مع اقتراب دوران عجلة الانتخابات من جديد، تستعد وسائل الإعلام الأجنبية لاستغلال هذه الفرصة للطعن في أي خطوة تتخذها مصر في طريق الديمقراطية، مع استمرار تجاهل التعليق علي الممارسات الاستبدادية الصارخة التي يمارسها النظام التركي ضد المعارضين «السياسيين».
فقد ركزت وكالة «رويترز» للأنباء تحديدا حول ترديد مزاعم بشأن قانون انتخابات مجلس النواب، مدعية أن القانون سيساعد أنصار الرئيس عبد الفتاح السيسي في توسيع هيمنتهم علي المجلس القادم، ومتجاهلة استيفاء التعديلات شروط الدستور المنصوص عليها، وتوافقها مع المعايير القانونية، مع محافظتها في الوقت نفسه علي عدد الأعضاء الحالي نفسه، حيث سيتم انتخاب 50% بنظام «الفردي»، وذلك وفق حوار مع العديد من مسئولي الأحزاب والخبراء القانونيين والدستوريين، الأمر الذي يسهم في التنوع الحزبي في البرلمان القادم.
وجاء ترديد هذه المزاعم علي النقيض تماما من طريقة تعامل الوكالة نفسها مع ما يجري في تركيا من أحداث تستحق التغطية، والإدانة، حيث تجنبت مثلا تناول تظاهر برلمانيين أتراك من حزب «الشعوب الديمقراطي» ورؤساء نقابات المحامين من مختلف المناطق التركية، للتنديد بانتهاكات نظام الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم هناك ضد مشروع قانون النقابات في بلادهم، بالإضافة إلي تجاهل قيام السلطات التركية بشن حملة اعتقالات استهدفت اثنين من أعضاء البرلمان، علما بأن مشروع القانون الذي يحتج عليه المحامون يسمح بتشكيل أكثر من نقابة في المحافظات التركية، بعد أن فشل أنصار أردوغان وحزبه الحاكم في الفوز بانتخابات النقابات التي تسيطر عليها المعارضة. ففي تقرير بثته بتاريخ 17 يونيو 2020، قالت «رويترز» تحت عنوان «مصر توافق علي تغييرات انتخابية قد تعزز موقف أنصار الرئيس السيسي» إن التعديلات، وفقا لمنتقدين، ستساعد أنصار السيسي علي توسيع هيمنتهم علي المجلس في الانتخابات القادمة، مشيرة إلي أن التعديلات تعني أنه سيتم اختيار 50% ممن يتم انتخابهم في مجلس النواب المكون من 596 عضوا من خلال القوائم الحزبية المغلقة، مقارنة بالنسبة السابقة التي كانت تبلغ 20%، مع انتخاب الباقين كمرشحين أفراد.
واهتمت الوكالة في تقريرها بنقل آراء معارضي التعديلات، وهذا حقها، وحقهم، غير أنه من غير المفهوم الاعتراض علي تصويت علي تعديلات بأغلبية أكثر من ثلثي أعضاء المجلس، أو الاعتراض أن يكون أنصار الرئيس هم المهيمنين علي أغلبية أعضاء المجلس الحالي أو القادم. ويختلف هذا التناول تماما مع طريقة تناول خبر سجن أشهر سياسي تركي منذ عام 2016، حيث بثت الوكالة تقريرا بتاريخ 19 يونيو 2020 تحت عنوان «محكمة تركية تحكم بأن سجن زعيم كردي ينتهك حقوقه»، حول الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية في تركيا بأن السجن المطول لزعيم سابق للحزب الرئيسي المؤيد للأكراد في تركيا ينتهك حقوقه، وفقا لحكم تم نشره.
وأشارت الوكالة إلي أن صلاح الدين ديمرطاش، أحد أشهر الساسة في تركيا، مسجون منذ نوفمبر 2016 في اتهامات تتعلق بالإرهاب، ويواجه حكما بالسجن يصل إلي 142 عاما إذا أدين في القضية الرئيسية ضده، حيث أشار حكم المحكمة الدستورية إلي أن حبسه تجاوز أي فترة مقبولة ومعقولة وتم انتهاك حقه، بل وأمرت بدفع تعويض له.
ولم تذكر الوكالة في تقريرها أي أحكام من جانبها علي هذا الانتهاك الرهيب لحقوق إنسان «سياسي»، وليس إرهابيا، بنفس الطريقة المتشككة التي تعاملت بها مع تعديلات قانون مجلس النواب في مصر، وظهر خلالها كأن الوكالة تلقي محاضرة في الديمقراطية!
هي محاولة مبكرة لنفي صفة الديمقراطية عن أي استحقاق انتخابي قادم في مصر، يزيد من عزلة تنظيم الإخوان الإرهابي، ويدعم الدولة المصرية ومؤسساتها ويؤكد ثبات وقوة الإرادة الشعبية التي اتخذت قرارها في 30 يونيو 2013، ومحاولة مستمرة أيضا وظاهرة جدا، لإضفاء المشروعية علي انتهاكات فاضحة يمارسها النظام التركي في المقابل ضد سياسيين ومعارضين.
ولنتوقع مزيدا من التقارير السلبية في الإعلام الأجنبي عن استحقاق انتخاب مجلس الشيوخ الجديد في مصر هذا العام، تحقيقا لهذا الهدف.
رابط دائم: