فى تصرف غير مفهوم، انفردت هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.» ببث حوار مع القيادى الإخوانى محمود حسين الذى انتهز الفرصة لتكرار أكاذيب الجماعة الإرهابية حول نبذها للعنف، واضطرارها للجوء إليه بسبب استدراج الدولة المصرية لها، مع تقليله من خطورة الانشقاقات التى تشهدها الجماعة، وأدت إلى تفككها بصورة نهائية.
ويشير إصرار الشبكة البريطانية على نشر مثل تلك الحوارات إلى مدى اختراق عناصر جماعة «الإخوان» لطاقمها التحريري، فى تجاهل يبدو متعمدا من جانب الجهات البريطانية التى تدير الشبكة لما سبق أن أعلنته لندن بشأن تصنيفها الجماعة كمصدر لنشر التطرف.
جاء ذلك فى البرنامج الذى أذاعته فضائية «بي.بي.سي.» العربية بعنوان «بلا قيود»، والذى استضاف المذكور وتم تقديمه على أنه «الأمين العام لجماعة الإخوان»، وكان واضحا للغاية أن هذا الحوار تم الترتيب له وبثه بهذه الطريقة فى محاولة تحسين الصورة، تحت ستار استضافة «شخصيات معارضة» من دول عربية مختلفة. واستغل حسين ظهوره فى البرنامج ليردد ما تريد أن تقوله الجماعة فى الوقت الحاضر، رغم «احتضارها» منذ زمن، فنفى أولا حدوث أى انشقاقات داخل صفوف الجماعة، مدعيا أن المنشقين عن الجماعة لا يمثلون أكثر من واحد فى المائة، كما نفى أيضا إقصاء العناصر الشبابية، وإقصاء المرأة أيضا، عن عملية اتخاذ القرار. وإمعانا فى «التلميع» عبر الشبكة البريطانية، ولو على حساب شهداء مصر الذين سقطوا ضحايا للعنف والعمليات الإرهابية منذ عام 2013 وحتى يومنا هذا، نقلت البى بى سى عن حسين قوله إن الجماعة متمسكة بسلميتها رغم محاولات استدراجها للعنف!!
وفى هذا الإطار أيضا، وضمن تصريحاته التى لا تجد من يفندها أو يرد عليها أو يفضح كذبها، زعم حسين أنه لا توجد علاقة لجماعة الإخوان مع تنظيمى «حسم» و«لواء الثورة»، على خلاف الحقيقة بطبيعة الحال.
وزعم أيضا أن قيادات الجماعة تنتظر خروج عناصرها من السجون للوقوف على الخطأ وتعديل مسارها، وهو التصريح الذى ينبغى أن يتم النظر إليه بعين الاعتبار، لأنه يوضح أن الجماعة على الأرجح تعتزم العمل على تجميع صفوفها وإعادة شحن عناصرها بمجرد خروجهم من السجون تباعا، وبخاصة أولئك المحكوم عليهم بالسجن لسنوات معدودة.
والسؤال هنا، هل من الطبيعى أن تستضيف شبكة تليفزيونية بريطانية تقول عن نفسها إنها مستقلة مسئولا قياديا فى جماعة تمارس العنف، ومحظورة بحكم القانون فى أكثر من دولة، وليس مصر وحدها، بل ووصفها تقرير الحكومة البريطانية الشهير بأوصاف أقلها أنها جماعة «متطرفة»؟
وإذا كان هذا طبيعيا، فهل من الطبيعى أيضا، أو من المنطقي، أن تفسح شبكة إعلامية أبوابها لتكون منصة دعائية لحزب سياسى أو جماعة أو تنظيم، حتى وإن كنا بصدد الحديث عن حزب سياسى مشروع أو تنظيم معترف به؟
إن المتابع لأداء البى بى سى المهني، وتحديدا عبر شبكتها العربية، يتيقن من أنه لا شيء يحدث فى هذه الوسيلة الإعلامية فيما يتعلق بالشأن المصرى من قبيل المصادفة أو الخطأ أو السهو.
وإذا كانت البى بى سى قد اشتهرت منذ عقود باستضافتها كل من هو محظور أو ممنوع فى عالمنا العربي، من سياسيين ومثقفين، لتحقيق مزيد من المقروئية أو الاستماع أو المشاهدة، تحت شعار أن «الممنوع مرغوب» فى عالمنا العربي، فهل من المقبول أن تمتد هذه الاستضافة لتشمل قياديين فى جماعة تلجأ للعنف، وأبسط ما قيل عنها إنها مصدر للفكر المتطرف، ولها علاقات مع شبكات التطرف فى العالم؟!
من يمكن أن يجيب على هذه الأسئلة؟!
رابط دائم: