رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«أغلى» شهرين فى تاريخ مصر!

إنسوا الحظر، وانسوا الغلق!

فى مصر بالذات، لا الحظر نافع، ولا الغلق شافع!

لا داعى لأن نخدع أنفسنا، فلا أحد يلتزم بإجراءات السلامة، ولا الوقاية، ولا التباعد الاجتماعي، ولا حتى حظر التجول يؤتى ثماره، ولن نلتزم أكثر من ذلك.

ضحكنا كثيرا، و«هزرنا» كثيرا، ولكن الآن، حان وقت الكلام «الجد»، الذى قد لا يعجب كثيرين، فما فات شيء، وما هو قادم شيء آخر تماما، ومن يتحدثون من خلف شاشات الكمبيوتر عن الحظر الشامل والغلق الكامل لا يشعرون بشيء، ولا يعيشون معنا فى الدنيا.

المفزوعون من تزايد أرقام المصابين بكورونا يوما بعد آخر، لا يدركون أن الغلق ليسا حلا، ولن يقلل أعداد المصابين والمتوفين، لا الآن، ولا غدا، بدليل أن كل دول العالم التى طبقت إجراءات الحظر والإغلاق لم تأت بنتائج، فلم تتغير أعداد المصابين والضحايا قبل الإغلاق وبعده، إلى أن وصل الجميع إلى نتيجة واحدة، وهى ضرورة إعادة الحياة ودوران عجلة الاقتصاد «الآن» وليس غدا، قبل أن يصبح ضحايا الجوع والفقر والبطالة والركود أضعاف ضحايا كورونا.

«الشاطر» الآن هو من يستطيع تحويل الأزمة إلى فرصة، ويتحمل مراحلها، و«الخائب» وحده هو الذى يستسلم لصرخات الخائفين.

البعض يملك رصيدا فى البنك، ويتقاضى راتبا آخر كل شهر، ويشترى أغراضه «بالتليفون» من السوبر ماركت، ويجلس مستريحا أمام شاشات التليفزيون والكمبيوتر والمحمول وهو يقزقز «اللب» ويلح و«يزن» على حكومته لكى تغلق أكثر وتحظر أكثر، ويطلق رسائل التخويف من كورونا، ولكنه لا يعرف أن هذا الغلق وهذا الحظر سيمنع عنه السلع والغذاء والخدمات إذا بقى الحال على ما هو عليه، وأن من فقد قوت يومه بسبب هذا الغلق قد يتحول قريبا إلى لص وبلطجى وقاطع طريق.

فى جميع دول العالم، حسموا الأمر سريعا: «العودة للحياة، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة للوقاية من كورونا»، وفى الدول المتقدمة، وصل الأمر لدرجة أن المتضررين من الإغلاق نظموا مظاهرات للمطالبة بإعادة فتح الاقتصاد، بل إنهم يتحدثون الآن فى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا عن استئناف الدوري، رغم أنها أكثر دول أوروبا المنكوبة!

ألا يعرف دعاة الغلق عندنا أن الشهرين الماضيين كانا «أغلى» شهرين فى تاريخ مصر؟

ألم يسمعوا أن شهرا واحدا فقط من «الغلق» تكلف خمسة مليارات من الدولارات تم سحبها من احتياطى النقد الأجنبي؟ وأن خسائر الغلق تتعدى مائة مليار جنيه، فقط حتى الآن؟

ألا يدركون أن مصر كدولة ومجتمع وشعب، غير قابلة للغلق، عمليا؟

هل سأل هؤلاء أنفسهم يوما: كم تكلفت الإجراءات الاحترازية الاضطرارية التى اتخذتها الدولة المصرية لكى تشعر «سيادتك» أنك مرتاح ومبسوط وتجد قوت يومك؟ ألا يدرك هؤلاء أن مصادر الدخل القومى الرئيسية لمصر تضررت، أو ستتضرر، بداية من تحويلات المصريين فى الخارج، ونهاية بعائدات السياحة؟ ألا يدرك هؤلاء أن صناعة السياحة وحركة الطيران يمكن ألا تعود إلا بعد سنوات؟ ألا يدركون أن الفترة المقبلة ستشهد سياسات حمائية تصديرية خانقة تمتنع فيها دول كثيرة عن تصدير سلع استراتيجية رئيسية للدول الأخرى؟ هل يظن هؤلاء أن الدولة المصرية «طرزان»، وتستطيع محاربة الإرهاب فى سيناء وليبيا، وتواجه مشكلة مياه النيل جنوبا، والبلطجة التركية فى المتوسط، والمؤامرات القادمة من قطر، وتتحمل فاتورة كورونا الباهظة، فتدفع مرتبات لموظفين لا يعملون، وتعويضات هنا وهناك، وتدعم قطاعا طبيا متهالكا، وبعد ذلك تجد من يرفض تحمل أى أعباء معها، ويعترض على أى قرار اقتصادى «مؤلم»، ويطالبها بالمهلبية والبقلاوة و«البغاشة»، وكأنه يعيش فى الدنمارك؟

نعم كورونا خطر، والأعداد فى ازدياد، والضحايا يتساقطون، ولكن استمرار الغلق لن يجدي، وسيضرب خطر كورونا فى 001، وقد رأينا كيف زادت إجراءات الغلق وساعات الحظر وخفض العمالة من التزاحم والطوابير فى المواصلات وأمام البنوك ومكاتب البريد!

ولأن الحياة عائدة لا محالة، وهذا اختيار الإنسان فى كل أنحاء العالم، فعلى المواطن أن يكف عن أوهام الغلق، وأيضا دعاوى «الفتح» بغير حساب، وعليه أن يتحمل مسئولياته، إما بالبقاء فى المنزل قدر الإمكان، أو بارتداء الكمامات فى أماكن الزحام والتجمعات، واحترام الاختراع المسمى بـ«الطابور المتباعد»، وعلى الدولة أيضا أن تدرك أن مسئوليتها لا تتوقف عند دوران عجلة الإنتاج، ووضع خطط ونماذج للعودة، فعليها إظهار جدية أكبر فى توفير الكمامات، وتوسيع نطاق المعاملات الإلكترونية، وبخاصة فى المرور والشهر العقاري، التى لا تصلح فى زمن الكورونا، ولا فى أى زمن!


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: