رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«البايرن».. أسلوب حياة!

بايرن ميونيخ «مشكلة»!

احترت فى سر نجاح هذا الفريق.

هل لأنه مجرد «ألماني»؟ أم لأنه ناد غني؟ أم لأنه «عريق»، مثلا؟ أم لأنه الأكثر جماهيرية وشعبية فى بلاده؟ أم لأن رئيسه التنفيذى هو الأسطورة «رومينيجه»؟

هل لأن لديه مديرة فريق هى المرأة الحديدية كاتلين كروجر؟

هو ماركة تجارية ألمانية، لا تقل جودة وسمعة عن ماركات السيارات والأجهزة الإلكترونية الألمانية الشهيرة، نموذج لمنظومة الحياة فى ألمانيا بصفة عامة، من تعليم، وصناعة، ومجتمع، وثقافة.

ليس لدى البايرن ميسي، ولا رونالدو، ولا نيمار، ولا صلاح، ولكن لديه من هم أفضل منهم، ليس لديه مليارات الخليفى فى باريس سان جيرمان، ولا ملايين الإمارات فى مانشستر سيتي، ولا أموال أباطرة الأعمال فى الريال والبارسا، ومع ذلك، هو أعلى أندية العالم أرباحا!

لم يقل البايرن يوما إنه «مدرسة» أو «كيان» أو «فوق الجميع»، رغم أنه كل ما سبق، لم يقل يوما إنه نادى قرن أو كون أو مجرة، ولكنه الأفضل عالميا بلا جدال.

لم نسمع يوما عن أن البايرن لديه مشجعون مستعدون للاستشهاد فى سبيله، أو منافقون يسبحون بحمده ليل نهار بمقابل، أو حكام يجاهرون بالانتماء له!

لم نسمع عنه يوما أنه تعاقد مع لاعب نكاية فى ناديه، أو «كيدا» فى ناد آخر، أو لكى يتلذذ النادى بجلوس اللاعب ذليلا على مقاعد البدلاء حتى الاعتزال، ولكن لاعبيه يتم انتقاؤهم بعناية فائقة. سر البايرن أنه جمع فى عمله بين ثلاثية المعجزات: الكفاءة الفردية، والعمل الجماعي، والطموح للنجاح، وقد يكون العمل الجماعى طابعا مستمدا من أيديولوجية الألمان، ومنتخبهم «الماكينات»، ولكن معظم لاعبى البايرن ليسوا من الألمان، فاختيار لاعبى البايرن نفسه له فلسفته، فهم كأفراد ليسوا الأغلى عالميا، ولا الأكثر وسامة، أو جاذبية، أو لأنهم تبع السمسار فلان، أو رجل الأعمال «علان»، ولكنهم الأفضل، أو سيصبحون الأفضل، كل فى مكانه، «تروس» صغيرة فاعلة داخل ماكينة ألمانية كبيرة!

«تاني»، لمن لا يفهم، المسألة ليست إدارة فقط، ولا كفاءات ومواهب فقط، وإنما الاثنان معا، إضافة إلى الطموح والروح والحب، فهذه هى ما يمكن تسميته «متلازمة البايرن»!

لن نتحدث عن الحارس نوير أو «الدبابة» مولر، أو الداهية «جنابري»، أو قلبى الدفاع سولى وبواتينج، أو الصغير «كيميش»، ولكن انظر مثلا إلى الجناح الكندى «المجهول» ديفيز الذى لم يكن يعرفه أحد، ولا تعرف بلاده كرة القدم أصلا، واسأل نفسك، من هو العبقرى الذى اختاره للعب فى البايرن؟

انظر إلى رأس الحربة البولندى العملاق ليفاندوفيسكى الذى يذكرنا شكلا وأداء بأوصاف «دارتانيان» فى رواية ألكسندر دوماس «الفرسان الثلاثة»!

انظر إلى كفاءتهم كأفراد، وانظر إلى كفاءة الإدارة التى اختارتهم، وانظر إلى المدرب فليك الذى جعل منهم نجوما عمالقة فشل فى مجاراتهم ميسى ونيمار وغيرهما.

فى مصر، نملك كفاءات فردية، محدودة، نعم، ولكنها موجودة، والمشكلة أنها تواجه حربا حقيقية لإفشالها و«تطفيشها» و«تزهيقها».

محمد صلاح نموذجا، فى ليفربول، صار نجما، وكان كذلك فى روما، وفيورنتينا، ولو بقى فى مصر، لكان الآن يجلس على دكة بدلاء الأهلى أو الزمالك ليستجدى اللعب أساسيا!

أعمال المصريين العظيمة كلها عبر التاريخ كانت نتاج عمل جماعي، وكفاءات أفراد أو قادة نابغين فى آن واحد، وروح وطموح للنجاح أيضا، بناء الأهرامات، حفر قناة السويس، حرب أكتوبر 1973، قناة السويس الجديدة، العاصمة الإدارية، القضاء على فيروس سي، وبإذن الله، تضاف إلى هذه الإنجازات: إصلاح التعليم، وتطوير الصحة، وتحديث وسائل النقل.

فقط، كل ما نحتاجه، مناخ يمجد العمل، ومن يعمل، لا مناخا يضع الكسالى والتنابلة وأصحاب الوسائط والمصالح والشلل والبدل والكرافتات والدم الخفيف و«الورثة» فى عليين.

ليس معقولا أن يكون أشد رافضى تطوير التعليم هم من داخل المنظومة نفسها، وليس معقولا أن يجرى العمل لتطوير المنظومة الصحية، وتأتى الحرب من أبناء المهنة، وليس معقولا هذا الدفاع المستميت فى الإعلام والسوشيال ميديا عن كل أشكال التطور أو تطبيق القانون، بداية من بائع التين الشوكي، ونهاية بقطارات الصعيد، فهذه ليست «حنية» بل إٌفسادا، والنجاحات لا تبنى بالعواطف!

فى بلدنا، مشكلة حقيقية أن تجتهد أو تعمل، ومشكلة أكبر أن تطمح أو تنجح، والأسهل أن تعيش «موظفا»، ولا تصاب بمتلازمة البايرن!

.. «ليتنى لاعبا فى البايرن»!


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: