كورونا «محنة»، والعالم كله يأمل أن تتحول إلى «فرصة» لتصحيح أوضاع، ومفاهيم، وعلاقات دولية، وأشياء أخري، ولكنها فى صفوف كتيبة الإعلام الأجنبى المترصدة للدولة المصرية، فرصة لتوجيه مزيد من الطعنات للجسد المصرى القوي.
وبحجة «الجائحة»، صعدت وسائل الإعلام الناطقة باسم جماعات الإخوان والفوضى والتثور من هجماتها على الدولة المصرية، للضغط عليها لصالح عناصر هذه الجماعات، والتى نبذها المصريون منذ سنوات طويلة، وتتم معاقبتها وفقا لما يقتضيه القانون.
وعمد الإعلام الأجنبى فى هذا النهج الانتهازى إلى اللعب على وتر الاستمالات العاطفية، لاستدرار العطف والشفقة لصالح هذه العناصر، والمطالبة بالإفراج عن محبوسين بحجة حمايتهم من الفيروس، وكأن هذه العناصر على رأسها «ريشة»، مقارنة بملايين المصريين الآخرين الذين يعانون هم أيضا مخاطر الفيروس وتداعيات الحظر والغلق.
ظهر ذلك من خلال أربعة تقارير مختلفة بثتها وكالة «أسوشييتدبرس» للأنباء على مدار أقل من أسبوع، فقد بثت بتاريخ 22 مايو 2020 خبرا بعنوان «منظمة حقوقية: مصر تقبض على 10 صحفيين منذ تفشى فيروس كورونا»، تناولت فيه إعلان منظمة حقوقية محلية عن أن الحكومة المصرية ألقت القبض على ما لا يقل عن عشرة صحفيين منذ الكشف عن فيروس كورونا فى البلاد.
وأشار الخبر إلى أن المنظمة نفسها اتهمت السلطات الرسمية باستغلال الجائحة للتعجيل بحملة يتم شنها منذ فترة طويلة ضد «المعارضة».
وأضافت الوكالة أن «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» أعلنت أيضا أن موجة الاعتقالات تأتى فيما تفرج الحكومات فى كل دول العالم عن نزلاء السجون، فى مسعى محموم من أجل الحد من انتشار الفيروس فى مراكز الاحتجاز، حيث يستحيل تطبيق احتياطات التباعد الاجتماعى والإجراءات الوقائية الأخري.
وأشارت الوكالة، إلى أن الحكومة لم تفرج عن المعتقلين السياسيين، لمنع تفشى الفيروس، وبدلا من ذلك، منعت الزيارات العائلية فى السجون كإجراء احترازي.
وأعلنت الشبكة أيضا تدهور الأوضاع الصحية فى السجون المصرية، وعدم تلقى النزلاء الرعاية الصحية الضرورية، لافتة إلى نموذج شادى حبش المخرج السينمائى الشاب الذى تم اعتقاله لمدة عامين دون محاكمة ثم توفى لاحقا بصورة مفاجئة.
وتابعت الوكالة أن الشبكة استعرضت عشر حالات لصحفيين تم اعتقالهم أخيرا فى إطار «الإجراءات المتشددة الشاملة التى يفرضها الرئيس عبد الفتاح السيسى ضد الصحافة فى مصر»، بحسب تعبير الوكالة.
كما بثت الوكالة نفسها تقريرا بتاريخ 21 مايو بعنوان «إيران تعلن إصابة أكثر من 10 آلاف من الفرق الطبية بفيروس كورونا وسط تصاعد المخاوف فى الشرق الأوسط» تحدثت فى سطوره عن أن مصر «تطرد» أو «تسجن» هؤلاء الذين يشككون علانية فى العدد الرسمى لحالات الإصابة بفيروس كورونا، رغم اعتراف وزير التعليم العالى الدكتور خالد عبد الغفار فى مؤتمر حضره الرئيس السيسى بأن حجم تفشى الفيروس فى مصر أكبر بكثير مما هو معلن.
أما التقرير الثالث، فكان للوكالة الأمريكية نفسها، وكان بتاريخ 18 مايو، بعنوان «مصر تستخدم الفيروس لتشديد حبس المئات»، حول إعلان منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن أن السلطات الأمنية فى مصرتستخدم الجائحة فى تجديد الحبس الاحتياطى لمئات الأفراد منذ مارس الماضي، مشيرة إلى أن المئات وربما الآلاف محتجزون فى مصر دون ذريعة، واصفة ذلك بأنه «تكتيك حكومي»، كما نقلت عن جو ستورك نائب مدير المنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن فيروس «كوفيد 19 » أزال آخر ورقة توت تغطى نظام الحبس الاحتياطى الظالم بشدة فى مصر.
والتقرير الرابع بث يوم 17 مايو، بعنوان «وسيلة إعلام مصرية مستقلة تعلن القبض على رئيسة تحريرها»، حول ما وصفته بـ«أحدث عملية اعتقال ضد المعارضة ووسائل الإعلام فى مصر»، مشيرة إلى الموقع أنه «مستقل»، موضحا أنه تم اعتقال رئيسة تحريره خارج مجمع سجون طرة فى أثناء إجرائها مقابلة مع والدة ناشط مسجون، وتم اتهامها بتصوير منشأة عسكرية بدون تصريح، غير أنه تم تغريمها فى النهاية ألفى جنيه، وتم الإفراج عنها، وعلقت الوكالة على الخبر بقولها إن حكومة الرئيس السيسى «تزعج» هذا الموقع باستمرار والعاملين به من حين لآخر! طبعا، لن نتحدث عن ضعف المصادر مثل «شبكة حقوق الإنسان»، ولا عن المعلومات المغلوطة، مثل عدد المحبوسين، ولا العبارات الاستفزازية غير المتزنة مثل «ورقة التوت» و«التكتيك»، و«الجلاد»، كما لن نتحدث عن اجتزاء التصريحات، مثل تصريح وزير البحث العلمى الذى كان يقصد منه بوضوح أن المسئولين فى كل أنحاء العالم أيضا لا يستطيعون على وجه الدقة معرفة عدد الافراد المصابين بكورونا فى بلادهم.
ولكن كل ما يمكننا رصده هنا هو سقطة عدم وجود أى ذكر أو إشارة، أو أى تصريح من جانب جهة رسمية، أو مسئول حكومي، أو حتى أى مصدر آخر، للتعليق على هذه الأنباء والمعلومات والاتهامات، التى وصلت إلى حد «الشتائم»، وكأن الوكالة ارتضت لنفسها أن تكون مصدرا للتقارير «الملاكي» التى تعبر عن طرف واحد فقط، ويا ليته تمتع بأى مصداقية!
رابط دائم: