رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مترو «أنفاقنا» و«أنفاقهم»!

مترو أنفاق مصر «مفخرة».

ليس الأفضل فى العالم، ولكنه عمل رائع، بصورته الحالية، وفى دولة نامية، وفى مدينة مزدحمة مكدسة مترامية الأطراف مثل القاهرة.

شاهدت الكثير من محطات مترو أنفاق فى مدن عالمية، بعضها محترم، والبعض الآخر ليس كذلك!

مترو أنفاق طوكيو شديد الانضباط والنظافة، ولكنه مزدحم بصورة أسطورية، وبخاصة فى الذروة (الأزحم عالميا بــ 3٫1 مليار راكب سنويا).

مترو أنفاق باريس واسع ومعقد ويغطى العاصمة وضواحيها (الثالث عالميا فى عدد المحطات بـ369 محطة)، ولكن بعض المحطات متطرفة بصورة مرعبة، وطرقات بعض المحطات مرتع للصوص والنشالين وملوك «التثبيت».

مترو أنفاق لندن من أساسيات الحياة فى بريطانيا، فهو الأقدم (أنشىء عام 1863)، وهو الثالث عالميا من حيث طول مسافاته، ولذلك، فتعطل المترو كارثة حقيقية بالنسبة للبريطانيين، وهو العذر الوحيد المقبول لتغيبك عن عملك، وحضرت يوما تعطل فيه المتروبوليتان بالكامل، فأصيبت الحياة يومها بشلل كامل، وفى أيام الويك إند والإجازات الرسمية، المترو لا يطاق فى وسط المدينة بالذات بسبب زحام التسوق، وطابور التذاكر شاهدته يمتد إلى رصيف الشارع أعلى محطة «أوكسفورد سيركس» مساء الأحد، ولا يتحرك!

أما أغرب محطة زرتها فكانت «بيز ووتر» وسط لندن، وكانت مليئة بجيش من آلاف الفئران، وربما تخرج من المحطة لتجد أحدها قد اختبأ داخل حقيبتك!

مترو أنفاق بكين، وسول، ليسا بأفضل من مترو القاهرة على الإطلاق، أو ربما يختلف الوضع من محطة إلى أخرى، خاصة فى الصين التى تملك أطول خطوط مترو فى العالم (أكثر من 2400 كيلومتر)، وسلوكيات البشر مختلفة، بطبيعة الحال، وهى التى تصنع الفارق.

المتسولون والمشردون مكون أساسى فى محطات المترو بالعالم، وكأنهم من الأساسيات، ولكن لا باعة جائلون داخل القطارات!

مترو أنفاق القاهرة ليس بحجم مترو لندن أو باريس، فكله على بعضه ثلاثة خطوط، بينما مترو باريس مثلا 16 خطا، ولكن مترو مصر لديه مميزات أخرى كثيرة، أبرزها أن معظمه تحت الأرض، (55% من مترو لندن فوق الأرض)، كما أن تصميمات محطات مترو مصر أشبه بتحف فنية حقيقية، بعكس بعض محطات المترو الأوروبية الصغيرة التى تبدو أكشاكا صغيرة متواضعة، وبعضها يغلق أبوابه فى المساء!

ربما تكون لدينا ميزة نسبية، وهى أن مصر «تأخرت» كثيرا فى إنشاء المترو مقارنة بالدول الأخري، فقد ساعدنا ذلك على تصويب أخطاء، وتلافى سلبيات، وتحديث خامات، واستخدام تكنولوجيات آحدث، وتسيير أغلب القطارات تحت الأرض، وأيضا تحت نهر النيل، ولهذا كانت فاتورة الإنشاء أعلى، والسخط الشعبى أكبر من المواطنين «المتعجلين».

ومع ذلك، ما زال مترو أنفاق مصر ينقصه الكثير، والوضع داخل محطات المترو وخارجه ليس مثاليا.

تكييف القطارات مثلا لم يعد رفاهية فى دولة حارة مثل مصر، وقطار غير مكيف فى أشهر الصيف عندنا هو «فرن كبير متحرك»، وسخط وغضب وشتائم ولعنات وعصبية واحتقان وسوء سلوك بين الركاب، «ببلاش»، وقطارات المترو المكيفة على الخط الأول هى الوضع الأمثل، وما عدا ذلك، تهريج، و«تعذيب» للبشر، لا مبرر له.

الباعة والمتسولون داخل عربات المترو منظر سيئ، والأسوأ منه، أن تجدهم يتنقلون من قطار إلى آخر وسط سمع وبصر أفراد الشرطة وموظفى المترو. معدل التقاطر معقول فى أوقات الذروة، ولكن أحيانا، لا نجد سببا واضحا لتأخر قطار عن آخر، أو فى تعمد سائق الوقوف لفترة أطول من اللازم فى محطة ما.

الإذاعات الداخلية فى المحطات «مخجلة»، وتحتاج إلى نظرة، لكى تستخدم فيما ينفع الناس، بدلا من النداءات المزعجة.

بوابات التذاكر فى حاجة إلى رقابة أفضل لمنع «التزويغ».

شبابيك التذاكر بها أكثر من مشكلة، فلا يوجد من ينظم الطوابير، وبائع التذاكر مكتئب، ويتعامل معك بقرف، بما يشير إلى أنه لم يجتز إعدادا أو تأهيلا من أى نوع، كما أن مشكلة عدم توافر «الفكة» ليست مسئولية المواطن.

الــ «واى فاي» لم يعد رفاهية فى عصرنا هذا، بل بات ضروريا توافره فى المحطات والعربات، وبالمجان، ككل بلاد الدنيا، مهما تكن التكلفة.

وأخيرا، النظافة، النظافة، النظافة، مع ضرورة تطبيق الغرامات على المخالفين دون تهاون و«صعبانيات».

مبروك لمصر المرحلة الرابعة للخط الثالث، وعقبال مزيد من الخطوط، مع تشغيل أفضل، وانضباط أكبر، وسلوكيات أرقى، وليت سلوكياتنا فوق الأرض، مثلما هى تحت الأرض.


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: