على الرغم من أن الليبيين ثاروا على نظام حكم والده العقيد الراحل معمر القذافي، فإن سيف الإسلام القذافى - يده اليمنى كما وصفه البعض، يعود الآن إلى الواجهة السياسية كمرشح رئاسى محتمل لقيادة ليبيا فى مرحلة حرجة جدا. اكتسب نجل القذافى خبرات سياسية خلال فترة حكم والده، حيث برز دوره بعد الوساطة التى قام بها عام 2007 فى قضية الفريق الطبى البلغارى الذى أفرج عن أفراده بعد أن أمضوا 8 سنوات بالسجن فى ليبيا، كما فاوض من أجل تعويض ضحايا الاعتداء على طائرة لوكيربى بأسكتلندا عام 1988 التى اتهمت فيها ليبيا.
بالإضافة إلى قيامه بوضع ما وصفه بالمخطط الإصلاحى فى مجال الصحافة، الذى نجح على إثره عام 2007 فى إطلاق أول محطة تليفزيونية خاصة وصحيفتين خاصتين فى ليبيا ثم تغير المشهد عام 2011، عندما اندلعت الثورة الليبية، و تم اعتقال القذافى «الابن» فى مدينة الزنتان غرب ليبيا، عقب الإطاحة بحكم القذافى «الأب»، ووجهت له تهم تدينه بارتكاب جرائم حرب، من بينها قتل المتظاهرين والتحريض على العنف خلال الثورة الليبية، ولكن بعد ست سنوات من الاعتقال تم الإفراج عنه بموجب عفو عام صدر عن البرلمان الليبي، لكنه مازال مطلوبا من المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وعلى الرغم من الانتقادات التى يواجهها، فإنه لا يزال هناك من يؤيد سيف القذافى فهل المؤشرات الحالية توحى بالفعل بعودة ليبيا مرة أخرى لحكم «القذافي» عن طريق الاقتراع الشعبي؟ وما هى حظوظه الواقعية لكسب الرهان الرئاسي؟
أخيرا، نشرت صحيفة «تايمز» البريطانية تقريرا مطولا سلطت فيه الضوء على صعود نجم سيف الإسلام، بعد مرور 7 سنوات من الإطاحة بوالده، كما نشرت حركة «مانديلا ليبيا» فى تونس نتائج استطلاع للرأى بشأن منصب الرئيس فى ليبيا، أظهرت تأييد 90% من المشاركين لسيف الإسلام رئيسا لإعادة بناء الدولة ولاستكمال المشاريع فى البلاد. وكان السؤال الذى طرحته الحركة هو «هل تؤيد المهندس سيف الإسلام رئيسا لإعادة بناء الدولة واستكمال مشاريع ليبيا الغد»؟ وشارك فى الاستطلاع 71065 شخصا، وصوت 91٫64%، لمصلحة سيف، بينما صوت بـ»لا» نحو 8.36% من المشاركين.
وكانت حملات شعبية قد انطلقت خارج وداخل لبيبا للمطالبة بدعم ترشح سيف الإسلام لرئاسة ليبيا واستكمال مشروع ليبيا الغد، وإنهاء الأزمة السياسية التى تشهدها البلاد منذ احتجاجات 17 فبراير 2011. وحسب مراقبين، فإن سيف القذافى يحظى بمكانة كبيرة داخل ليبيا، وله من الرصيد الشعبى ما يؤهله لأن يكون القاسم المشترك بين الليبيين جميعهم، لأن له من المؤهلات الاجتماعية والسياسية، ما يجعله يجمع الليبيين، فى أغلبهم على كلمة سواء، وله مشروع مصالحة سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، وله علاقات دولية واعدة.
ولا تكمن أهمية الحدث فى مجرد ترشح شخصية مثل سيف الإسلام، بل فيما سيترتب عليه من واقع سياسى جديد فى ليبيا سيكون سيف القذافى أحد أوراقه القوية الجديدة، إن لم يكن أقواها على الإطلاق، خاصة فى ظل إفلاس كل البدائل المطروحة حاليا فى أن تلبى الأدنى من طموح الليبيين فى الأمن والاستقرار واسترجاع سلطة الدولة.
إذا كان الليبيون يريدون ديمقراطية حقيقية فليكن دستورا جديدا لليبيا وانتخابات حرة وشفافة، فلو تحقق ذلك وشارك الليبيون فى الداخل والخارج فى انتخابات حرة وديمقراطية - مع العلم أن نصف الشعب الليبى اليوم يعيش خارج ليبيا - فربما سيكون لسيف الإسلام القذافى موطيء قدم فى ليبيا.
رابط دائم: