عقدت الجامعة الأمريكية بالقاهرة ثانى حلقة نقاش للإعلاميين عبر الإنترنت تحت عنوان: »النظام العالمي: ماذا تغير بعد جائحة كورونا؟« تحدث فيها الدكتور إبراهيم عوض أستاذ السياسات العامة ومدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والدكتور بهجت قرنى أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، ومؤسس ومدير منتدى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، تناول النقاش التغيير المحتمل على النظام العالمى بعد جائحة كورونا، والتأثير الجيوسياسى للوباء إقليميا ودوليا، كما تطرق إلى الوضع الراهن والتغيير الملحوظ فى شكل وطبيعة العلاقات بين الدول.
بدأ اللقاء بالتأكيد أن العالم شهد تغيرات كثيرة فى الشهور القليلة الماضية على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وأثير فى الفترة الأخيرة الحديث حول بناء نظام عالمى جديد بعد جائحة كورونا.
وفى حديثه، يؤكد قرنى أنه لا يمكن إيقاف العولمة، وقال: »توجد تساؤلات عن ضرر الاعتماد المتبادل المطلق وعدم قدرة بعض الدول على الحصول على بعض المواد، وبالأخص فى النواحى الطبية، والنقطة الثانية والتى يتفق عليها الجميع هى عودة مفهوم الدولة الوطنية وبقوة، وذلك لأن الدولة أثبتت وجودها بقرارات محورية من غلق وفتح الحدود، والعزل الاجتماعى والحجر الصحي، واستخدام التكنولوجيا فى السيطرة على المجتمع والأفراد، الحديث الآن عالميا هو عن وجود حالة طارئة، وأننا بحاجة إلى وجود الدولة بهذه القوة، وأرى أن حالة الدولة الوطنية المسيطرة ستمتد إلى ما بعد الحالة الطارئة«.
ويرى عوض أن الوقت لا يزال مبكرا للغاية للتنبؤ بالنظام الدولى الجديد، فالبعض يقول إننا سنشهد تراجعا للعولمة وتعزيزا للدولة الوطنية وعودة لمفهوم السيادة القديم والبالي، والبعض الآخر يرى أنه لا بديل عن التعاون الدولى فى مواجهة وباء عالمي، ولكن لا رجعة شاملة فى العولمة، ولكن يمكن إعادة النظر فى شكل العولمة، وحوكمة العولمة.
وعن شكل الصراعات عالميا وفى المنطقة، يرى قرنى أن الصراعات لن تتوقف، قائلا: »سيستمر الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، وتستمر المشاكل سواء فى اليمن أو سوريا، وستستمر الحرب الباردة بين الصين وأمريكا، بل بالعكس رأينا كيف حاول الرئيس الأمريكى ترامب توظيف ذلك الخلاف بين الدولتين فى أزمة كورونا والذى بدأ منذ فرضه لقيود كبيرة على الواردات من الصين».
ويضيف قرني: »الخلاف حاليا بين الصين وأمريكا هو خلاف اقتصادي، والصراع هنا يدور حول من سيقود العالم، ففى القرن التاسع عشر كانت السيطرة لأوروبا، وفى القرن العشرين، كانت السيطرة أمريكية، وسيتغير ذلك لتصبح السيطرة آسيوية فى القرن الحادى والعشرين».
وفى حديثه يقول عوض إن الولايات المتحدة غير قادرة وغير راغبة فى قيادة الوضع الدولى وتحمل تكاليف تلك القيادة، وفى نفس الوقت، الصين لا تستطيع قيادة العالم. ويضيف: »نحن الآن فى وضع جديد تماما، حيث لا توجد قوة مهيمنة شاملة، ولكن توجد منافسة ذات طابع اقتصادى وليست ذات طابع عسكرى مثلما كان الوضع مع الاتحاد السوفييتي، والكثير يقول إن أوروبا غير مهتمة بالدخول فى حرب باردة مع الصين، فالدول الأوروبية لن تنساق بسهولة للصراعات، ليس حبا فى الصين، ولكن لأن لديها مصالح«.
أما عن وضع اللاجئين، فيقول عوض: »يوجد رفض لاستقبال اللاجئين فى الدول الأوروبية، ولابد أن يؤخذ فى الاعتبار أن الوباء لا يميز بين مواطنين ومهاجرين، لذا لابد من التشاور بين الدول والمنظمات الدولية والمانحين لمناقشة حقوقهم، نحن نحارب وباء هاجم البشر جميعا وليس مواطنين بعينهم، ولذلك لابد من التضامن بين البشر، ونجد أن هناك نقصا فى عدد الأطباء فى الدول المتقدمة، وكثير من اللاجئين والمهاجرين ممن لم تكن تمنح لهم فرص عمل، منحت لهم تلك الفرص الآن فى القطاع الصحي، وهذا يوضح الفرص الهائلة التى من الممكن أن تضيعها تلك الدول من جراء عدم استقبال اللاجئين».
وعن تأثير انخفاض أسعار النفط وتأثير جائحة كورونا على دول العالم، يقول قرني: «تعتمد التداعيات على الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل دولة، وهنا يتحدث البعض عن نهاية عصر النفط، وذلك بعد تراجع أسعار النفط والتسبب فى خسارة إيرادات وصادرات نفطية لدول الخليج، وبما أن معظم دول الخليج تعتمد على 70% أو80% من صادراتها على النفط، فإن أى انخفاض فى السعر أو الكمية يؤثر عليها، وقد انعكس ذلك على تغيير وكالة موديز للنظرة المستقبلية للديون السعودية للسالب بسبب انخفاض سعر النفط، كما وصل عجز ميزانيتها إلى 19%».
ويضيف قرنى أن 12% من الدخل القومى المصرى اعتمد على العائدات من الخليج كما تعتمد دول مثل الأردن ولبنان أيضا، وبعد تخفيض بعض دول الخليج لمرتبات العاملين، من المتوقع أيضا زيادة نسب البطالة وعودة الكثير من العاملين لبلادهم.
رابط دائم: