رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حتى لا يسقط لبنان بأيدى «كِلّن»!

افهموا لبنان قبل أن تتباكوا عليه.

لا تختزلوا الأزمة فى سياسى أو مثقف أو فنان.

لبنان أكبر من ذلك، وأعقد مما نتصور.

لبنان ليس مجرد حسن نصر الله ولا جنبلاط ولا ميشيل عون ولا وزيرة حسناء، ولا أخرى «كيوت».

لبنان ليس مجرد جبران وفيروز وورحبانية وإليسا ونانسي، ولا أفلام سبعينيات، ولا جورج جرداق، ولا «حليم» وهو يغنى لنادية لطفى «جانا الهوا»!

لبنان ليس مجرد صحف وفضائيات ونيشان وزاهى وهبى ومايا دياب و«هيك مانغني».

لبنان ليس مجرد موضة وأزياء وأناقة وتجميل وإيلى صعب وبنات حلوة تنطق «فسطان» بالطاء بدلا من التاء!

لبنان ليس مجرد تغريب ومهجر وعروبة، ولا مخيمات ومقاومة، وسعيد عقل!

لبنان ليس مجرد صورة عند الروشة، أو «ترويقة» فى أوتيل بيروتى، أو مناقيش وتبولة، أو سهرة فى شارع الحمرا.

لبنان ليس مجرد 8 آذار ولا 14 آذار، ولا نشطاء بضفاير ومتظاهرين بالشورتات.

لبنان هو كل هذا، هو كل هؤلاء «مع بعض».

يستحيل استثناء أحد أو إقصاؤه.

«كلن» لبنان.

ولد لبنان كذلك، وعاش كذلك منذ الاستقلال، وأحببناه كذلك، ويترنح إذا حاول أحد الضغط لتغيير «ذلك»، كل المطلوب فقط أن يلتزم الجميع بقواعد اللعبة، وكان اغتيال الحريرى عام 2005 نقطة فاصلة، فقد انتهكت اللعبة، فهذه الجريمة كانت أشبه بـ«غشاش» انفضح أمره على مائدة قمار، فأصبح من حق اللاعبين الجالسين على المائدة إقصاؤه وتجريده مما «لهفه»، قبل مواصلة اللعب.

لذلك، لم يكن غريبا أن تحدث جريمة ميناء بيروت قبل أيام من انتهاء محاكمة قتلة الحريري، بالتزامن مع شارع يغلي، ومواطن يائس نسى طائفيته، ونحاها جانبا، من أجل أن يزيح من على صدره ما هو أسوأ من الطائفية، بعد أن اكتشف وتأكد أنه قادر على أن يتعايش مع مجتمع منقسم، ولكنه ليس قادرا، ولا مقتنعا، ولا مضطرا، لأن يتحمل العيش فى ظل سلطة فاسدة، واقتصاد ينهار، وميليشيا فوق القانون، وأكثر من دولة داخل الدولة.

مشكلة لبنان الآن، أن كل طرف يسعى لإقصاء الآخر، وكل طرف يحمل الآخر مسئولية ما يحدث، هذا بالنسبة لمن هم فى السلطة، حتى السلطة نفسها تحمل المتظاهرين مسئولية تدهور الأوضاع.

لن تقبل أى فئة، لا فى السلطة، وفى خارجها، بالخروج من المشهد طواعية، وبالمجان، فلا ننس أن هناك 4 دول على الأقل تقف خلف الستار، أو هى على خشبة المسرح بالفعل!

وضع لبنان الآن أشبه بلعبة «المكعبات» عندما تتعقد وتستعصى على الحل، ولا أحد فى لبنان أو خارجه يستطيع أن يجزم أن لديه حلًا، يكذب من يزعم ذلك، فلا تقنين الطائفية حل مقبول، ولا تنحيتها جانبا أمر سهل!

وفى الأزمة الحالية، ليس مهما من المسئول عن تفجير الميناء، وهل هى إسرائيل، أم حزب الله، أم جهة أخرى؟ وليس مهما معرفة سبب تخزين الشحنة المتفجرة كل هذه السنوات، ولا الجهة المالكة لها، ولا الجهة التى استوردتها من موزمبيق كما قيل، ولا تنتظروا أن تسفر التحقيقات عن شيء الآن، فمحاكمة الحريرى عمرها 15 عاما، ونتيجة التحقيقات ستواجه التشكيك، ولكن المهم الآن أن لبنان «ينهار»، وليس فى طريقه للانهيار كما قال حسان دياب المستقيل، فلا يوجد من هو قادر على إنقاذه، وفكرة الزعيم «المخلص» هذه غير واردة.

المصيبة أن لبنان الآن، وفق تعبير العسكريين قديما، «مدينة مفتوحة» جاهزة للسقوط.

لبنان الآن بلا مؤسسات، وبلا اقتصاد، وبلا دولة، وبلا خدمات، وضع يقترب إلى حد كبير من وضع العراق قبل وصول بول بريمر إلى بغداد، ومن وضع ليبيا قبل مقتل القذافي، بدليل أنهم يقيمون مؤتمر مانحين لبلد فى غياب قادته، ويتعهدون بمساعدته بـ300 مليون دولار، «يا بلاش»!

زيارة ماكرون لبيروت ذكرتنا بزيارة هيلارى لميدان التحرير، بعد «النكبة»، والشاب الذى صرخ فى وجهه بالفرنسية فى الشارع لمطالبته بالتدخل، لم يكن سوى «جلبي» لبناني، ومن نفس عينة من صاح بعبارة «نعم نستطيع» خلال خطاب أوباما فى جامعة القاهرة.

فى لبنان، تتردد الآن نظرية «نحرقها عشان نبنيها على نضافة»، رغم أن مخترعها نسى أنه يتحدث عن وطن، وليس عن دورة مياه!

افهموا لبنان قبل التصفيق لهذا والتهليل لذاك، أما اللبنانيون أنفسهم، فعليهم أن يدركوا أن الأوطان التى تسقط لا تعود، وأن الدول كما تنهض بأبنائها، تسقط أيضا بأيدى أبنائها، وأقصد بأبنائها هنا السلطة، ومن فى الشارع معا، «كلن»!

لا حل سوى بتغليب الوطن على الطائفة، ووضع قواعد جديدة للعبة، أما «إعادة تشغيل» الطائفية فلم تعد حلا مجديا.


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: