أيها السيدات والسادة:
نحن الآن فى قلب الحرب النفسية.
هذه هى أيام الجبناء والعملاء والخونة!
ربما تكون مصر هى الدولة الوحيدة عبر التاريخ التى يمكن أن تجدها فى صراع حقيقى مع هذا الكم من الخونة، من الخارج والداخل!
الذين قتلوا جنودنا هم أنفسهم الذين يقولون الآن «لماذا نرسل أبناءنا ليموتوا فى ليبيا»؟
والذين قالوا إن الجيش مكانه الحدود والثكنات هم أنفسهم الذين يسألون الآن «لماذا نحشد قواتنا على الحدود الليبية»؟!
والذين خططوا لإرسال جيشنا إلى سوريا هم أنفسهم الذين يتساءلون الآن عن «لماذا نحارب تركيا؟!
والذين بدأ بناء سد النهضة فى عهدهم، وبمباركتهم، هم أنفسهم الذين يقولون هذه الأيام: «هل نهتم بليبيا ونترك سد النهضة»؟!
على كل هؤلاء، وعلى كل من ردد نفس كلامهم بغباء أو ببلاهة، أن يطمئن، فأهل مصر وقادتها وجيشها يعرفون أنهم «فى رباط إلى يوم الدين»، يدركون تماما أن هذا هو قدرنا، نخرج من حرب، لندخل إلى تهديد، وننتقل من تهديد، إلى مؤامرة، ونواجه أزمات طاحنة متتالية، ونحمى أقدار أمة بكاملها، وندافع عن كل جار أو صديق يطلب العون، بشرف، فى زمن عز فيه الشرف.
سنظل هكذا ما بين حروب وتهديدات وصراعات ومؤامرات إلى الأبد، وسنبقى مرابطين، وسنخرج من كل هذا منصورين سالمين بإذن الله، والتاريخ القريب والبعيد يشهدان على ذلك.
سنظل مع قادتنا وجيشنا يدا بيد، وكتفا بكتف، نثق فيهم، ويعتمدون علينا، فلا نخشى حروبا، ولا تهزنا حروب نفسية، ولا استفزازات، ولا إحباطات، ولا تفلح معنا مؤامرات ولا خيانة.
من الآخر، إثيوبيا وليبيا وجهان لعملة واحدة، وقضيتان على نفس القدر من الأهمية بالنسبة لمصر، ولا أولوية لقضية على الأخرى، فالأولى قضية أمن مائى والثانية قضية أمن حدودى، والاثنتان قضيتا أمن قومى، وصراع بقاء، وحياة أو موت بالنسبة لمصر وشعبها.
لا يوجد فارق بين من يخطط فى قتل المصريين عطشا بـ«الريموت كونترول» من جهة الجنوب، وبين من يخطط لقتلهم بالسلاح من جهة دولة داعش «تحت الإنشاء» من جهة الغرب.
من يتوهمون أن علينا أن نخاف، وأن الحرب صعبة، عليهم أن يتذكروا أننا فى حرب فعلية منذ عام 2011، وسقط فيها بالفعل آلاف الشهداء من عسكريين ومدنيين، ومستعدون لتقديم المزيد، بدلا من أن نفرط فى حقوقنا.
على من يرددون عبارات من نوعية «لماذا ليبيا» أن يتواروا خجلا، و«ينقطونا بسكاتهم»، أو يلعبوا غيرها، لأن المواطن المصرى البسيط يعرف تماما أن التهديدين واحد، وهدفهما واحد، بل ولا أبالغ أيضا إذا قلت إن شبكة المتآمرين والمتواطئين فيهما واحدة.
ليس هذا فحسب، فمصر قادرة أيضا على مواجهة أى تهديدات أخرى، ومن مختلف الجهات، بدليل أنه فى عز اشتعال قضيتى ليبيا وسد النهضة، ناقش رئيس الوزراء مع نظيره اليمنى سبل حل النزاع اليمنى وتأمين باب المندب وحركة الملاحة فى البحر الأحمر، بينما كان وزير الخارجية فى الأردن، ثم فى رام الله، للتصدى لقرارات ضم أجزاء من أراضى الضفة الغربية إلى إسرائيل، ويحدث هذا كله فى ذات الوقت الذى تحارب فيه الدولة فى الداخل عصابات الفساد ومخالفات البناء ونهب أراضى الدولة، وتتصدى بنجاح كبير لكورونا والعشوائيات ومشكلات النقل والتعليم، وتتخذ قراراتها دون خوف من منتفعين أو مرتعشين أو خبراء وهميين أو «جروبات ماميز»!
ستخرج مصر فائزة معززة مكرمة من قضيتى سد النهضة وليبيا، أو من قضيتى ليبيا وسد النهضة، فلا أولوية لأحدهما على الآخر، وربما يحدث ذلك دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة، ربما لأن الردع Deterrence فى زمننا هذا أفضل من الحرب، أو بالأحرى، الردع الذى يقترب من حافة الحرب، أو ربما لأن فرص الحلول السلمية ما زالت هى الأقرب أو الأكثر احتمالا من الحلول العسكرية حتى الآن، أو ربما لأن خصوم مصر فى القضيتين «أجبن» من أن يخوضوا مواجهة مع مصر، دبلوماسيا، أو عسكريا.
شاهدنا بأنفسنا كيف «ارتعد» المسئولون الإثيوبيون لمجرد نشر تصريح غير دقيق، أو غير صحيح، منسوب لوزارة الرى عندهم يفيد ببدء ملء خزان السد من جانب واحد.
وشاهدنا أيضا كيف فضح خط مصر الأحمر فى ليبيا ضآلة حجم أردوغان وتميم والسراج ودول الجوار المتواطئة مع جريمة احتلال ونهب دولة بكاملها.
ستخرج مصر منصورة بإذن الله، ولن تقدر عليها حرب نفسية، ولن يقدر عليها قاتل، ولا لص، ولا مرتزق، ولا خائن، ولا جبان، ولا كذاب، وإن غدا لناظره لقريب.
لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل رابط دائم: