تخلت العديد من القصور والمبانى التراثية والتاريخية فى الإسكندرية عن عبق التاريخ الذى جسد حقبا زمنية متعددة وعاصرت شخصيات أجنبية شهيرة، مفضلة المساهمة فى التطور التعليمى من خلال جعلها منارات تعليمية فى عدد كبير من الأحياء خاصة وسط وغرب، أبرزها بيت البارون وفيلا أرنو ومنازل الحى اليهودى فى منطقة محرم بك فضلا عن العجمى.
«الأهرام» رصدت الحالة الإنشائية لعدد من القصور والمبانى التاريخية التى تحولت بفعل الزمن إلى منشآت ومبان تعليمية، إلا أن بعضها يعانى مظاهر التدهور والتردى المعماري، مما يتطلب تدخلا عاجلا من المحافظة لإعادة ترميمها باعتبارها شواهد حقيقية على العصر والتاريخ..
محمد السباعى «مدرس» يقول إن القصور التاريخية التى تحولت الى مدارس فى حى وسط أعطت صبغة تاريخية للطالب اثناء تحصيل الدروس، فالبيئة المعمارية والطرازية الاجنبية الموجودة حوله فى الفصل حاضرة بقوة وتمنحه إيحاء بعبق التاريخ، مما يؤثر ايجابيا على مستوى التحصيل وربط الواقع بالماضى..
أما الدكتور إسلام عاصم، أستاذ التراث بالمعهد العالى للسياحة ونقيب المرشدين السياحيين بالإسكندرية فقال، إن الاسكندرية تذخر بالعديد من المدارس التاريخية التى هى فى الاصل قصور ومبان تراثية منتشرة فى عدد كبير من الإدارات التعليمية، الا ان الاعداد غير محصورة حاليا ولعل أشهرها مدارس الفواطم وبقليس والرمل فى باكوس واحمد بدوى سيد درويش ومبنى إدارة وسط التعليمية، لانها فى الاصل كانت قصور تاريخية.
وأضاف «عاصم» أنه للاسف الشديد لم تستثمر المحافظة ومديرية التربية والتعليم فى الاسكندرية هذا الجانب بشكل تثقيفى وسياحى على المستوى المطلوب، مشيرا الى أنه قام خلال اسبوع التراث السكندرى بالعمل على تثقيف العاملين من مديرية التربية والتعليم والطلاب بهذه المدارس بشكل خاص، من خلال الاستعانة بأساتذة أكاديميين متخصصين فى التاريخ والتراث فى جامعة الاسكندرية للتعريف بالشخصيات أصحاب تلك القصور التى تحولت بعد ذلك إلى منشآت تعليمية، مقترحا ان يتم عمل لوحات على جدران المدارس اومعارض سنوية تشمل قصاصات ورقية وصورا للشخصيات ذاتها ودورها فى الحياة المصرية على مدى تاريخها، على ان يتم ذلك بالتعاون والتنسيق مع مديرية التربية والتعليم لتسهيل الدخول للمدارس..
وفى هذا السياق يقول الدكتور محمد عوض رئيس اللجنة الدائمة للحفاظ على التراث واستاذ العمارة بجامعة الإسكندرية، إن الإسكندرية بها العديد من القصور التاريخية التى تحولت الى مبانى تعليمية بفعل الزمن، مثل بيت البارون دومانش وفيلا أرنووحى اليهود الذى كان مكان لتجمع الاثرياء اليهود فى ذلك الوقت، مثل فيلكس جرين والبارون وقصر زغيب الموجود أمام سينما شارع فؤاد، مشيرا الى أنه للاسف هناك بعض القصور التى تحولت الى مدارس تعانى من مظاهر التدهور والتردى المعمارى والإنشائي، ومع ذلك لا تعبأ مديرية التعليم بترميمها وتستغل المبنى دراسيا فى نفس الوقت.
وأوضح «عوض» أن قصر البارون هو أحد القصور القديمة الاثرية بحى محرم بك تم تحويله بعد ذلك إلى مدرسة الإسكندرية الثانوية والتى قسمت بعد ذلك إلى مدرستين، وهما المشير أحمد بدوى ومدرسة شدوان بشارع منشا.
ودعا إلى ضرورة الاهتمام بهذه المنشآت التعليمية نظرا لما تتمتع به من تراث حقيقى وجوهرة تاريخية على مدار حقب زمنية جسدت فترات تاريخية لا يمكن اغفالها من عقول المصريين، لذا يجب سرعة الاهتمام بهذه النوعية من المدارس التى تحمل بين طياتها عبق التاريخ والتسويق للحقب الزمنية المهمة للطلاب والمعلمين، من خلال وسائل تثقيفية وتوعوية للتعرف على الجوانب التاريخية لاصحاب تلك المدارس بدلا من إهمالها وتجاهلها باعتبارها كنزا لا يقدر بثمن.
رابط دائم: