لا تستخفوا بالكوميديا التى تبثها قنوات «الإخوان»، ولا بالكذب والاختلاق الذى امتهنته قناة «الجزيرة»، وبخاصة حول دعوات التظاهر الأخيرة، فهذه الكوميديا وهذا الكذب، تتعامل معه وسائل إعلام عالمية مرموقة على أنه الخبر الصادق والمعلومة الصحيحة، وهى التى يتم نقلها للأسف الشديد إلى جميع أنحاء العالم، وبمختلف اللغات، ليصبح هناك رأى عام عالمى مضلل عن مصر تماما، مع سبق الإصرار والترصد.
خلال شهر سبتمبر الحالى بأكمله، وقبلها فى أغسطس الماضي، كان هناك تركيز من جانب وسائل الإعلام العالمى على «محاصرة» مصر إعلاميا بكل ما هو سييء من الأخبار، مثل تركيز وكالة «رويترز» على قضية سد النهضة، من وجهة نظر سوداوية للغاية، وعلى تطورات القبض على محمود عزت القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان الإرهابية، مع التنويه إلى تراجع مؤشر النشاط الاقتصادى للقطاع الخاص فى مصر تأثرا بأزمة فيروس كورونا، فيما أبرزت وكالة أسوشيتدبرس اللغط القائم حول تحويل 54 مليون مصرى للمحاكمة بسبب عدم مشاركتهم فى انتخابات مجلس الشيوخ، وتشديد «النظام» فى مصر قبضته الأمنية على الصحفيين والمعارضين، قيما تناولت هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» حالة الشحن المعنوى بالشارع الإثيوبى تجاه قضية الخلاف مع مصر حول مياه النيل، وتعاون مصر والإمارات فى الملف الليبي.
نفس الأجندة التى تبثها قنوات «الإخوان» و»الجزيرة»، بنفس المفردات، ونفس المصطلحات، ونفس الأكاذيب.
فالإدارة المصرية «ضيعت» حقوق مصر فى مياه النيل، والمفاوضات مع إثيوبيا فشلت، والاهتمام بالوضع فى ليبيا وبالمواجهة مع تركيا مبالغ فيه، ولا أساس له من المنطق، والدور المصرى والإماراتى فى الملف الليبى محل شك، والمصريون يواجهون القمع والتنكيل وكل أشكال التضييق، ومصر الأكثر تضررا من بين دول العالم من جائحة كورونا، ودعوات التظاهر فى مصر، سواء فى 20 سبتمبر أو ما بعد ذلك، حراك شعبي، ومعارضة وطنية خالصة!
هذا هو الهزل الذى يتم تدويره وتناقله ما بين قنوات الفتنة والشر و»الفبركة»، وبين الإعلام الأجنبي، الذى يوصف ظلما بـ»المحايد».
وهذه هى الصور والفيديوهات القديمة والمفبركة والتى يتعامل معها الإعلام الأجنبي، عن حسن نية أو عن سوء قصد، لا فارق، وكأنها هى الواقع وهى الحقيقة!
خذ عندك كمثال الخبر الذى بثته وكالة أسوشيتدبرس يوم 4 سبتمبر 2020 بعنوان «مصر تقبض على صحفيين أحدهما مصاب بفيروس كوفيد 19»، حول إعلان لجنة حماية الصحفيين بأن قوات الأمن فى مصر ألقت القبض على صحفيين اثنين احدهما مصاب بفيروس كورونا، فيما وصفته الوكالة بأنه «أحدث خطوة فى الإجراءات المشددة التى يتم فرضها على وسائل الإعلام خلال جائحة كورونا».
وأضافت الوكالة فى معرض تعليقها على هذا الخبر، ومعروف مدى تواضع مصدره، وغرابة ما جاء فيه، أن «المحققين المصريين فى عهد الرئيس السيسى يوجهون فى أغلب الأحيان اتهامات غامضة ذات صلة بالإرهاب إلى الصحفيين والنشطاء العلمانيين والنقاد على الإنترنت، بالإضافة إلى الخصوم السياسيين الإسلاميين، مما أثار تحفظات من قبل المراقبين لحقوق الإنسان على نطاق واسع»، فبدا وكأن الوكالة الأمريكية المحترمة لا تعرف الفارق بين المعارضة و»الشتيمة»، وبين الاتهام و»السب والقذف»، وبين التعبير عن الرأى بحرية، ودعم الإرهاب والتحريض عليه.
ومن الأمثلة الأخري، ما جاء فى خبر بثته وكالة رويترز بتاريخ 28 أغسطس الماضى بعنوان «القبض على القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان المسلمين فى القاهرة»، حول إعلان السلطات فى مصر عن إلقاء القبض على القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان محمود عزت فى أثناء مداهمة لإحدى الشقق فى القاهرة، حيث رأت الوكالة صراحة أن القبض على عزت يشكل أحدث ضربة يتم تسديدها إلى الجماعة، التى وصفتها الوكالة، بلا خجل، بأنها «أقدم حركة إسلامية فى مصر، وأكثرها تنظيما، والتى تم سحقها فى حملة قمع شاملة منذ الإطاحة بها من السلطة قبل سبعة أعوام»، وهى صياغة عدوانية شديدة الانحياز لجماعة تلجأ للإرهاب وتجاهر باستخدام العنف، وكوادرها والجماعات الموالية لها مسئولة عن طوفان دماء المصريين من عسكريين ومدنيين فى هجمات على أهداف عسكرية ومدنية من بينها مساجد وكنائس، على مر سنوات.
ملحوظة: حتى وإن توافرت لمصر قنوات إعلامية قوية تحرص على بث حقائق ما يجرى على أرض مصر، فلن يلتفت إليها الإعلام الأجنبى الكاره لمصر، لأنه «مبرمج» وتم اختراقه منذ فترة وانتهى الأمر، ويفعل ما يفعله تجاه الأحداث فى مصر عن علم وعمد، وإصرار وترصد.
ونقول هذا لمن يلوم الإعلام المصرى عن فشله فى مخاطبة الرأى العام العالمي.
رابط دائم: