رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الإفريقى لـ «الأهرام»: الانخراط فى القضايا الإفريقية يعزز حضور الدولة المصرية وفاعلياتها فى القارة

كتب ــ هانى عسل
أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الإفريقى

لم يكن عام الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى عاما عاديا، كما لن تكون علاقة الانخراط والمشاركة المصرية مع الدول الإفريقية فى القضايا التنموية والأمنية والاجتماعية مرتبطة فقط بعام الرئاسة المصرية، وإنما ستكون نقطة انطلاق حقيقى لعلاقات ممتدة مستقرة وطيدة بين مصر وأبناء القارة الإفريقية الذين يدركون جيدا أنهم أقوى بتكاتفهم فى مواجهة كل التحديات، وعلى رأسها محاربة الفقر والإرهاب والفكر المتطرف والهجرة غير المشروعة.

وللتعرف أكثر على تقييم حصاد الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى قبل قمة أديس أبابا، كان اللقاء مع السفير أسامة عبد الخالق سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الإفريقي:

استهل السفير أسامة عبد الخالق حديثه تأكيد أن مصر شرُفت على مدى عام كامل برئاسة الاتحاد الإفريقي، واصفا الاتحاد بأنه تلك المنظمة الإقليمية التى رسخ الآباء المؤسسون الهدف الرئيسى من إنشائها فى ميثاقها التأسيسى عام 1963، وهو «العمل معا من أجل قارة موحدة مترابطة ينعم مواطنوها بالأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية».

وأشار إلى أن مصر - إيماناً منها بارتباطها التاريخى بالقارة الاُم وإدراكاً منها لأن تحقيق التنمية الحقيقية هو حق مشروع لمواطنى القارة - تأتى فى المصاف الأول من الدول التى وضعت اللبنات الأولى للمنظمة الإقليمية وسعت على مدى العقود بالتعاون مع الدول الإفريقية الشقيقة فى الدفاع عن مصالح القارة وتلبية طموحات مواطنيها، فقد تولت مصر قيادة العمل الإفريقى - من خلال رئاسة المنظمة الإقليمية - أربع مرات منذ إنشائها، وكان آخرها منذ ما يقارب ربع قرن (عام 1993/1994)، وبالتالى جاءت رئاسة الاتحاد الافريقى عام 2019/2020 فى وقت تشهد فيه الساحة الإفريقية تطورات ملموسة فى طبيعة العلاقة بين القارة ومحيطها الخارجى وتبرز تحديات ذات طبيعة خاصة على الصعيدين التنموى ومجال السلم والأمن، بما استدعى أدواراً مختلفة وتحركات نشطة للرئاسة، بما يمكنها من الإسهام فى التعامل مع تلك التحديات بشكل فعال وتقديم إضافة ملموسة.

وأضاف أنه من هذا المنطلق، جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى واضحة فى هذا الشأن بضرورة انسجام النهج المصرى فى إدارة الاتحاد الإفريقى مع النهج المُتبع على المستويين الوطني، وبالتحديد من خلال إعداد خطة واضحة وبرنامج عمل مُحكم يستهدف عددا مُنتقى من الأولويات يتسق مع الاحتياجات الآنية للقارة، ومع أولويات عمل أجندة 2063، مع التركيز على تعظيم حجم المخرجات فى إطار كل أولوية، وتنفيذاً لذلك، تم اختيار عدد محدود من الأولويات وهى التكامل القارى والتنمية الاقتصادية ومجال السلم والأمن، وبجانب ما تقدم، استهدفت الرئاسة المصرية، كما يقول السفير عبد الخالق، هدفاً مهما آخر، وهو تعزيز وتيرة التفاعل بين مصر والاتحاد الإفريقى وقارتنا الإفريقية بشكل عام على جميع المستويات، بداية من مُشاركة وتمثيل رئيس الجمهورية للقارة فى عدد من المحافل الدولية، بجانب تعميق التواصل على المستوى الرسمي، بحيث يُصبح عام الرئاسة المصرية «عام إفريقيا فى مصر وعام مصر فى الاتحاد الإفريقي».

وأشار السفير إلى أنه فيما يتعلق بالمقترب الأول، وفى ملف التكامل الإقليمى والقاري، أولت مصر أهمية خاصة لهذا الملف نظراً لإيمانها بمحوريته ودوره المهم فى مجال التنمية واستقرار القارة، حيث تمت استضافة وتنظيم عدد من الفاعليات المهمة التى مثلت علامة مهمة على مسار عملية التكامل وتطويرها.

أما فيما يتعلق بمُعجل التكامل القاري، فشهدت الرئاسة المصرية، وفقا لما قاله أسامة عبد الخالق، الإطلاق التاريخى لاتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية والأدوات التشغيلية الخاصة بها، وهى الاتفاقية الطموحة التى تستهدف زيادة مُستوى التبادل التجارى بين الدول الإفريقية ليصل إلى 25%، مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية دون تبادل تجارى واستثمارى مُقدر بين الدول الإفريقية.

ونوه مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الإفريقى إلى أنه تم فى هذا الصدد اختيار الرئيس السيسى لريادة هذا الملف على مُستوى القارة، وجاء بعد ذلك التوقيع على اتفاقية المقر الخاصة باستضافة مصر مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية بعد الصراعات على هامش منتدى أسوان للسلم والتنمية المستدامة فى 9 ديسمبر 2019 الذى سيمثل ملتقى سنويا يعقد فى مصر للتباحث بشأن قضايا السلم والأمن بالقارة. فيما يتعلق بجهود مصر فى مواجهة الأزمات فى القارة ومكافحة انتشار الإرهاب، أشار السفير عبد الخالق إلى أن مصر استضافت قمتين رفيعتى المستوى حول ليبيا والسودان فى أبريل الماضى بما عمل على دعم المسار السياسى فى البلدين.

وأكد عبد الخالق أن هذه الأنشطة والفاعليات أسهمت بالفعل فى تأكيد دور مصر الفاعل فى أزمات القارة والعمل على إيجاد حلول إفريقية لمشكلات القارة، وهو الأمر الذى سيتم تعزيزه من خلال الجهد الذى أشرفت عليه مصر خلال العام الماضى لتفعيل صندوق السلام، وهو الصندوق الذى سيتم توجيه إسهامات الدول الأعضاء به لأول مرة إلى معالجة جذور المشكلات الإفريقية.

وحول إصلاح الاتحاد الإفريقي، قال السفير إن الرئاسة المصرية أولت أهمية خاصة لمسار الإصلاح المؤسسى للاتحاد من خلال القيام بدور رئيسى وفعال فى التمهيد لاعتماد هيكل جديد لمفوضية الاتحاد قادر على مواكبة التحديات ونظام جديد للتعيينات، وهى الخطوات التى تُمثِل علامات واضحة ومُضيئة فى مسيرة الدولة المصرية الداعمة لطموحات وتطلعات الدول والشعوب الإفريقية.

وردا على سؤال حول تقييمه لمستوى التواصل مع الدول الإفريقية بشكل عام خلال السنة الماضية، قال عبد الخالق إنه تم تعزيز التفاعل بين القارة الإفريقية والدولة المصرية على جميع المستويات من خلال استضافة مصر ما يزيد على 30 فاعلية وحدثا إفريقيا خلال عام 2019 فى مختلف المجالات، وقال: «ربما أخص بالذكر الفاعليات المرتبطة بتمكين الشباب والمرأة، التى أتت اتساقاً مع رؤية السيد رئيس الجمهورية فى هذا الشأن على المستوى الوطني، والتى تولى ملف تمكين الشباب والمرأة أولوية خاصة، وبالتالى تم الحرص على أن تتسق سياستنا القارية فى هذا الشأن مع التوجه الوطني، وأخص بالذكر انعقاد الدورة الأولى من منتدى الشباب العربى الإفريقى فى مارس 2019، وكذلك النسخة الثالثة من منتدى شباب العالم فى ديسمبر 2019، ودورة شباب المتطوعين الأفارقة، وهى الفاعلية السنوية التى تضم شبابا من البلاد الإفريقية للتدريب على جميع أنشطة الاتحاد الإفريقي.

وردا على سؤال حول ما استفادت منه مصر نفسها من رئاسة الاتحاد الإفريقي، أجاب السفير أسامة عبد الخالق قائلا إنه «إجمالاً لما سبق، فقد أسهم عام الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى فى إبراز الجهود المصرية بالقارة، وأتاح المجال للدولة المصرية فى وضع رؤيتها لتعزيز آليات العمل بالاتحاد الإفريقى ودفع العمل الإفريقى إلى الأمام، كما أسهم الحضور المتتابع والفعال للسيد رئيس الجمهورية فى القمم الإفريقية، بالإضافة لتمثيل سيادته القارة فى عدد من المحافل الدولية بما يؤكد تكريس إيمان مصر بارتباطها القارى وإبراز سعيها الجاد لتلبية احتياجات مواطنيها، وهو الأمر الذى تحقق أيضاً من خلال توجيه السيد وزير الخارجية لجميع سفاراتنا بالخارج إلى الاستمرار فى بذل المساعى والجهود لتفعيل أواصر التعاون بين الجانب المصرى والدول الإفريقية ليصبح العام بحق عام الاتحاد الإفريقى فى مصر وعام مصر فى إفريقيا».

وأوضح أن هذا المستوى من الانخراط كانت تحتاجه الدولة المصرية لإبراز عقود من الجهود والتفاعل الجاد، ولتعزيز القاعدة الصلبة للوجود المصرى بالقارة الإفريقية.

وحول تسليم مصر الرئاسة إلى جنوب إفريقيا، قال عبد الخالق إنه مع تسليم الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى إلى جنوب إفريقيا ستبدأ مرحلة جديدة ومُمتدة من العمل الجمعى الإفريقى المشترك، الذى تشرف مصر به منذ تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، مشيرا إلى أن الرئاسة المصرية للاتحاد الافريقى مثلت فصلاً مهماً من تاريخ الانخراط المصرى بالقارة الإفريقية، كما مهدت فى الوقت نفسه لمرحلة جديدة من التفاعل تعكس التحديات المتزايدة والتطلعات المشروعة لشعوب إفريقيا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق