أى متابع للمشهد الأمريكى الصاخب لابد أن يقع أسيرا لسؤال بالغ الأهمية هو: من الذى يحكم أمريكا؟
هل هو الكونجرس أم هى المؤسسات المعنية بشئون الأمن القومى مثل المخابرات المركزية والبنتاجون ووزارة الخارجية.. أم أنها قوة رأس المال التى تعبر عن نفسها بوضوح فى شتى مجالات الحياة الأمريكية بما فى ذلك توجيه دفة الآلة الإعلامية.
الحقيقة أن هذه الدوائر مجتمعة وغيرها من الدوائر البحثية والاستراتيجية تشكل أدوات الحكم التى يستحيل على أى رئيس أمريكى أن يتجاهلها قبل أن يخطو أى خطوة على طرق الداخل أو فى فضاء الخارج.
ولأن الأزمات المتلاحقة بين الكونجرس والبيت الأبيض تقترب من الوصول إلى طريق مسدود بعد انتزاع الحزب الديمقراطى الأغلبية فى مجلس النواب وانصراف عدد كبير من رموز الحزب الجمهورى عن التأييد المطلق للرئيس ترامب فى مجلس الشيوخ تحت تأثير التداعيات المتعلقة بتوتر العلاقات مع السعودية على هامش مقتل جمال خاشقجى، وانعكس فى التصويت الأخير لمجلس الشيوخ فإن ساحة المواجهة انتقلت إلى ملعب الرأى العام.
ومع إدراك ترامب لانحياز وسائل الإعلام ضده بشأن الحرب فى اليمن ومقتل خاشقجى بدأ الرئيس الأمريكى فى الاستثمار الجيد للشعار الوحيد الذى يتفق عليه الأمريكيون ويرددونه قولا وعملا صباح مساء «دولار قوى لكى تستمر أمريكا قوية على الدوام» لتصبح المواجهة فى ملعب الرأى العام الخاضع لتأثير قوة الدولار وقوة الإعلام.
ولعل من أكبر المفارقات أن من يملكون توجيه دفة الدولار هم أنفسهم من يملكون النصيب الأكبر من وسائل الإعلام الأمريكى ويشكلون أقوى لوبى فى أمريكا وهم معروفون تاريخيا بأنهم أصحاب النفوذ الأقوى خلف قوة الدولار ووراء قوة الإعلام.. وغدا ستجيب الحوادث لمن ستكون الغلبة ولمن سينحاز لوبى المال والإعلام! ولا يقل لى أحد أن فى أمريكا حرية صحافة مطلقة، وإنما هناك حرية صحافة مبرمجة لمن يدفع ويمول ويسيطر!
خير الكلام:
<< العدالة بغير قوة «عجز» والقوة بغير عدالة «ظلم»!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: