عمرو موسى: الأوبئة تهدد السلم والأمن الدوليين .. ويجب تعديل ميثاق الأمم المتحدة
مشيرة خطاب: كورونا وباء عالمى لن نقضى عليه إلا بتعاون دولى منزه عن السياسة
هدى بدران: العنف الأسرى جزء من مناخ عام يتسم بالعنف والتمييز
هويدا مصطفى: دور مهم للدراما فى تغيير الموروثات السلبية
معز دريد: على الرجل تحمل حصة عادلة من أعباء المنزل
بالتعاون مع جريدة «الأهرام»، وبمشاركة نخبة من أبرز الشخصيات السياسية والدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية وخبراء المجتمع المدني، نظمت مؤسسة «كيميت بطرس غالى لأبحاث السلام والمعرفة» ندوة مائدة مستديرة رقمية عبر «الفيديو كونفرانس» تحت عنوان «تداعيات فيروس كورونا المستجد على السلام الأسري»، شملت مداخلات ومشاركات من المشاركين من القاهرة ونيويورك وجنيف، حول التأثيرات الإيجابية والسلبية لفيروس كورونا والإجراءات الاحترازية التى صاحبته فى مصر والعالم، وتحديدا داخل الأسرة، والدور الذى يجب أن تقوم به كل من الحكومة والأسرة والإعلام والمجتمع المدنى لتلافى الآثار السلبية لفترات الحظر والإغلاق، والمشكلات الاقتصادية الناجمة عن ذلك.

> المشاركون فى الندوة عبر الفيديوكونفرانس
افتتحت السفيرة مشيرة خطاب الرئيس التنفيذى لمؤسسة «كيميت» الحوار بالوقوف دقيقة حدادا على روح الدكتورة عزة العشماوى الأمينة العامة للمجلس القومى للطفولة والأمومة التى كان من المقرر أن تكون أحد المتحدثين فى الندوة، كما عبرت عن اعتزازها بترتيب المائدة المستديرة بالتعاون مع «الأهرام» العريقة، التى وصفتها بأنها تعتبر Think Tank وليست مجرد مؤسسة صحفية، بينما وصف ممدوح عباس رئيس مجلس أمناء «كيميت» «الأهرام» بـ«الصرح العظيم» التى يحرص على متابعتها وقراءة كل ما فيها بشغف، كما أشار إلى أن هذه الجائحة التى نواجهها لن يخرج منها أحد منتصرا على الإطلاق، وستظل آثارها لعقود بعد أن تنتهي، وأشاد بدور الدولة المصرية فى مواجهة الأزمة، وأبدى إعجابه الخاص بتجربة ألمانيا فى محاصرة الفيروس، ووجه كلمة عتاب إلى بعض المصريين الذين تصوروا أنهم دخلوا فى إجازة مفتوحة، مشيرا إلى أننا نجد بعض القطاعات لا تريد أن تعمل، وأن 35% من القوى العاملة من السيدات لا يعملن، واصفا ذلك بأنه «لا يليق بهذه القوة الرئيسية فى المجتمع المصري».
وفى كلمتها، أشارت مشيرة خطاب إلى أن أزمة كورونا لها تداعيات عالمية غير مسبوقة، ففى ضوء الغموض المحيط بالمرض، اضطرت دول العالم لتطبيق سياسات احترازية غير مسبوقة وصلت إلى حد تطبيق 90 دولة سياسة الإغلاق والتباعد الاجتماعى لمنع تفشى الوباء، ليصبح 4 مليارات من سكان هذا الكوكب محاصرين فى بيوتهم، وهو وضع غير مألوف له تداعيات خطيرة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وماليا وصحيا ونفسيا، وآثاره على الأسرة محل قلق شديد.
وأشارت مشيرة خطاب إلى أنه من السابق لأوانه تقديم بيانات شاملة، إلا أن العالم شهد تدفق التقارير من جهات ودول متعددة، تعبر عن القلق العميق، كما اعتبر أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة أن العنف لا يقتصر على ساحة المعركة، «فبالنسبة لكثير من النساء والفتيات، فإن أكثر مكان يخيم فيه خطر العنف هو المكان الذى يفترض به أن يكون واحة الأمان لهم، وهو المنزل»، ونادى بالتصدى لهذه «الطفرة العالمية المرعبة» التى وصفتها المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة بأنها «عاصفة مثالية the perfect storm « للسيطرة على السلوك العنيف وراء الأبواب المغلقة، والذى تجلت صورته من خلال زيادة المكالمات واستغاثات النجدة وطلبات المساعدة والدعم عبر الإنترنت، إضافة إلى التقارير التى نشرتها أجهزة الشرطة فى عدد من الدول.
وتعليقا على ما قاله ممدوح عباس بشأن سلوكيات البعض، أشارت مشيرة خطاب إلى أن لدينا قصة نجاح رائعة بمنطقة المعادى من حيث التعاون بين سكان الحى والشرطة ورئاسة حى المعادى فى المساعدة على ضمان تطبيق الحظر والتحكم فى أنشطة الشباب، وأضافت أن هذه الجائحة أثبتت قوة الدولة المصرية والإجراءات الاحترازية التى تم اتخاذها، رغم أن الخطر كبيرًا ويتطلب التزاما كاملا من المواطنين، خاصة فى ضوء إعلان منظمة الصحة العالمية أن مصر لم تصل للذروة بعد.
ومن نيويورك، تحدث الدكتور معز دريد المدير الإقليمى بالنيابة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة بالدول العربية عن أنه فى غضون الأسابيع الماضية، ظهرت إحصاءات تعكس حجم مشكلة تأثير كورونا على السلام الأسرى فى بعض الدول المتقدمة، ففى فرنسا وأستراليا لوحظ ارتفاع عدد الشكاوى إلى الخطوط الساخنة والجهات المسئولة من العنف داخل المنزل 30 إلى 40%، وهذا ما تم رصده أيضا فى الأرجنتين وإسبانيا وقبرص، وفى دولنا العربية ليست هناك إحصاءات مستفيضة، ولكن هناك العديد من المؤشرات التى تعكس تضاعف الطلب والحاجة إلى مثل تلك الخدمات الحمائية، والبيانات التى تم جمعها قبل تفشى جائحة «كوفيد ـ 19» تشير إلى أن واحدة على الأقل من كل ثلاث نساء فى المنطقة تتعرض للعنف على يد زوجها، ومن المرجح أن يزداد هذا الرقم فى خضم الظروف الحالية، حيث إنه تم الإبلاغ بالفعل عن تزايد عدد المكالمات الواردة إلى الخط الساخن للمساعدة الحكومية فى تونس بمقدار خمسة أضعاف بعد تنفيذ القيود المفروضة على التنقل وتدابير الحجر، وفى لبنان زادت الحالات المبلغ عنها بنسبة 60% فى مارس، مقارنة بالأشهر السابقة.
أما فى مصر، والكلام لدريد، فيقدر أن واحدة من كل أربع نساء كانت تعانى بالفعل من العنف المنزلى قبل هذه الجائحة، ويتوقع أن يزداد هذا العدد بالنظر إلى البيانات الواردة من المسح والتى تشير إلى أن أكثر من 70% من النساء والرجال فى مصر يعتقدون بأن الزوجات يجب عليهن تحمل العنف للحفاظ على بقاء الأسرة معًا، وهذا كله فى إطار أن المتوسط فى الدول العربية يقدر أن 37% من النساء والفتيات يتعرضن إما للتحرش الجنسى أو العنف فى المنزل خلال حياتهن.
ومن بين التوصيات التى اقترحها دريد ضرورة أن يكون للرجل دور مهم فيما يتعلق بتحمل حصة عادلة من عبء الرعاية فى المنزل.
ويقول دريد: «سيغير فيروس كورونا حياتنا إلى الأبد، فهو يتحدى قيمنا وقدرتنا على الصمود وإنسانيتنا المشتركة، ويجب ألا نتوقف عند دحر الجائحة فحسب، بل أن نغير من أنفسنا وأن نضمن وجود النساء كقوة دافعة فى جوهر تدابير الانتعاش».
ثم تحدثت السفيرة نائلة جبر بوصفها خبيرة بلجنة الأمم المتحدة للقضاء على قضايا التمييز ضد المرأة، فذكرت أن اللجنة مهتمة بقضية العنف المنزلى فى إطار هذه الجائحة، وقالت إن اللجنة تعد حاليا وثيقة ستصدر قريبا تتضمن خطوطا إرشادية لجميع الدول عن كيفية التصرف لمواجهة هذه الأزمة، وطالبت بإيلاء أولوية للمرأة الريفية بوصفها تشكل النسبة الأكبر من النساء فى مصر، كما أنها تكون عرضة للعديد من صور الاستغلال؛ لأنها إذا كانت تعمل فى عمل غير رسمي، مثل بائعة أو عمل غير حكومى بدون وظيفة رسمية، فإنها بذلك تكون معرضة إلى مشكلة اقتصادية، مما يؤدى الى استغلالها.
وأشارت إلى الخطوط الساخنة التى يعمل بها المجلس القومى للطفولة والأمومة على مدى الأسبوع، وقالت إن اللجنة التنسيقية لمكافحة الهجرة غير المشروعة بصدد إنشاء الخط الساخن للمجلس القومى لحقوق الإنسان، لأنه أمر فى غاية الأهمية يسمح للمرأة فى أى مكان أن تقدم شكوي.
ومن جنيف، تحدثت الدكتورة أمل الدوسرى الخبيرة بلجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، فقالت إن اللجنة توجهت بدعوة إلى جميع الدول لمراعاة الأطفال، خاصة فى وقت تفشى فيروس كورونا، فى وثيقة صادرة عن اللجنة، وأشارت إلى أن الإغلاق التام والحظر الذى تقوم به90% من دول العالم يؤثر على قدرة الأطفال على الخروج من المنزل وزيارة الأصدقاء، وهو ما يضغط عليهم نفسيا بصورة سلبية، ولذلك فإن على الدول إيجاد حلول بديلة لكى يتمتع الأطفال بحقهم فى الترفية.
كما أشارت إلى أن الأطفال يمكنهم أن يتعرضوا إلى الاستغلال عبر القيام بمهام المنزل الشاقة، وأشارت أيضا إلى أن وقف تطعيم الأطفال خطر كبير جدا على حياتهم لاحقا، مثلما حدث فى الكونجو الديمقراطية.
ثم تحدث الوزير محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان وعضو مجلس أمناء «كيميت» عن أن موضوع الندوة يصب فى مجال حقوق الإنسان، وأضاف أنه نتيجة لفيروس كورونا، أصبح يوجد لدينا من يعيش فى قلق من فقد وظائفه، وهم أكثر من 4 ملايين شخص، وقال إن الدولة مهتمة بهم، بدليل تخصيص 500 جنيه شهريا لكل واحد منهم، كما أشار إلى حالة القلق التى يعيشها أهالى المسجونين فى مثل هذه الظروف، لأن الزيارة ممنوعة فى السجون، فلابد من التوسع فى سياسة الإفراج الشرطى والعفو الرئاسي، خاصة بعد الإفراج عن 460 مسجونا خلال الفترة الماضية، وهذا شيء مهم لتخيف الضغط على السجون.
وأضاف أن أزمة كورونا أثبتت أن النظام العالمى هش، وأن هناك خللا كبيرا فى قضية العولمة، فلابد أن تكون هناك مبادرات خاصة لبناء السلام.
وفى مداخلته الهاتفية، قال عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية سابقا وعضو مجلس أمناء مؤسسة كيميت إنه طالب بتعديل ميثاق الأمم المتحدة لاعتبار الأوبئة وتغيرات المناخ والانفجار السكانى وغيرها من القضايا تهدد السلم والأمن الدوليين.
وأوضح أن الأوبئة والحالة الصحية فى العالم وتغير المناخ والانفجار السكاني، هى ثلاثة أمور لابد وأن ترتفع درجة أولوياتها فى ميثاق الأمم المتحدة وطريقة التعامل معها، وأرى أنها أصبحت تمثل تهديدا للسلم والأمن الدولي، وأضاف أن أمين عام الأمم المتحدة يرى نفس هذا الرأي، وأن معنى تهديد السلم والامن هو وجود دماء ومعارك وتأثير سياسى واقتصادي، وذلك ما قد يحدث نتيجة لتفشى فيروس كورونا، وما قد يستجد بعد ذلك من أمراض.
وأضاف: «منذ فترة، تحدثت عن صراع الحضارات ودرجة الكراهية والتفرقة، ولذلك لابد من إعادة النظر فى النصوص المذكورة فى ميثاق الأمم المتحدة بتعديله لتشمل التحديات الجديدة واختصاصات مجلس الأمن وتوسيعها، ونظرا لفشل مجلس الأمن بسبب الفيتو وسوء استخدامه، لذلك، فإنه عند الحديث عن الانفجار السكانى والتغيير المناخى والأوبئة، لا يصح أن يتدخل الفيتو فى قرارات مجلس الأمن فى هذا الشأن».
وأكد موسى أن منظمة الصحة العالمية قامت بدورها الهام فى مواجهة هذه الجائحة، وردا على محاولة التشكيك فى دورها، والقرار الأمريكى بوقف تمويل المنظمة، قال إن العالم لن يستطيع أن يعلن انتهاء هذا الوباء إلا إذا أعلنت منظمة الصحة العالمية هذا الأمر، باعتبار أن المنظمة هى من اعتبرت هذا الفيروس وباءً، وأشار إلى أنه لا يمكن تقييم دور المنظمة إلا بعد الانتهاء من هذه الجائحة.
واعتبر أن الحكومة المصرية قدمت أداءً جيداً فى مواجهة فيروس كورونا، وأضاف أن هذا الأداء لابد وأن يواكبه أداء للمجتمع المدنى المصرى والمنظمات غير الحكومية المنتشرة فى القرى والمحافظات، لأن عليها دورا مهما يكمل الدور الحكومي، وذلك للعمل على تقدم المجتمع.
وأضاف: «عند الحديث عن مصر، أبدأ بالإشارة المختصرة لدعوة المرأة المصرية أينما كانت بقراءة المواد الخاصة بالمرأة فى الدستور لمعرفة حقوقها والآفاق المنفتحة أمامها، ومعرفة أن القانون الأساسى فى مصر يقف مع المرأة، وهذا شيء مهم».
وطالب موسى عند الحديث عن تداعيات الجائحة بضرورة تجنب الكلام المرسل، وبأن نستند إلى بيانات دقيقة ومعرفة نتيجة تجمع الأسرة لفترة طويلة بالمنزل، قائلا: «أدعو فور الإعلان عن الانتهاء من هذه الجائحة لأن نتابع الأرقام فى الستة أشهر التالية، من خلال عدد الأحداث المحققة فى العنف ضد المرأة أو الرجل داخل الأسرة، وأيضاً يجب متابعة حالات الطلاق بعد هذه الجائحة، وهل الحالات تقارن بالفترة نفسها فى العام الماضى أم زادت، وهل حالات الإنجاب بالنسبة نفسها أم أكثر مقارنة بالعام الماضي، وأيضاً جميع المشاكل التى يواجهها الطفل نتيجة لهذه الآثار».
وفى تعقيبها على بعض النقاط، قالت مشيرة خطاب إن دستور 2014 يكفل للمرأة المصرية قدرا غير مسبوق من الحقوق فى كل المجالات، خاصة فى المادة رقم 11 الخاصة بالمرأة والمادة 53 الخاصة بالمساواة بين المواطنين دون أى تمييز بسبب الدين أو الجنس وغير ذلك، وأكدت أن المرأة المصرية تعيش أزهى عصورها، وهو ما اختلف حوله عمرو موسي، بقوله رد قائلا إنه ما زال أمامنا الكثير من الوقت، مضيفا «نحن لدينا النصوص، ولكن التطبيق لم يحدث، وهناك قوانين من البرلمان لم تصدر بعد»، وطالب فى هذا الصدد بضرورة أن يكون هناك «عملية» شاملة Process لرصد وتقييم آثار كورونا، وعلقت الوزيرة على ذلك بقولها إن هذه الـProcess بدأت بالفعل من الندوة الأولى عن كورونا، وقالت إننا مستمرون فى الرصد والتقييم إلى ما بعد انتهاء الجائحة، والعملية تسير بأسلوب تشاركى واسع، منه داخل المؤسسة، ومنه على الفيسبوك، وكل من له اقتراحات يقدمها.
وأشارت إلى أن كلام الوزير عمرو موسى يمكن تلخيصه فى جملة واحدة هى «ما بعد الكورونا» وكيف نحول الأزمة إلى فرصة، وكيف نرتقى بالمنظومتين الصحية، والتعليمية، وكيف أنظر للمهمشين ووضعهم فى الأولوية لأنهم الشريحة الأهم.
وعن دور الإعلام فى هذه القضية، قالت أمل فوزى رئيسة تحرير مجلة «نصف الدنيا» إن ظاهرة العنف بعد أحداث فيروس كورونا المستجد أصبحت عالمية، لدرجة أن البابا فرانسيس بابا الفاتيكان دعا إلى حماية المرأة.
وأضافت: «نحن فى مجلة نصف الدنيا اهتممنا بالشأن المصري، فتحدثنا مع المحاكم الخاصة بالأسرة، ووجدنا ارتفاعا فى نسب الطلاق، وفى عدد قضايا الطلاق رغم توقف المحاكم».
وأوصت أمل فوزى بعدة اقتراحات أهمها: تفعيل خطوط ساخنة للرد على شكاوى وتساؤلات السيدات حول التعامل مع العنف الأسرى فى جهات منها المجلس القومى للمرأة وبرنامج «مودة» التابع لوزارة التضامن الاجتماعى وبدار الإفتاء والكنيسة، وعمل حملة فى وسائل الإعلام المختلفة، وتفعيل دور إدارة الاستجابة الشرطية الفعالة لجرائم العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية، والإعلان عن دورها بشكل موسع، والاتفاق مع البرامج التليفزيونية ذات الانتشار الواسع على عمل فقرة أسبوعية أو نصف شهرية عن مشاكل العنف الأسرى وفى المترو وعلى اليوتيوب برسائل مباشرة واستغلال المشاهدات العالية فى رمضان لإذاعتها، وعرض مشكلات العنف بطريقة مناسبة لا تسيء للمجتمع المصري.
وفى مداخلتها أيضا تحدثت الدكتورة هويدا مصطفى عميدة كلية الإعلام جامعة القاهرة قائلة إنها تعتقد بأننا حققنا كإعلام درجة متقدمة فى نشر الوعي، لأن هناك قيادة عليا تضع أسسا وخطوات لإدارة هذه الأزمة، مع اتخاذها بعضا من القرارات الاحترازية وتطبيق الخطوات الاستباقية، وهذا تطور إيجابى للغاية، وطالبت بنشر ثقافة الوعى بالأزمات.
وقدمت د. هويدا مصطفى عدة توصيات أهمها: وضع خطة إعلامية شاملة تستهدف تسليط الضوء على المشكلات التى تواجه المرأة فى الأسرة خاصة فى الفئات الأكثر فقرا فى الريف والحضر، وإعداد برامج تثقيفية تركز على توعية الشباب من الجنسين بمتطلبات مرحلة الزواج ونشر قيم التسامح والحوار والاحترام المتبادل ومناهضة أى شكل من أشكال العنف التى تمارس داخل الأسرة خاصة الموجهة ضد المرأة، وتوظيف الأعمال الدرامية لتناول قضايا العنف الأسرى للتوعية بالآثار النفسية والاجتماعية الناتجة عنها، لما تتسم به الدراما من القدرة على التأثير وتغيير الصورة النمطية عن المرأة ودور الدراما الحيوى فى التأثير على المجتمع من خلال تغيير الموروثات السلبية والأفكار المغلوطة وتقديم النماذج الإيجابية.
وعقب هانى عسل مدير تحرير «الأهرام» على كلمة عمرو موسي، قائلا إنه من المهم توفير البيانات والإحصاءات الصحيحة عن موضوع السلام الأسري، مشيرا إلى أن بعض الإحصائيات عن الحالة المصرية كانت متعجلة إلى حد كبير، لأنه من الأفضل عمل إحصائيات بداية من الشهر الثانى أو الثالث بعد بدء الأزمة، بعد أن يكون أفراد الأسرة قد اعتادوا نسبيا على الوضع الجديد.
وعن دور الإعلام قال إنه يجب أن يختلف الآن عن فترة بداية تفشى الوباء، فبعد أن كان توعويا ينقل المعلومات والإحصائيات والإرشادات الطبية، يحب أن يتجه إلى الحديث عن الآثار الاقتصادية المتوقعة من تفشى كورونا على مصر والمنطقة والعالم بأكمله، لأنه يجب أن يكون المجتمع فى مصر متأهبا تماما وواعيا بأن فتح الاقتصاد بعد أزمة كورونا لن يكون سهلا.
أما الدكتورة هدى بدران رئيسة الاتحاد العام لنساء مصر، فقالت فى مداخلتها إننا نعيش اليوم فى زمن ومناخ عام يتسم بالعنف والتمييز على المستوى الدولى والمحلى والشارع والأسرة المصرية، مشيرة إلى أن هذا هو نظام العولمة، لأنه يقوم بتهميش بعض البلاد، كما يقوم بالتهميش بداخل كل دولة على حدة، ولجماعات معينة، وهذا يعتبر نوعا من العنف ضدهم.
وأضافت أننا نعاصر نظاما دوليا يتسم بالعنف والتمييز، بدليل أن مجلس الأمن بالأمم المتحدة يتكون من خمسة أعضاء دائمين لهم حق النقض «الفيتو»، وهى أكبر دول تنتج وتبيع الأسلحة، أما العنف على المستوى المحلى فهو موجود، والجميع تحدث عن الدستور المصري، وبالفعل، لدينا دستور رائع، والدستور هو أبو القوانين، ولكن للأسف لا يترجم إلى واقع فعلي، فعلى سبيل المثال، وهو يعتبر أهم شق فى الدستور، وهو قانون الأسرة، والحقيقة أنه يشجع على العنف، كما أنه للأسف الشديد، يوجد خلط بين القوانين والدين، ويا ليت هذا الدين تم تفسيره بطريقة صحيحة.
وأضافت «لدينا ثلث نساء مصر أميات، ولذلك يلجأن إلى تصريحات أو فتاوى تتحدث بأشياء معاكسة تماما لمفاهيم الدين الحقيقي، فعلى سبيل المثال، تروج بعض الفتاوى للأسر المصرية مبدأ ومفهوم كلمة واضربوهن»، ولذلك، يجب منع الفتاوى وينفصل الأزهر والشيوخ عن القانون، لأن القانون من اختصاص الدولة و ترجمته هو الدستور المصرى والدستور لا يصرح بهذه النوعية من الفتاوي».
واقترحت د. هدى بدران توصيات بعيدة المدى لحل مشكلة العنف الأسرى مثل: التعاون على المستوى الدولى لتغيير هذا النظام الذى يتسم بالنفاق والتمييز والعنف، وفى هذا الإطار لا بد أن يتدخل المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية، لأن دورهم قوي، وأوصت بوضع خطة للوقاية والتصدى للعنف، علما بأنه لا يمكن الفصل بين العنف الأسرى والمناخ العام المتواجد والمتسم بالعنف على كل المستويات فى الشارع والمدرسة والعمل.
كما اقترحت توصيات قريبة المدى مثل عدم التركيز دائما على السلبيات بالنسبة للرجل المصري، لأن هناك أسرا بالفعل يؤدى فيها الرجل واجبات منزلية، لم يكن يساهم فيها فى الماضى بتاتا، وأقترح وضع حملة إعلامية إيجابية تسلط الضوء على هذه النماذج، مع تخصيص جائزة للأسرة من قبل المجلس القومى للمرأة لتلك النماذج.
وفى مشاركتها، قالت الدكتورة فاطمة خفاجى منسقة ائتلاف النساء العرب للتناصف والتضامن وعضو اللجنة الاستشارية الدولية لجيل المساواة ببيكين إنه يوجد قصور شديد فى الإعلان عن الخدمات التى تقدم للسيدات المعنفات، حيث إن العديد منهن لا يعلم عن الخطوط الساخنة ولا عن المنازل الآمنة الموجودة، ولذلك يجب توفير خدمات خاصة وسريعة وفعالة وكافية للنساء اللاتى يعانين من العنف الأسري، مثل خطوط ساخنة على مدار 24 ساعة وتوفير بيوت آمنة تستطيع أن تلجأ إليها المرأة المعنفة، وتكون هذه الخدمات موزعة جغرافيا بشكل عادل وضمان معرفة النساء بهذه الخدمات، وأيضاً رفع الكفاءة التى تدار بها هذه الخدمات.
وبلغة الأرقام، تحدث صبرى عثمان مدير عام خط نجدة الطفل بالمجلس القومى للأمومة والطفولة، فقال إنه تم إنشاء خط نجدة الطفل عام 2005، وخلال تلك الأيام تم استقبال 3625 بلاغا، وتم تخطى 100,000 مكالمة، وهى كالتالي: 743 بلاغ عنف سواء عنفًا جسديًا أو بدنيًا والأغلب فى الشكاوى من الأسرة، وقائع الإهمال وصلت إلى 774 بلاغا، 734 بلاغا فى استغلال الأطفال، وأكد أن التربية والتعليم والإعلام لها دور كبير فى التوعية.
كما تحدث عمرو عثمان مساعد وزيرة التضامن ورئيس صندوق مكافحة الإدمان عن دور الوزارة من جانب منصة مودة لإعداد المقبلين على الزواج وصندوق مكافحة وتعاطى المخدرات، وتناول توجيه رئيس الجمهورية وزارة التضامن الاجتماعى لعمل مشروع للحد من حالات الطلاق، لأن الإحصائيات تشير إلى أن هناك 900,000 زيجة سنوياً ومنها 213,000 حالة طلاق سنوياً، أى أن 25% من حالات الزواج يقابلها حالات الطلاق، و38% من حالات الطلاق لم يمر على زواجها أكثر من 3 سنوات، و15% لم يمر على زواجها عام، لذلك لدينا مشكلة فى إعداد المقبلين على الزواج فى الفئة العمرية من 18 إلى 25 سنة.
وحول تصوره للأجندة التشريعية لمجلس النواب فى الفترة المقبلة فى ضوء كورونا، قال النائب طارق الخولى عضو لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس إنه من المنتظر وجود تعديلات للقوانين المنظمة للمجلس القومى للطفولة والأمومة والمجلس القومى للمرأة، والأزمة الحالية تفرض علينا أجندة تشريعية فى دعم هذه المجالس المتخصصة والمستقلة لتعظيم دورها، أما مسائل الخطوط الساخنة فى مصر، فمن الضرورى الوقوف على أن الخطوط الساخنة تقوم بدورها فعليا، فإن دورها قائم ومهم فى مسائل الإحصاء بأن تعطينا بيانات وأرقاما بشكل مستمر، فاليوم ونحن نتحدث عن نسب العنف الأسرى نقول 30% فى فرنسا كمثال، وفى مصر ليس لدينا أى نسب، وهذا يرصد يشكل أكبر من خلال الخطوط الساخنة، أما عن وضع السجون فى ظل الأزمة، فتبقى المشكلة الكبيرة هى مسألة الحبس الاحتياطي، لأن اختصاصات رئيس الجمهورية فيما يتعلق بالعفو تقف عند الذين حصلوا على أحكام باتة ونهائية، أما الحبس الاحتياطى فيحتاج إلى أمرين: إما تدخل تشريعي، فهذا من الممكن أن يكون جزءًا من الأجندة التشريعية فى تعديل مواد الحبس الاحتياطى فى قانون الإجراءات الجنائية وأن نستعيض عنها بإجراءات احترازية أخرى مثل الإقامة الجبرية والمنع من السفر، إضافة لذلك إمكانية نظر وجود عفو شامل لأن البرلمان وفق أحكام الدستور هو من له الحق فى إصدار عفو شامل.
توصيات ختامية
وفى ختام الندوة، أشارت السفيرة مشيرة خطاب إلى وجود إجماع تام بين جميع المتحدثين على أهمية التزام الدول بالتعاون مع المجتمع المدنى باتخاذ حزمة من التدابير التنفيذية التالية:
وضع خطة وطنية بها أهداف زمنية وتُرصد لها الموارد المالية.
الجهة المنوط بها تنسيق الأدوار لتنفيذ هذه الخطة الوطنية يجب أن توكل إليها الصلاحيات التى تمكنها من القيام بالمهمة والموارد المالية والبشرية والمؤسسية اللازمة.
رفع وعى المجتمع بهذه القضية ويكون المجتمع شريكا ورقيبا على التنفيذ.
بناء الكوادر، وفى هذا الصدد أشارت السفيرة إلى خطوط النجدة والحاجة اللازمة إلى تحليل البيانات.
تعديل التشريع، وتساءلت حول كيفية قيام الدولة بذلك بمساعدة القطاع المدنى وخاصة القطاع الخاص لتحويل هذه الأزمة الى فرص لتغيير المجتمع نحو مستقبل أفضل.
التعاون الدولي، وذلك لأن أزمة كورونا كشفت عن رياء كبير وغياب فى التعاون الدولي، ومثال على ذلك تخلى الاتحاد الأوروبى عن إيطاليا، ومصادرة الرئيس ترامب للطائرة المحملة بالأدوات الطبية التى كانت متجهة إلى دولة تحتاج إلى المساعدة.
رابط دائم: