تتسارع وتيرة التصعيد على الأراضى الليبية بشكل مثير.. وأصبح الصراع فى ليبيا ككرة اللهب التى تتدحرج بسرعة ولايستطيع أحد التكهن بنتائجها أو مآلاتها.. الأزمة فى ليبيا معقدة.. وسبب التعقيد هو التدخلات الخارجية والأطماع الإقليمية ومساعى بعض الأطراف لأن تجد موطئ قدم لها على التراب الليبي.. الأطماع كثيرة والرؤى متعددة وتفاعلات الأزمة قابلة للتمدد والتأثير فى المنطقة بكاملها.. ومنذ أن بدأ الحراك فى ليبيا كان التأثير فى مصر مباشرا .. فالحدود بين البلدين تتجاوز الألف كيلو متر.. والتداخل القبلى له تجلياته.. كما أن كثيرا من العائلات والشخصيات الليبية تقيم فى مصر بشكل دائم.. والتبادل التجارى والثقافى والتعليمى من مكونات العلاقة الراسخة بين البلدين.. ما يحدث فى ليبيا من صميم الأمن القومى المصري.. هذا ما عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة.. ومع وقع التصعيد الأخير الذى اعقب توقيع اتفاقية بين حكومة السراج وتركيا.. كان الموقف المصرى واضحا لا لبس فيه.. أن المجلس الرئاسى برئاسة فايز السراج انتهت صلاحيته وفق نصوص اتفاق الصخيرات.. وأن الجهتين الشرعيتين اللتين يجب دعمهما والتعامل معهما هما مجلس النواب والجيش الوطنى الليبى كركيزتين لتثبيت الدولة الوطنية الليبية.. على مدى الأسبوعين الماضيين أجرى الرئيس السيسى اتصالات مكثفة مع الرئيسين الأمريكى دونالد ترامب والروسى فلاديمير بوتين ومع رئيس الوزراء الإيطالى ورئيس الوزراء اليونانى والأطراف الفاعلة فى الاتحاد الأوروبى لتكثيف الجهود الرامية لتسوية الأزمة سياسيا بعيدا عن التدخلات الخارجية والعمل على إيقاف نفوذ الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية.
الموقف المصرى من الأزمة يحظى بقبول وتأثير عالمي.. وهناك تحركات دبلوماسية دولية لإيقاف التصعيد وإفساح المجال أمام الحل السياسى للخروج من دوامة الصراع فى ليبيا بأقل الخسائر .. العالم أجمعه أدان ورفض اتفاق السراج وأردوغان الذى يتنافى مع الأعراف والقوانين الدولية، وأولها: حظر دخول السلاح إلى الميليشيات وقوى الإرهاب.. وليس لدى دول جوار ليبيا الاستعداد أو الطاقة لتحمل موجات جديدة من الإرهاب وتهريب السلاح والبشر. من عصابات وميليشيات استوطنت الأراضى الليبية واستباحتها.. وهو ما يسعى إلى إعادته الرئيس التركى محاولا تكرار النموذج السورى وسياسة الابتزاز التى يلعبها مع مختلف الأطراف.. مصر والعالم لن يقبلوا بسوريا جديدة.. وعلى الأطراف الليبية استيعاب الدرس.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: