تتواصل تداعيات انفجار بيروت، الذى أودى بحياة عشرات القتلى وآلاف الجرح، وهو الانفجار الذى فاقم أزمات سياسية واقتصادية يرزح تحتها لبنان منذ شهور، فهل ينجح التحقيق فى كشف المسئولين فى تخزين آلاف الأطنان من المواد المتفجرة فى ميناء بيروت، أم أن الخلافات السياسية تفوق الوصول إلى حقيقة ما جرى؟ وكيف ستؤثر تداعيات الانفجار فى مستقبل النظام السياسى القائم على المحاصصة الطائفية؟ وهل يشهد لبنان التغيير المنشود الذى يسعى إليه الحراك الشعبى المتواصل؟.
الزلزال هز لبنان، بطريقة لم يشهدها البلد المنهك، لا فى حربه الأهلية التى استمرت 15 عاما، ولا خلال الاجتياح الإسرائيلى عام 1982، ولا يوم اغتيال رفيق الحريرى، رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، التى ستصدر نتائج المحكمة الدولية فى قضيته هذا الأسبوع.
ما أشبه الليلة بالبارحة، تفجير ميناء بيروت الضخم، ذكر بتفجير وسط بيروت الدامى عام 2005، والذى أودى بحياة رئيس الوزراء رفيق الحريرى، قبل 15 عاما.. المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتى كان من المفترض أن تنطق بالحكم فى السابع من الشهر الحالى، اضطرت إلى تأجيل جلسة النطق بالحكم حتى 18 من نفس الشهر، احتراما للحداد الوطنى.. قرار الإرجاء من قبل المحكمة الدولية، أثار تساؤلات كثيرة حول الخلفيات والأهداف، لا سيما أنه التأجيل الثانى.. وفيما يبدو أن حكم المحكمة الدولية للبنان، يثير الترقب والاستقطاب والجدل داخل البلاد، حتى قبل صدوره، ذلك لأن المحكمة سبق أن أعلنت أنها ستنطق بحكم الإدانة فى حق عناصر من “حزب الله”، العضو فى البرلمان والحكومة اللبنانية، بتهمة اغتيال الحريرى الأب ومرافقيه.. تهم ظل الحزب، ينفيها واعتبرها الأمين العام للحزب حسن نصر الله، مؤامرة لزرع نعرات التفرقة بين السنة والشيعة، ولإضعاف الحزب وسلاح المقاومة.
هز الانفجار الذى أودى بحياة الحريرى الأب لبنان، قبل أن يقلب المشهد السياسى فى الداخل، حيث انشغلت بيروت وعواصم أخرى فى البحث عن هوية المرتكبين وأهدافهم.. لكن التوازنات السياسية التى قامت على نظام أمنى لبنانى سورى فرض قبضته لعقود على البلاد، دفعت إلى التوجه نحو المجتمع الدولى، فكانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.. لم يعد يفصل لبنان عن النطق بالحكم فى قضية اغتيال الحريرى سوى أيام معدودة، وسط تساؤلات عن تأثيرات هذا القرار على الوضع الداخلى المتأزم بطبعه.. فمازال اللبنانيون يترقبون قرار المحكمة الدولية، بعد سنوات طويلة من الانتظار المكلف.. يأتى النطق بالحكم فى وقت تمر فيه البلاد، بظروف استثنائية، جراء انهيار الوضعين الاقتصادى والاجتماعى، وسط قلق من تأثيرات قرار المحكمة، على الوضع الأمنى الداخلى، خاصة أن “حزب الله”، سبق أن توعد فى السابق بقطع “كل يد” تمتد إلى عناصره المتهمة فى القضية.. وحسب مراقبين فإن قرار المحكمة، ستكون له ارتدادات سياسية فى لبنان لاسيما على العلاقة بين “تيار المستقبل”، بزعامة الحريرى الابن “وحزب الله”.
وعلى الرغم من مرور الكثير الوقت، ودخول الحريرى الابن فى تسويات سياسية مع “حزب الله”، فإن أكثر ما يثير القلق، هو أن الاستقطاب لا يزال بالغا، ومن الممكن أن تشتعل الانتماءات المذهبية مجددا وبسرعة كبيرة، والأسوأ أنها ستتزامن مع أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ليكون التساؤل الرئيسى للمرحلة الراهنة:”من يريد خلط الأوراق فى هذا التوقيت بالذات وتأزيم الموقف الداخلى فى البلاد؟”.
رابط دائم: