ليس إلا مجرد هدنة مؤقتة، مشروع الاتفاق التجارى الجزئى الذى توصل إليه المفاوضون الأمريكيون والصينيون قبل أيام, وسيتم توقيعه فى الأسبوع الأول من يناير. المشروع جزئى لأنه يتعلق بقسم صغير من القضايا الخلافية بين الطرفين، إذ يقتصر على خفض بعض الرسوم التى فرضتها الولايات المتحدة على صادرات صينية إليها قيمتها 120 مليار دولار، من 75% إلى 15%، إضافة إلى التخلى عن فرض مجموعة جديدة من الرسوم أكثر تشدداً كان مقرراً أن تدخل حيز التنفيذ فى منتصف ديسمبر الماضى. وفى مقابل ذلك تعهدت بكين، فى الاتفاق، بالعمل لإحراز تقدم فى المفاوضات حول حماية الملكية الفكرية التى تتهمها واشنطن بانتهاكها، واحترام القواعد المنظمة لعملية نقل التكنولوجيا، فضلاً عن استيراد منتجات أمريكية صناعية وزراعية وخدمية إضافية قيمتها 200 مليار دولار خلال العامين المقبلين.
ولا يشمل مشروع الاتفاق الرسوم التى فرضتها الولايات المتحدة على القسم الأكبر من الواردات الصينية، وقيمتها نحو 250 مليار دولار، الأمر الذى يجعل أثره فى مسار الصراع التجارى بين الدولتين محدوداً. كما أن التعهدات التى قدمتها بكين تبقى مجرد تعبير عن نيات حسنة فى أفضل الأحوال، لأن تنفيذها يتطلب إجراء إصلاحات هيكلية ليست سهلة بأى حال فى النظام الاقتصادى والتجارى والنقدى الصينى فى مجالات الملكية الفكرية، ونقل التكنولوجيا، والخدمات المالية, والعملة. وهذه إصلاحات تحتاج وقتاً طويلاً فى حالة توافر إرادة الشروع فيها.
ويعرف الرئيس الأمريكى ترامب ومفاوضوه هذا جيداً، مثلما يدرك المفاوضون الصينيون أن خفض الرسوم الامريكية على صادرات بلادهم متواضع. ولكن الطرفين يحتاجان هذه الهدنة فى الوقت الراهن، إذ يسعى كل منهما لأن يقدم صورة نصر وهمى، بحيث يزعم الرئيس الأمريكى أن سياسته المتشددة بدأت فى تحقيق أهدافها، وفرضت على الصين الشروع فى إجراء الإصلاحات التى تطالب بها الولايات المتحدة منذ سنوات، بينما يمكن للحكومة الصينية ادعاء أن سياستها فى إدارة الصراع التجارى فرضت على واشنطن البدء فى مراجعة موقفها, والبدء فى خفض الرسوم التى فرضتها.
إنها، إذن، هدنة إجبارية اضطر إليها الطرفان. وهدنة هذا شأنها تكون قلقة بطابعها.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: