رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ملاحظات مهمة على منظومة الصحة

مما لا شك فيه أن منظومة الصحة فى مصر تطورت بشكل إيجابى، ومازالت تتطور للأفضل، والأدلة على ذلك كثيرة، أشرت إليها فى مقالات سابقة، ورغم ذلك تبدو هناك بعض الملاحظات، التى توجب وضعها فى الحسبان، لتعظيم مكتسبات تطوير منظومة الصحة، حتى تؤتى ثمارها المأمولة. فالناس فى مصرتنقسم من حيث توفير الغطاء الطبى إلى ثلاث فئات، الأولى المشمولون برعاية طبية كاملة من جهة عملهم، وهؤلاء، تتوافر لهم الرعاية الطبية الكاملة، دون أن يتكلفوا شيئا يذكر، مهما تبلغ تكاليف الرعاية، ومنهم من يتحمل جزءا من تلك التكاليف، ولكن فى نهاية الأمر، هم مشمولون بغطاء طبى، يتيح لهم تلقى الخدمة الطبية بشكل محترم.

الفئة الثانية، المشمولة بتأمين صحى، وهؤلاء تتوافر لهم رعاية طبية يوفرها لهم قطاع التأمين الصحى فى مصر، ورغم عدم وصول نظام التأمين الصحى الشامل ليغطى جميع المواطنين، إلا أن منظومة التأمين الصحى التى تتطور تغطى كل المشمولين برعايتها، رغم ما يشوبها من بعض العوار متمثلا فى قلة بعض الإمكانيات، التى قد تؤخر إجراء بعض العمليات الجراحية للمحتاجين لبعض الوقت، حتى تتوافر الظروف المناسبة، من وجود أسرة فارغة، أوغرفة العمليات لإجراء تلك الجراحات.

الفئة الثالثة، غير مغطاة طبيا بجهة عمل، حيث لا يوجد عمل ثابت يوفر الحماية الطبية، كما لا يشملها التأمين الصحى، لظروف مختلفة، تلك الفئة تحديدا، تتكفل الدولة بعلاجها بصدور قرار علاج على نفقة الدولة، من خلال تقديم ما يفيد بأن الحالة لا تخضع لتأمين صحى، ولا يوجد لها غطاء طبى من أى جهة أخرى، وللحقيقة، تلك الإجراءات لا تأخذ وقتا طويلا.

إذن أين تكمن المشكلة؟

تكمن فى كيفية مواجهة الظروف الطارئة، منذ عدة أيام، تعرض أحد راكبى الدراجات النارية، لحادث سير عنيف، نتج عنه إصابته بكسر شديد فى عظمة الفخذ الأيمن بدرجة كبيرة، ولأنه يعمل فى مهنة حرة، يأخذ منها أجره يوما بيوم، فكانت ظروفة المادية لا تمكنه من تحمل نفقات العلاج.

نقله الناس لأقرب مستشفى لموقع الحادث، وتم عمل الأشعات اللازمة، التى أكدت ضرورة إجراء جراحة عاجلة بتركيب شرائح ومسامير طبية لعلاج الكسر، وقدرت تلك التكاليف بمبلغ 15ألف جنيه، ورفضت المستشفى إجراء الجراحة إلا بعد دفع التكاليف اللازمة، رغم خطورة الحالة، ولولا أن من الله عليه بمن قدم له المساعدة، ما تمت الجراحة. تلك الحالة وشبيهاتها، توضح أن هناك خللا فى إدارة المنظومة الطبية، فالدولة تتكفل بالرعاية تماما، ولكن كيف تصل إلى مستحقيها، هذا هو المحك الرئيسى، وهنا أتساءل، لماذا لا نتخذ بعض التدابير التى من شأنها معالجة تلك الحالات، دون الدخول فى تفاصيل بيروقراطية عقيمة ، لا تسمن ولا تغنى من جوع.

فما الضير، لو تمت الجراحة بالشكل المطلوب، ثم يتم إرسال جميع البيانات الخاصة بهذا المريض إلى الجهة المختصة، موضحا بها كل التفاصيل التى تؤكد أحقية صدور قرار علاج على نفقة الدولة، وكذلك الأشعات والتحاليل الطبية التى توضح الحالة الصحية للمريض، مع كشف بالنفقات التى تكبدتها المستشفى المعالج، وبعد التأكد من صدق البيانات وجديتها، تتلقى المستشفى التكاليف التى أنفقتها، أليس ذلك أفضل من أن ينتظر المريض صدور القرار، ويظل يعانى عدة أيام حتى يتلقى العلاج، ألا يمكن التفكير فى آلية ليستفيد هذا المريض وأمثاله، حتى نجنبه الوقوع فى براثن الانكسار والمهانة.

وأعرج على ملاحظة أخرى ، لا تقل أهمية عن سابقاتها، منظومة الرعاية المركزة، قد تتعرض لظرف طارئ، يستدعى الدخول إلى الرعاية المركزة، ونحن هنا أمام نفس الفئات السابقة بنفس تفاصيلها، إلا أن هناك ظاهرة جديدة، تتعلق بنقطة الرعاية المركزة بالتحديد، فقد لاحظت أن هناك بعض المستشفيات الخاصة، يؤجر وحدات الرعاية المركزة الموجودة به لأحد الأشخاص، ليكون هو المسئول عن إدارتها بشكل كامل، وإذا أردت التعامل مع إدارة المستشفى بأى شأن يخص الرعاية، ترفض معللة الأمر، بأن للرعاية إدارة منفصلة بذاتها!

وأسعار أسرة الرعاية فى مصر متفاوتة بشكل كبير، وأحيانا تصدمك الأسعار، وبتنا لانعرف لماذا هذه الفروق الضخمة فيها، وهل الأمر متعلق بجودة الرعاية من مكان لآخر، وهو ما يستلزم هذا الفارق الكبير.

وإذا كان الأمر كذلك، كيف يسمح بوجود مكان مرخص للرعاية المركزة بجودة أقل، مما يعرض حياة المريض لخطر داهم، فبدلا من دخوله مستنجداً يتمنى الشفاء، يتحول الأمر لكارثة، قد تؤدى إلى الموت. أما إذا كانت فروق الأسعار لا علاقة لها بالجودة، فما هو مبررها، لاسيما أن هناك معايير دولية طبية متعارفا عليها لغرف الرعاية المركزة، فهل هى مطبقة لدينا؟ خاصة أن من يؤجر مكانا مثل هذا، يسعى بالأساس لتغطية نفقاته، ومن ثم تحقيق هامش من الربح، أعتقد أن هذا الأمر بالتحديد فى حاجة إلى مراجعة طبية عاجلة، لوضع النقاط على الحروف، لأنه يرتبط بشكل مباشر بجودة الحفاظ على حياة الناس، قبل أن يتحول الموضوع لتجارة، يقتات أصحابها على دماء الغلابة.

لأنه من البدهى، تكاليف الرعاية المركزة الأقل تعنى إمكانيات بقدرها، بما يعرض حياة المرضى للخطر، فهل لابد من وقوع كوارث حتى يتم التحرك، لبحث تلك الظاهرة، لاسيما أن هناك مستشفيات ومراكز طبية، تسعى لتحقيق هامش كبير من الربح تضعه فى بداية العام، ومع تحقيقه، يتم صرف مكافآت كبيرة للعاملين، والعكس صحيح، بما يعنى أن هناك من يتعامل مع المرضى بمنظور تجارى بحت!

[email protected]
لمزيد من مقالات عمــاد رحـيم

رابط دائم: