رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الابتكار .. منصة القوة فى العصر الرقمى

يستهدف التوجه الذى تقوده الدولة للتحول الرقمى الاهتمام بالبنية التحتية المعلوماتية إلى جانب الاستثمار فى البناء النوعى للقدرات البشرية، وذلك من أجل تعظيم الفرص ومواجهة التحديات، ويأتى هذا فى ظل التقدم المذهل فى العلم والتكنولوجيا وتطبيقاتها المختلفة سواء ذات الطبيعة المعرفية أو الخدمية أو السلعية.

وهو ما كان من شأنه أن زاد من وتيرة المنافسة بين الدول والفاعلين من غير الدول حول تراكم الثروة والاستحواذ على الأسواق، وكفاءة عمليات الإنتاج وتحسين المنتجات المتوافرة لتلائم بشكل اكبر أذواق المستهلكين ،وتوفير الوظائف ،وزيادة الأرباح بما ينعكس ذلك كله على النمو الاقتصادي. ودفع ذلك العديد من الدول وخاصة الدول النامية لإدراك أهمية توطين الابتكار والمعرفة والتكنولوجيا كمنصات للحفاظ على المكانة الوطنية ومقتضيات الأمن القومي، وفى ظل تعاظم دور الشركات التكنولوجية العابرة للحدود وتغولها على سيادة الدولة والانتقال من دورها التجارى الى السياسى والاستراتيجي. ومع تصاعد العلاقة بين التكنولوجيا ورأس المال وتحول المعرفة كمحرك رئيسى للاقتصاد بعيدا بالضرورة عن الاعتماد على الموارد الطبيعية، وارتبطت عملية التحول نحو الإبداع والابتكار بامتلاك هرم المعرفة مرورا بمرحلة ما وراء البيانات، إلى البيانات، ثم مرحلة المعلومات، ثم مرحلة المعرفة لتصل الى مرحلة الحكمة والتى تعكس التطور فى استخدام الطاقة الذهنية لتوليد الأفكار واكتشاف العلاقات وبرهنة النظريات، وتعد بذلك مراحل للتقدم لأى مجتمع نحو الإبداع والابتكار. وبدأ يقاس حجم وقوة الدول بإسهامها فى مجال الإبداع والابتكار استنادا على مؤشر المدخلات المرتبطة بعناصر الاقتصاد التى تجسد الأنشطة المبتكرة والتى يتم رؤيتها وفق خمس ركائز هى دور وفاعلية المؤسسات ورأس المال البشرى والبحوث والتطوير والبنية التحتية ونمو السوق والأعمال. إلى جانب قياس المخرجات التى ترتبط بالمعرفة والتكنولوجيا والقدرة على تحولها لتطبيقات جديدة تعمل على تحسين جودة الحياة او حل مشكلات قائمة. فوفق مؤشر الابتكار العالمى لعام 2019 الصادر من المنظمة الدولية للملكية الفكرية وشمل130 دولة، جاءت اكبر خمس دول هى سويسرا والسويد والولايات المتحدة وهولندا وبريطانيا، بينما اكبر خمس دول من حيث التوزيع الجغرافى فى أوروبا هي، سويسرا والسويد وهولندا وبريطانيا وفنلندا. وفى شمال إفريقيا وغرب أسيا جاءت قبرص والإمارات وجورجيا وتركيا، وفى منطقة جنوب شرق آسيا والمحيط الهادى جاءت سنغافورة وكوريا وهونج كونج والصين واليابان، وفى منطقة وسط وجنوب آسيا، الهند وإيران وكازاخستان وسريلانكا وقيرغيزستان. وفى إفريقيا جنوب الصحراء، جاءت جنوب إفريقيا وكينيا وموريشيوس وبتسوانا ورواندا، وفى منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبى جاءت تشيلى وكوستاريكا والمكسيك وأوروجواى والبرازيل. وتؤشر تلك النتائج على التحول فى مركزية الابتكار من الدول الغربية إلى مناطق أخرى فى الشرق والجنوب، وتصاعد الابتكار فى الاقتصاديات الناشئة وبخاصة فى إفريقيا، وإمكانية تكوين الإبداع والابتكار من خلال توظيف الثورة المعرفية والعلمية التى أتاحت للدول الصغرى فى النظام الدولى ان تنافس الدول الكبرى، ومن ركائز ذلك التمكين الرقمى للشباب وتعزيز تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى التعليم، وتبنى القيم المعززة للتنمية مثل قيم العمل والوقت والانجاز، وامتلاك مهارات البحث العلمى والتفكير النقدى وحرية الرأى والتعبير. وتعزيز دور الفن والثقافة بالإضافة إلى التدريب ورعاية المتفوقين وتوفير الحاضنات التكنولوجية، وتحديث التعليم الأساسى والجامعى لجعله لا يركز على الكم المعرفى بقدر قدرته على تشكيل الخيال والابداع لدى الطلبة. وتعد تطبيقات التعليم عن بعد فرصة للتعليم المستمر ومواجهة التغير فى المهارات وسوق العمل التى ستؤثر فى مستقبل دور الجامعات. وبدأت الدول والشركات الكبرى تضع استراتيجيات لجذب الكفاءات العلمية من الخارج والاستحواذ على المبادرات الفردية الناجحة وريادة الأعمال وإدخال تعديلات فى مجال السفر والإقامة ومنح الجنسية لتوفير بيئة خصبة لجذب المهارات وبخاصة من الدول النامية، والتى تعانى أزمات اقتصادية وأمنية تدفع شبابها للهجرة فى إطار ظاهرة نزيف العقول. وتتطلب كيفية فهم صناعة الإبداع كعملية وليست كمخرج ان يكون هناك ثقافة للابتكار يشارك فى صياغتها وممارستها المجتمع والدولة وتبنى إستراتيجية وطنية تعمل من خلالها كل المؤسسات المعنية بالتعليم والتنشئة الاجتماعية وبداية من الأسرة، فالإبداع ليس مجرد مهارة او تدريب بقدر ما هو عملية يتم بناؤها عبر سياسات وتطبيقات تضمن القدرة على امتلاك مهن المستقبل. وهو ما يتأتى أيضا بتبنى مبادرات الشباب وابتكاراتهم، وحماية الملكية الفكرية والاهتمام بالمراكز البحثية وتوفير التمويل اللازم لتحويل الابتكارات إلى تطبيقات، وهو ما يعزز كذلك فرص الصناعة الوطنية. ويعد توافر الإرادة السياسية إلى جانب غنى مصر بطاقات بشرية هائلة من أهم عناصر النجاح فى طريق المستقبل. 


لمزيد من مقالات د. عادل عبد الصادق

رابط دائم: