-
تجربة المدارس اليابانية ما زالت فى مهدها .. ومتفائل بحماس المعلمين والأطفال وأولياء الأمور
-
نتعاون فى مجال التكنولوجيا الخضراء وننتظر «صلاح» ومنتخب اليد فى طوكيو
تتمتع مصر واليابان بعلاقات قوية وخاصة، قوامها التعاون السياسي، والتنسيق والتشاور المتبادلين والمستمرين على الصعيد الدولي، فضلا عن الصداقة الوطيدة التى تجمع بين شعبى البلدين، سواء بفضل الاحترام الشديد الذى يبديه المواطن اليابانى للحضارة المصرية القديمة، أو بسبب المشروعات الكبرى والتنموية التى أسهمت بها اليابان، أو دعمتها، فى الماضي، والحاضر، مثل دار الأوبرا المصرية الحالية، ومترو الأنفاق، ومثل مشروع المتحف المصرى الكبير، والمدارس اليابانية، وغيرها.
وللتعرف أكثر على تفاصيل هذه العلاقات، وسبل تدعيمها فى الفترة المقبلة، ورؤية الجانب اليابانى لما يجرى من أحداث على الساحة الدولية، كان هذا اللقاء مع ماساكى نوكى سفير اليابان بالقاهرة.
خلال زيارتكم لجريدة «الأهرام» العام الماضي، ذكرتم لنا أن عام 2019، عام استثنائى بالنسبة لليابان، كيف لكم أن تصفوا لنا احتفالاتكم باليوم الوطنى لليابان هذا العام، والذى يحل علينا فى وجود الإمبراطور الجديد؟
يٌعد حفل الاستقبال الخاص بعيد ميلاد الإمبراطور هذا العام، هو الأول من نوعه، حيث يقام فى ظل الحقبة الإمبراطورية الجديدة «ريوا»، وكلمة «ريوا» تعنى أن الثقافات الغنية تنمو وتترعرع من خلال التفاعل المتناغم بين عقول وقلوب الناس، ومع وضع ذلك المعنى فى الاعتبار، قمنا بترجمتها إلى «التناغم الجميل»، وهناك العديد من الأحداث الدولية التى ننتظرها خلال عام 2020، فعلى سبيل المثال، دورة الألعاب الأوليمبية والباراليمبية «طوكيو 2020»، وافتتاح المتحف المصرى الكبير (GEM) الذى طال انتظاره، وكلا الحدثين المهمين سوف يجلبان العديد من التفاعلات والمشاركات المتعددة بين الناس من مختلف أنحاء العالم، وأتمنى أن يكون عيد ميلاد الإمبراطور الجديد بداية لتجسيد معنى العصر الجديد ودفع علاقات الصداقة التاريخية والتعاون الوثيق بين مصر واليابان إلى الأمام.
العام الماضى شهد أيضًا طفرة كبيرة فى العلاقات الثنائية بين مصر واليابان، سواءً على الجانب السياسي، أو حتى فى مجال التعاون التنموى الثنائي، ما هى توقعاتكم عن شكل الروابط بين البلدين خلال العام الحالي؟
كان عام 2019 عامًا مميزًا للعلاقات المصرية ــ اليابانية، حيث استضافت اليابان مؤتمرين دوليين مهمين، هما قمة أوساكا لمجموعة العشرين، ومؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية فى إفريقيا TICAD7، حيث تمت دعوة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى كان يتولى رئاسة الاتحاد الإفريقى للحضور، وعقد الرئيس اجتماعات ثنائية مع رئيس الوزراء اليابانى آبى شينزو، وهذا الزخم الذى نتج عن أحداث العام الماضي، لن يتوقف، وستتم تنميته والاستفادة منه، وكما ذكرت منذ قليل، فإن العام الحالى 2020، سيشهد حدثين عالميين مهمين وهما الأوليمبياد وافتتاح المتحف، ويمكن لمصر واليابان الاستفادة من هذه الفرصة السانحة من أجل تطوير العلاقات، وهناك عدد من مشروعات هيئة التعاون الدولى اليابانى «جايكا» قيد التنفيذ، منها: توسعة مطار برج العرب الدولى لزيادة الطاقة الاستيعابية له من مليون راكب إلى 5 ملايين راكب سنويًا، باستخدام التكنولوجيا الصديقة للبيئة، والتجديد الشامل لقناطر ديروط التى تخدم 17% من مياه النيل، وبناء مبنى العيادات الخارجية لمستشفى أبو الريش للأطفال، كما يُعد التعليم من المجالات التى تُركز عليها اليابان بصفةٍ خاصة، إيمانًا منها بأن الموارد البشرية هى من أهم الموارد فى مصر، وسنستمر فى مشاركة التعليم على الأسلوب اليابانى من خلال المدارس المصرية اليابانية (EJS)، كما سنواصل تطوير الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا (E-JUST)، من خلال برنامجها الجديد لاستقبال 50 طالبًا مبعوثًا من إفريقيا خلال 3 سنوات، كما أتابع بانتظام تقدم وسير العمل فى موقع المتحف الكبير، وفى كل مرة تُبهرنى كثيرًا هذه الهدية العظيمة التى سيتم تقديمها للعالم أجمع، إذ يُعتبر أكبر مشروع يابانى للتعاون الثقافى فى العالم، حيث تبلغ قيمة القرض الميسر ما يعادل 800 مليون دولار، وسيكون افتتاح المتحف هذا العام، مناسبة تاريخية لإظهار الحضارة المصرية العظيمة وعلاقات الصداقة اليابانية المصرية للعالم.

ما هو تقييمك لتجربة المدارس المصرية اليابانية، رغم أنها لا تزال فى بدايتها؟ وهل يمكن لمصر أن تصبح معبرا وبوابة لنقل هذه التجربة إلى دول إفريقية أخري؟ وكيف تَنظرون إلى الآراء التى أثيرت فى الشارع المصرى حول صعوبة نجاح تجربة المدارس فى مصر؟
نعم، بالطبع، لا تزال المدارس المصرية ــ اليابانية فى مهدها، فقد بدأت الدفعة الأولى التى تتكون من 35 مدرسة جديدة فقط فى سبتمبر 2018، وأصبح هناك الآن 52 مدرسة منها فى جميع أنحاء مصر، كما يتم تقديم بعض الأفكار الرئيسية للتعليم على الأسلوب اليابانى فى المناهج العامة للمدارس الابتدائية المصرية، وحظيت هذه التجربة بكثير من الاهتمام خلال مؤتمر تيكاد 7، وهذا المشروع مليء بالتحديات، لكنى متفائل، للحماس الذى أراه فى عيون مديرى المدارس والمعلمين وأولياء الأمور، وأيضًا الأطفال، خلال زياراتى المتعددة للمدارس ومراكز التدريب، ويجب أن نتحلى بالوضوح والموضوعية بشأن ما نهدف إليه، فالمدارس المصرية ــ اليابانية تعمل على بناء الشخصية المتكاملة للأطفال، حيث لا يقتصر الأمر فقط على حفظ الأطفال للمعلومات، ولكن يجب عليهم تنمية قدراتهم على إيجاد حلول للمشاكل بأنفسهم، كما لا يقتصر الأمر فقط على تطوير ذكاء الأطفال، بل أيضًا بناء وتقوية قواهم الأخلاقية والنفسية والبدنية، ولا يتسنى ذلك من خلال دراسة مادة الرياضيات أو اللغات وغيرها فقط، ولكن من خلال الأنشطة الجماعية، بما فى ذلك أنشطة تنظيف الفصول الدراسية، التى تمنح الأطفال الشعور بالانضباط والتعاون والإحساس بالآخرين، وتكسبهم مهارات التواصل التى لا غنى عنها للعيش فى مجتمع، ومن الأشياء الأخرى التى تتميز بها المدارس المصرية اليابانية المشاركة الإيجابية والفعالة لأولياء الأمور فى إدارة المدرسة وأنشطتها، حيث يتم تحفيز وتشجيع أولياء الأمور على المشاركة التطوعية لمدة 20 ساعة خلال السنة الدراسية الواحدة.
تولى مصر أهمية كبرى فى الفترة الراهنة لتطوير وسائل النقل وتصنيع السيارات الكهربائية وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، هل يمكنكم إطلاعنا على فرص التعاون المستقبلى بين اليابان ومصر فى مثل هذه المجالات؟
لقد تمت الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة لليابان فى مشروعات قطاع النقل، مثل مشروع توسعة وازدواج قناة السويس وإنشاء كوبرى السلام المعلق فوق قناة السويس «كوبرى الصداقة المصرية ــ اليابانية»، وعندما التقيت مؤخرًا مع الطيار محمد منار عنبة وزير الطيران المدني، أكدنا على إدخال التكنولوجيا اليابانية الخضراء أو الصديقة للبيئة مثل توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية واستخدام الأجهزة الموفرة للطاقة فى مبنى الركاب الجديد بمطار برج العرب الدولي، وفى الواقع، الطاقة المتجددة هى أيضًا من الأشياء التى تقدمها اليابان فى العديد من دول الشرق الأوسط وإفريقيا، وبالنسبة لمصر، فقد بدأت بالفعل محطة لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح بسعة 250 ميجاوات فى العمل مؤخرًا، وذلك قبل الموعد الذى كان محددًا لها، وهناك أيضًا العديد من المشروعات الأخرى التى هى قيد الإعداد، وفى حالة ما إذا كان الجانب المصرى مهتمًا بالبنية التحتية عالية الجودة المدعومة بالتمويل المادى المناسب، فستكون هناك المزيد من تلك المشروعات فى المستقبل، كما أن صناعة السيارات من المجالات الواعدة، والعديد من الشركات اليابانية لديها الكثير من الاهتمامات بها، وأنا دائمًا أشجعهم على القدوم والعمل فى مصر، وبالطبع مصر تُعتبر سوقا واعدة للسيارات، ولكن السؤال هنا هو، أين هو أفضل مكان يمكن لشركات صناعة السيارات العالمية واليابانية أن تنتج فيه؟ هل من المنطقى أن تنتج محليًا فى مصر، من خلال استيراد مكونات السيارات التى تحتاج إلى دفع الرسوم الجمركية عليها، فى حين أن مصر بإمكانها استيراد السيارات الجاهزة معفاة من الرسوم الجمركية من أوروبا وتركيا والفضل فى ذلك كله يرجع إلى اتفاقية التجارة الحرة؟! سيصبح الأمر منطقيًا عندما تتكون لدى شركات صناعة السيارات قناعة بأن هناك استراتيجية مصرية تشجع على الإنتاج المحلى.
هل يمكنك تعريفنا بالجهود التى بذلتها اليابان لاحتواء انتشار فيروس كورونا؟
تولى حكومة اليابان أولوية قصوى للسيطرة على انتشار العدوى بفيروس كورونا الجديد والحد من تفاقم خطورة هذا المرض، وتتمثل الركائز الأساسية لخطة التعامل مع الطوارئ التى أعلنتها الحكومة فى 13 فبراير الحالى في: دعم العائدين من الخارج وغيرهم، وتعزيز إجراءات الحد من العدوى محليًا داخل اليابان، وتعزيز إجراءات الحد من انتشار العدوى من خلال الحدود، واتخاذ إجراءات الاستجابة السريعة تجاه الصناعات المتضررة، ونحن نؤمن أيضًا بأنه من الأهمية بمكان أن نوفر المعلومات المناسبة فى الوقت المناسب لمنظمة الصحة العالمية والبلدان ذات الصلة.
ما هى الآثار السلبية المتوقعة لهذا المرض المميت على الاقتصاد الياباني؟
نتابع عن كثب ونولى اهتماما كبيرا بتأثير ذلك المرض على الاقتصاد الياباني، خاصةً التأثير الواقع على اقتصاد الأقاليم فى اليابان، بما فى ذلك قطاع السياحة، وبطبيعة الحال، تمتع اليابان باقتصاد مفتوح، ولذلك يتم تبادل وتحليل المعلومات عن تأثير ذلك المرض على الاقتصاد العالمى مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية ذات الصلة، ونعمل على اتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة حيال ذلك.
تمنيتم التوفيق للبعثة الأوليمبية المصرية خلال أوليمبياد طوكيو 2020، ما هى توقعاتكم لنتائج الفرق المصرية خلال الأوليمبياد؟ وكيف سيستقبل الجمهور اليابانى الفرق المصرية، وخاصة فريق كرة اليد، أو ربما محمد صلاح؟
ستشهد دورة الألعاب الأوليمبية والباراليمبية منافسات حماسية ومثيرة فى 55 لعبة، تحت شعار «الرياضة تستطيع تغيير العالم والمستقبل»، وبصفتى سفير اليابان لدى مصر، فإننى أتطلع إلى أن يتفوق كل من الفريقين اليابانى والمصري، وحتى الآن، تقرر مشاركة 88 لاعبًا رياضيًا فى منافسات 15 لعبة من مصر، وأعتقد أن هذه الأعداد قابلة للزيادة فى الفترة المقبلة، ونحن نتطلع لمتابعة فريق كرة اليد المصرى الذى ما زال أداؤه الجيد فى التصفيات التى أقيمت بتونس فى يناير الماضى عالقا فى الأذهان، كما أنه إذا تأكدت مشاركة صلاح فى الأوليمبياد، فستحرص الجماهير بشدة على متابعة هذه المباريات، وأنا كياباني، أتطلع إلى أن يتألق لاعبو الفنون القتالية اليابانية «البودو»، بما فى ذلك لاعبو الجودو، خلال الأوليمبياد، وأتمنى أن ندعم ونشجع سويًا مصر واليابان خلال الأوليمبياد.
رابط دائم: