رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ليبيا.. اللعب مع «اللصوص»

«إعلان القاهرة» سيكشفهم جميعا.

لن يلتزم بوقف إطلاق النار سوى الموقعين عليه.

ولن يؤيده ويدعمه سوى من أعلن ذلك على الملأ، حتى وإن كانت النيات مختلفة!

أما الأطراف الأخرى، فلا تنتظروا منهم التزاما، ولا تجاوبا، فلم يكن الاتفاق دعوة لهم للتفاوض والحوار، بقدر ما كان «ضربة معلم» لكشفهم وفضحهم أمام العالم.

نتحدث عن أطراف «مجرمة»، ومجموعات من الخونة، وهذا هو أقل ما يقال عنهم، وهؤلاء، ليس منتظرا منهم أن يستجيبوا لشيء، أو أن يلتزموا بشيء، لأن لديهم خطة كبرى يريدون تنفيذها، ومن تآمر تآمر، ومن خطط خطط، ومن «قبض» قبض.

فأولا، حكومة الوفاق لا شرعية لها، إلا فى الإعلام العالمى الذى تموله الدوحة، ولا أهلية لها أيضا، بعد أن باعت وطنها بأراضيه بثرواته بكرامته بثمن بخس، بل بالمجان.

وثانيا، أردوغان لا رادع له، وليس له كبير، ويسير على نهج إسرائيل فى سياسة فرض الأمر الواقع، فيسرق ويبلطج ويعتدى لتحقيق أحلامه الواهمة، ويسعى جاهدا لتغيير ديموجرافية ليبيا وخريطتها بهدف نهب ثرواتها بعد أن تصبح جزءا من إمبراطوريته المزعومة.

وثالثا، الميليشيات، قتلة ومرتزقة، أفضل بنى آدم فيهم ثمنه 1500 دولار شهريا، مهنته القتل مقابل المال، وهدفه رفع راية داعش، ولا يشغله سوى حشد المتخلفين عقليا من أمثاله من دول المنطقة وخارجها ومن «بوكو حرام» لإقامة دولة داعش المزعومة برعاية اسطنبول، تعشما فى يوم يزحفون فيه على مصر بمعاونة خونة إخوان الداخل فى غزوة على غرار ما فعله طلاب الشريعة فى باكستان عندما شكلوا طالبان واحتلوا أفغانستان فى يوم وليلة، أو هكذا يحلمون، لأنهم يجهلون ما هى مصر، وما هو شعبها، وما هو جيشها.

أما قطر، رابعا، فهى كفيل الدم الذى يمول كل ما سبق ويرعى المنصات الإعلامية والحقوقية فى أمريكا وأوروبا والمنطقة للدفاع عن هذا الهراء وتجميله، فتروج لـ«الوفاق» على أنها حكومة معترف بها، وتسمى السراج رئيس حكومة شرعية، وحفتر زعيم حرب، والإرهابيين ثوارا، وخيانتهم نضالا، واستيلاءهم على مدينة ليبية تحريرا، وسيطرة الجيش الوطنى أخرى احتلالا!

هذه هى الأطراف التى تعيث فى ليبيا فسادا.

هذه هى الأطراف التى أيدها تنظيم داعش الإرهابى فى بيان صدر قبل إعلان القاهرة بأيام، وخجلت وسائل إعلام عربية وعالمية كبرى من بثه ونشره.

هذه هى القوى التى صدر إعلان القاهرة من أجل تعريتها أمام المجتمع الدولي، وأمام كل من غض الطرف لشهور طويلة عن حركة العتاد والسفن والطائرات التركية فى المتوسط، وهى تنقل 10 آلاف داعشى على الأقل إلى سواحل ليبيا، ولم يحرك ساكنا، اللهم سوى بعض الجهد المتواضع جدا الذى بذلته قوة «إيريني» الشرطية الأوروبية لمراقبة حظر السلاح لليبيا.

والذى لم يلاحظه كثيرون فى إعلان القاهرة الذى حمل عنوان «مبادرة ليبية ليبية»، ولم يحمل اسم مصر، تأكيدا على أن المبادرة ليبية خالصة، والموقعان عليها هما قائد الجيش الوطنى الليبى الذى سيطر على ثلثى ليبيا، ورئيس البرلمان الليبى الشرعى بالمناسبة أيضا والذى لا يتغزل فى شرعيته أحد كما يفعلون فى شرعية الوفاق المنتهية صلاحيتها.

إعلان القاهرة لم ينص على احتلال، ولا خيانة، ولا ميليشيات، ولا قوى خارجية، ولا نهب ثروات، ولكن كل ما تحدث عنه هو تأكيد وحدة وسلامة الأراضى الليبية، ووقف إطلاق النار ابتداء من صباح الاثنين الماضي، والارتكاز على مخرجات برلين.

وأهم ما طالب به إعلان القاهرة، وكان له صدى دولى واسع وإيجابي، هو تأكيد ضرورة تحمل أطراف الأزمة الليبية والمجتمع الدولى مسئولياته فى وقف تدفق المقاتلين الأجانب على ليبيا، ووقف التدخلات الأجنبية فى الشأن الليبي، والأهم من ذلك الاعتراف وتأكيد مشروعية الجيش الوطنى الليبى كمؤسسة عسكرية موحدة، لا يحمل السلاح فى ليبيا غيرها.

وفى الوقت نفسه، تناول الإعلان خطوات المسار السياسى بتفصيل شديد، بداية من تشكيل مجلس رئاسى يمثل أقاليم ليبيا الثلاثة، طرابلس وبرقة وفزان، ونهاية بتقسيم وزارات الحكومة وفقا لعدد سكان كل إقليم، وإعادة تنظيم مؤسسات الدولة الليبية، وفى هذا كله محاولة صريحة لقطع الطريق على أى محاولات لتحويل ليبيا إلى شبه دولة، ونهب ثرواتها النفطية تحديدا.

قد يجلس اللصوص سويا لتوزيع أدوار جريمتهم، أو لتقاسم الغنائم، ولكنهم لن يجلسوا أبدا للاتفاق على منع جريمتهم.

وما فعله إعلان القاهرة بوضوح وبذكاء أمام سفراء دول العالم، هو أنه فضح أفراد العصابة عمليا، بمبدأ «ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد»، قبل أن تأتى خطوة الحساب والعقاب.


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: