أمهلت الرئاسة التونسية الأحزاب والكتل البرلمانية حتى صباح اليوم لترشيح اسم بديل لرئيس الوزراء المكلف الحبيب الجملى الذى لم تحظ حكومته بثقة البرلمان، بسبب ظهور خلافات عميقة بين القوى السياسية، من أبرزها الخلاف الأيديولوجى بين حركة «النهضة» وقوى حركات «الشعب» و«تحيا تونس» و«التيار الديمقراطي».
وبرغم محاولات الحبيب الجملي استدراك الموقف بخطوة متقدمة، عبر طرح تأليف حكومة كفاءات بعيدا عن كل الأحزاب السياسية. وهو ما اعتبره المراقبون تسوية شكلية تغطى على تحالف «النهضة» و»قلب تونس» مجددا، بما يعنيه ذلك من توزيع للحصص فيما بينها.. فإلى أين تتجه الأمور فى المشهد التونسى بعد فشل حكومة الجملى فى كسب ثقة البرلمان، وسقوطها فى امتحان نيل الثقة تحت قبة البرلمان، وهو الأمر الذى يثير التساؤلات على الفرص الممكنة لنجاح البديل.
وبعد أن أجهضت لاءات الرفض حكومة الجملى قبل ولادتها، لتعلن التحول إلى الفصل التاسع والثمانين من الدستور، الذى يلقى الكرة فى ملعب الرئيس قيس سعيد، الذى يتعزز دخوله كلاعب رئيسى فى المعترك السياسي، ويبدو أن تونس مقبلة على ما يسمى «حكومة الرئيس»، حيث يمنح الدستور رئيس الجمهورية مهلة للتشاور مع الأحزاب وتكليف الشخصية الأقدر على تأليفها خلال شهر، وهو ما يعنى منحه سلطة تقديرية لتحديد الشخصية الأقدر، ويعتبر خبراء تونسيون أن هذا الفصل من الدستور مفخخ، وأنه إن كان يقدم من جهة الحل أمام معضلة فشل تشكيل الحكومة،إلا أنه قد يضع تونس على أعتاب أزمة جديدة بسبب اختلاف الأحزاب فيما بينها على التوافق حول اختيار الشخصية الأقدر، أو رفضها لشخصية يفرضها رئيس الجمهورية على الجميع بموجب الصلاحيات التى منحها له الدستور، لتكون إعادة الانتخابات التشريعية المصير الحتمى فى تونس، الامر الذى قد يعيد خلط الأوراق من جديد، فى ظل مشهد سياسى أفرزته انتخابات السادس من أكتوبر الماضي، محكوم بالتشتت وانعدام الثقة وغياب التوافق، وقد كشفت جلسة منح الثقة عن تراشق متبادل بالتهم، وصل إلى حد الاتهام بالتعامل مع أجندات أجنبية على حساب المصلحة الوطنية، وقد اعتبرت حركة «النهضة» أن إسقاط الحكومة يأتى بإملاءات خارجية، ويرد خصومها بتحميلها مسئولية تعميق الأزمة الإقتصادية، وهى التى استمرت فى الحكم منذ الثورة إلى اليوم، ويبدو أن تونس اليوم فى مواجهة مرحلة سياسية جديدة تدخلها للمرة الأولى منذ الاستقلال، حيث لم يسبق أن أسقط البرلمان حكومة تقدمت لنيل الثقة، وهى مرحلة بلاشك ستعرف اصطفافات وخارطة تحالفات جديدة.
رابط دائم: