كان ذلك فى بداية عام 2010 عندما التقيت الدكتور أسامة الباز وكانت تربطنا صداقة الصحفى بالسياسى المخضرم والتى استمرت نحو عشرين عاما بحكم منصبه كوكيل لوزارة الخارجية وصانع الأخبار اليومية لنا معشر الصحفيين الذين يغطون أخبار وزارة الخارجية والشأن السياسى حيث كان الرجل غادر منصبه منذ عام 2003. كمستشار سياسى للرئيس الأسبق مبارك وكان يومها تحلل من قيود المنصب ومقتضيات الضغوط والسرية فى البوح ويومها واصلت إلحاحى عليه فى الطلب لإعداده مذكراته الشخصية والسياسية وألا يفوت الفرصة هذه المرة ولماذا وصلنا إلى هذا الحال وتراجع دورنا كثيرا فى الإقليم ولماذا نسج كل هذه المؤامرات ضد الوطن حتى من قبل بعض من كان يحسب أنهم أشقاء فى المنطقة؟ ولماذا كل هذه الشماتة من قبل بعض السياسيين والوزراء العرب الذين كنت التقيهم فى المؤتمرات واللقاءات العربية والإقليمية منذ بداية الألفية الجديدة.
وعاد يلاحقنى بالسؤال ماذا أكتب نعم أتفق معك أن هناك تراجعا للدور والحضور لنا فى المنطقة قد نتحمل جزءا منه لكن فى المقابل يجب ألا تنسى أن هناك طيلة السنوات السبع الماضية أموالا تضخ وحيلا وخططا ومؤامرات تحاك ضدنا وأن هناك قوى ولاعبين جددا فى الإقليم باتوا يمتلكون المال وشراء الدول والمروجين وكذلك مواقف الولايات المتحدة طيلة السنوات الماضية حيث تقف فى المنطقة الرمادية من النظام الحالى فى إشارة إلى مبارك كل هؤلاء لا هم لهم سوى تكسير أقدام هذا الوطن ومنع هذا البلد من التحليق بعد اليوم حيث حجتهم أن دورنا قد انتهى وأنه كفانا تسيد المنطقة وقيادتها طيلة الخمسين سنة الماضية وبالتالى لو كتبت عن كل هذه الأدوار وذكرت كثيرا من الحقائق سأجلب كثير من المتاعب للدولة ونفسى ولا تنس أن تصحيح صورتنا وأوضاعنا الداخلية تحتاج معجزة كل يبحث عن دور ورغبة ملحة فى ملء الفراغ !.
تذكرت حديث الباز وطلبه بتوافر المعجزة لإنقاذ الوطن وعودة الدور والحضور فى الإقليم الآن وأن أطالع معجزات النجاح ووثبات الانطلاق فى مسارات الإصلاح الاقتصادى ودروب التنمية الشاملة والمستدامة التى تسطر على أرض وربوع مصر كل يوم فى افتتاحات الرئيس بالإسكندرية ومحور المحمودية صباح السبت الماضى وحماس السيسى المسكون بنجاح مصر وتقدمها ورؤيته الواقعية والجادة لإنهاء أزمات الوطن فضلا عن رغبته وتصميمه الجدى متسلحا بالسيف والدرع العسكرية لأحد أقوى الجيوش وأكبرها تصنيفا فى الحرفية والمهارات والقدرات على ألا يساوم على سيادة مصر لا استراتيجيا ولا تكتيكيا بل هو زعيم مصرى عربى وبالتالى يرفض بتاتا أن تمس السيادة المصرية أو يكون هناك مجال للتهديد أو العدائيات من بعض المغامرين النزق.
دائما ما أتساءل ماذا كان سيكون الوضع إذا لم تحدث ثورة 30 يونيو وينتفض الشعب فى مليونيات عارمة لإنهاء وفض حكم جماعة الإخوان الإرهابية ماذا كان الوضع إذا لم يساندنا ويساعدنا القدر فى تجاوز محن سنوات الفوضى المريعة والخراب المروع بعد أحداث 25 يناير وانتكاسات الدمار والتخريب والفوضى القاتلة التى كانت تغطى الوطن ماذا كان الوضع إذا لم يوجد السيسى ويمتلك كل تلك الرؤية العميقة وتتوافر إرادة هذا الشعب لبناء مصر الحديثة المعاصرة كما نرى ونعيش هذه الأيام حيث لا مكان ولا جهة أو شبر فى الوطن لا تمتد إليه يد البناء والتحديث والتطوير حيث يكفى أن ينظر الواحد منا فى مصر ليطالع ما يحدث فى عديد دول الإقليم من حرائق مشتعلة ومتنقلة منذ أكثر من عشر سنوات ولا يوجد من يستطيع اطفاءها أو السيطرة على نيرانها المتصاعدة أو إيقاف جحيم شلال الموت الذى يحصد يوميا أرواح المئات فى أقطارنا العربية وفى المقابل لماذا يحسدوننا حاليا فى الإقليم على ما وصلنا إليه. لا يتسع المجال هنا لايراد حجم وعدد المشروعات والنجاحات التى تقام وتفتتح يوميا على أرض الوطن حيث هذا الأمر يحتاج عشرات الصفحات والمجلدات ناهيك عن عشرات التريليونات التى انفقت فى البناء والتحديث والتطوير لكل مناحى الحياة فى شتى اقاليم البلاد ولكن ما يسر وينعش ويفاقم حياة الأمل والغد الافضل لدى المصريين هو أن حجم هذه الانجازات والنجاحات على إطلاقها لم يتجاوز ست سنوات فقط حيث إن ماتحقق غير مسبوق فى تاريخ الدولة والأمة المصرية وبالتالى إننا عندما نواصل السير والإنجاز بنفس الوتيرة لمدة عدة سنوات قريبة يحق لنا أن نحجز المقعد الأول وقيادة قطار المستقبل فى الاقليم ويكفينا حتى الآن شهادات وتصنيفات المؤسسات الدولية كالبنك وصندوق النقد الدوليين والائتمان الدولية وغيرها.
وبالتالى كان فضل هذا النجاح لم يقتصر على الداخل بل تعداه وفاق استعادة الدور فى الإقليم والحضور الطاغى فى ملفات وعوالم السياسات الدولية وكانت القاعدة الحاكمة لصانع القرار فى قصر الاتحادية بمصر إذا لم تكن تلك اللحظة وإذا لم يكن هذا هو الوقت لاستعادة الدور وديناميكية الحراك المصرى وتشغيل محركات الانطلاق فى الإقليم فمتى يحدث ذلك؟ وها قد تحقق لنا المراد فبعد غياب حتى بعد قيام ثورة 30 يونيو بعام كنا ودورنا نسيا منسيا لكن الآن تغيرت المعادلات وتعدلت بقوة موازين القوة والقوى فى الإقليم وحدث الاشتباك السياسى والدبلوماسى واللجوء بالتلويح بالقوة العسكرية ونيرانها إذا لزم الأمر عندما يتم تجاوز الخطوط الحمراء والخط الذى يرسمه الرئيس السيسى فى أى منطقة تعتبر مصدر تهديد او تصعيد غير مرغوب فيه للأمن القومى المصرى والعربى كما حدث فى ليبيا أخيرا وغير المعادلات وقواعد الاشتباك وغيرها فى شرق المتوسط حيث لولا براعة السيسى فى رسم الحدود البحرية مع اليونان أخيرا ومن قبل قبرص ولولا تلك التجهيزات العسكرية للبحرية المصرية لضاعت ونهبت حقوقنا فى الغاز والبترول بفعل البلطجة التركية وغيرها ولأجل كل ذلك وغيره عاد الدور المصرى السياسى ليكون القاسم الأكبر فى رسم معادلات السلم والحرب فى الإقليم.
لمزيد من مقالات ◀ أشرف العشرى رابط دائم: