤكد لسنوات، حتى بح صوتنا.
الرسائل فسرت عددا ليس بقليل من المضامين التحريضية والوقحة التى تضمنتها مقالات وافتتاحيات وتقارير شهيرة نشرتها وسائل إعلام أمريكية وعالمية عن مصر، منذ غلاف غرق رأس «الفرعون» مبارك فى رمال الصحراء على غلاف «الإيكونوميست» قبل 2011، ونهاية بتقارير «واشنطن بوست» هذه الأيام عن قمع «الشواذ» فى مصر، وتقرير «دويتش فيلا» الألمانية البائس أخيرا عن قطارات الأغنياء، وليتهم يستحون!
.. يا مراركم جميعا!
لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل رابط دائم: