حتي الأزمات الإنسانية والكونية، لم تسلم من محاولات الاستغلال والابتزاز والتضليل الإعلامي الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام العالمية للطعن في الدولة المصرية.
فمنذ اللحظة الأولي لتفشي فيروس »كوفيد 19« في العالم، وقبل انتشاره في مصر، تعمدت وسائل الإعلام الغربية تداول أخبار وتقارير، معظمها مغرض، ومصادره معروفة، حول إجراءات مصر لمواجهة تهديدات فيروس كورونا، خاصة عبر تشكيكها في كفاءة تلك الإجراءات وفي مصداقية البيانات التي تعلنها الجهات الحكومية في مصر، رغم أن إخفاء الأمر في ظل ثورة المعلومات الحالية بالعالم صار مستحيلا.
ولكن وسائل الإعلام ذات الأجندة المعادية لمصر، تسعي، وما زالت، لاستثمار أي أزمة، حتى إن كانت أزمة صحية تصيب البشر أجمعين، وليس مصر وحدها، بهدف الطعن في دور الدولة المصرية وتشويه صورتها، متجاهلة إشادة منظمة الصحة العالمية بسلامة الإجراءات التي تتبعها الحكومة المصرية في مواجهة هذا الخطر، وبصورة ربما لا تتوافر في دول أخري كثيرة متقدمة تضررت من الفيروس نفسه.
ظهر ذلك بوضوح من خلال التركيز المبالغ فيه علي ما رددته قنوات الإرهاب من أكاذيب حول أعداد الحالات المصابة في مصر، وكيف أنها تزيد بكثير عن المعلن رسميا، واستمرت سلسلة الأكاذيب الممنهجة لتمتد إلي إثارة قضية انتشار كورونا في السجون بين المعتقلين، وهو ما أنكرته السلطات رسميا أكثر من مرة.
وبعد ذلك، تركزت جهود هذه الوسائل الإعلامية علي إدخال اسم »مصر« في أي جملة مفيدة حول الفيروس، وكأنها هي الدولة الوحيدة التي تواجه هذا الخطر الإنساني، وذلك بعد فترة من التشكيك غير الأخلاقي أيضا في أن مصر من الدول المصدرة للفيروس.
ومن بين هذه التقارير، ما بثته شبكة »سي.إن.إن« الإخبارية الأمريكية بتاريخ 2 مارس 2020، تحت عنوان »الدول الإفريقية ستواجه خطرا شديدا إذا لم يتم الكشف مبكرا عن الفيروس واحتوائه«، حول التحذيرات المسترمة الصادرة عن خبراء الصحة العامة بأن تفشي فيروس كورونا يشكل تهديدا فريدا من نوعه علي الصحة العامة في القارة الإفريقية، وفي مرخلة مبكرة في بداية تفشي هذا الفيروس، كانت هناك دول بعينها تقوم برحلات طيران مستمرة مباشرة مع الصين، ومن بينها مصر، ودول أخري مثل المغرب والجزائر وإثيوبيا وكينيا وموريتانيا وجنوب إفريقيا.
وتمر الأيام، وتشاء الظروف أن تكون دول أوروبا وأمريكا وآسيا هي الأكثر تضررا من انتشار الفيروس، علي الرغم من تباهي دول هذه المناطق دائما بارتفاع مستوي الصحة العامة والنظافة والرعاية الصحية مقارنة بدول إفريقيا.
كما تغافل هذا التقرير حقيقة أن دولا عديدة أخري غير مصر كانت لها رحلات طيران مباشر مستمرة مع الصين، قبل تفشي المرض بصورة غير متوقعة.
والدليل علي هذا التقرير المريب ما ذكره تقرير مناقض بثته هيئة الإذاعة البريطانية »بي.بي.سي« بتاريخ 3 مارس 2020 تحت عنوان »شركات الخطوط الجوية الإفريقية تخسر 400 مليون دولار منذ تفشي أزمة فيروس كورونا«، حيث جاء في التقرير إنه علي الرغم من عدم انتشار الفيروس في إفريقيا مثل باقي القارات الأخري، فإن الخوف من الوباء دفع شركات الطيران مثل »مصر للطيران« إلي تعليق رحلاتها من وإلي الصين، رغم أنه لم يتم حتي الآن والكلام كما جاء في التقرير التأكيد علي وجود حالات مصابة بالفيروس في مصر وتونس والمغرب والجزائر ونيجيريا والسنغال، وهو ما يعني أن قرار وقف الرحلات الجوية من مصر إلي الصين جاء مبكرا عن موعده، وبما يخالف ما ذكرته سي إن إن!
والآن، وبعد تفشي الفيروس في دول العالم بأكملها، وفي ظل عدم وجود دولة معافاة، لعله من المناسب أن تكف وسائل الإعلام الأجنبية ولو بشكل مؤقت عن محاولة استغلال هذه الجائحة الإنسانية في تحقيق أغراضها التي فشلت في تحقيقها علي مدي عقد كامل تقريبا، وأن تتجه بدلا من ذلك إلي التغطية الإعلامية الموضوعية والمحايدة، ليس من باب الحفاظ علي مصداقيتها فحسب، وإنما من باب الالتزام بأدني قدر من أخلاقيات المهنة، خاصة وأن البلاء يعم الجميع، كبارا وصغارا، ولا سبيل من الخلاص منه سوي بالتعاون والتنسيق وتضافر الجهود، بدلا من العنصرية، والتنمر الإقليمي، والشماتة الدولية، وتنفيذ أجندات لا قيمة لها، وليس هذا وقتها علي الإطلاق!
رابط دائم: